الجمعة، 29 يونيو 2012

إعلان من منظمة الصحة العالمية


أعلنت منظمة الصحة العالمية بشكلٍ رسمي أن الملوثات التي تنبعث من حرق وقود الديزل في محركات الديزل من سيارات ومولدات الكهرباء وغيرهما تؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة.

فقد وَضعتْ الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية الأدخنة والملوثات التي تنبعث عند حرق الديزل ضمن المواد المسرطنة، مثلها مثل التدخين، والأسبستس، والأشعة فوق البنفسجية، والخمر.         

وهذا التصنيف من هذه الوكالة البحثية المتخصصة لم يأت اعتباطاً أو مسيساً أو من أجل مصلحة دولة بعينها، وإنما بُني على أسسٍ علمية وطبية مستخلصة من عددٍ كبيرٍ من الدراسات الموثوقة حول التأثير الصحي المزمن للملوثات التي تنطلق عند حرق وقود الديزل، وبخاصة من السيارات.

فالدراسات جاءت متواترة حول انعكاسات دخان الديزل، وأجمع العلماء على خطورتها على الصحة العامة، والأمراض المتعددة التي تنجم عن التعرض المستمر لهذه الأدخنة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك دراسة نُشرت في مارس 2012 في مجلة المعهد الأمريكي القومي للسرطان تفيد بأن الجسيمات الدقيقة المتناهية في الصغر التي تنبعث من سيارات الديزل والتي تحتوي بداخلها على ملوثات كثيرة أخرى تؤدي إلى الإصابة بالسرطان. كما نَشَرتْ مجلة جمعية الأطباء الأمريكيين في العدد الصادر في فبراير 2012، دراسة تشير إلى العلاقة بين التعرض لفترة زمنية قصيرة للملوثات الناجمة عن عوادم السيارات وارتفاع احتمال الإصابة بالذبحة الصدرية والسكتة القلبية. وأكدت على هذه النتائج، دراسة نُشرت في المجلة البريطانية للطب في سبتمبر 2011، حيث تبين أن هناك علاقة مباشرة بين التعرض للذبحة الصدرية ونوعية الهواء الذي يستنشقه الناس ويتعرضون له في كل ثانية، إضافة إلى أن تدهور نوعية الهواء بسبب السيارات يؤدي في بريطانيا إلى الموت المبكر، وتقدر أعدادهم بـ 29 ألف سنوياً، منهم 4200 في لندن وحدها.

كذلك أكدت دراسة شملت 25 مدينة أوروبية، واستغرقت ثلاث سنوات على أن تلوث الهواء من الجسيمات الدقيقة يُكلف خسائر مالية تقدر بـ 43 بليون دولار بسبب الأمراض المزمنة التي تنجم عنه، إضافة إلى أن هذه الأمراض تقلل من معدل عمر الإنسان بسنتين.

وعلاوة على ذلك، أكدت دراسة حول العلاقة بين عدد الأموات من حوادث السيارات والموت المبكر بسبب التعرض لملوثات السيارات، أن أكثر من 5000 شخص يلقون حتفهم لإصابتهم بسرطان الرئة وأمراض القلب، مقارنة بـ 1850 فرداً يموتون بسبب الحوادث المرورية.

ولذلك من الواضح أن تلوث الهواء من السيارات، وبخاصة السيارات التي تعمل بوقود الديزل له انعكاسات خطرة تهدد حياة الناس، وتسبب لهم العديد من الأمراض المزمنة، وعلى رأسها السرطان.

وقد نبهتُ شخصياً إلى هذه الحقيقة منذ سنوات، وقدمت شرحاً مسهباً لكافة الأبعاد المتعلقة بالسيارات في كتابي تحت عنوان: السيارات: المشكلة والحل، وشَخصتُ في الكتاب قضية السيارات من الناحية البيئية، والصحية، والاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية، كما قدمت في الوقت نفسه الحل الذي أراه لمواجهة هذه المشكلة العصرية المعقدة والمتشابكة من خلال تبني ما أطلقتُ عليه الحل المتكامل والشامل”، بحث تقوم كافة الجهات الحكومية التنفيذية، والجهات التشريعية، والجمعيات والأندية، والأفراد بدورهم في المساهمة في حل القضية، فيتحمل كل مسؤوليته حسب اختصاصه وإمكاناته.

ولذلك لا بد لنا في البحرين أن نتجاوب مع إعلان منظمة الصحة العالمية ونتخذ الخطوات العلاجية والوقائية للحد من خطورة عوادم السيارات على الصحة العامة.



الثلاثاء، 26 يونيو 2012

الفلاحون في فوكاشيما يؤدون الصلاة


الفلاحون في مقاطعة فوكاشيما التي ضربها الزلزال فأحرق المفاعلات النووية المشعة في مارس 2011، يقيمون الآن الصلاة ويدعون الله من أجل أن يكون حصاد هذه السنة من الرز خالياً من الملوثات المشعة وأن يبارك لهم في زرعهم وثمرهم.

ففي الموسم الماضي اضطر المزارعون إلى التخلص من مئات الأطنان من الرز الذي سهروا أشهراً طويلة على زرعه وضمان نموه، وذلك بسبب الملوثات المشعة التي انتقلت إلى الرز من الهواء والتربة إلى جذور الرز والثمر نفسه.

فقد أعلنت الجهات الحكومية المعنية في 20 مارس 2012 عن اكتشاف نسب مرتفعةٍ من عنصر السيزيم المشع في التربة الزراعية حول مجمع دايشي النووي في فوكاشيما، حيث بلغ 154 ألف بيكرلز من السيزيم المشع في الكيلوجرام من التربة، كما أكدت التحاليل التي أجريت على عينات من الرز من الموسم الماضي لعام 2011 أن الرز كان ملوثاً بالإشعاع حيث وصل التركيز إلى 630 بيكرلز من السيزيم في الكيلوجرام من الرز، علماً بأن المعايير اليابانية الجديدة لنسبة الإشعاع المسموح به في المواد الغذائية هو 100.

فقد قامت الحكومة بشراء حصاد السنة الماضية من الرز مساعدة للفلاحين ودعماً لهم على خسارتهم الفادحة وفقدان مصدر رزقهم الوحيد، وهذا الحصاد كله يجثم الآن في مخازن الحكومة إلى أجلٍ غير مسمى، لا يعرف ما هو مصيره وكيف سيتم التعامل معه والتخلص منه بطريقة آمنة وسليمة. وعلاوة على الرز المشع، فإن آلاف الأطنان من المخلفات الزراعية الناجمة عن زراعة الرز، وهي أيضاً مخزنة ولا تعرف ماذا سيكون مصيرها.

وهذا العام مع بدء موسم زراعة الرز ووضع البذور في الأرض منذ شهر مايو، توجه المزارعون إلى الله لِيُسلِّم زرعهم وثمرهم من شر الملوثات، ويجعل مُنتجهم من الرز خالٍ من الإشعاع.

ومنذ الآن وحتى يحين موسم الحصاد وجني الثمر في شهر أكتوبر من العام الجاري، فإن المزارعين وأُسرهم في صلاةٍ دائمة لا تنقطع، وفي ترقب مستمر ليوم الحسم.

ونحن يجب أن نشاركهم الصلاة والدعاء، فأكل الرز من الوجبات التي لا يمكن أن نستغني عنها.


السبت، 23 يونيو 2012

الصين تنذر السفارات والبعثات الدبلوماسية


أرسلتْ الصين إنذاراً رسمياً إلى كافة السفارات والبعثات الأجنبية المعتمدة في الصين، وهذه المرة لم يكن إنذاراً لأسباب سياسية، أو أمنية، أو متعلقاً بقضية حول حقوق الإنسان، كما هو في الحالات التقليدية العادية التي تَحدث بين الدول.

فالبيئة هي التي كانت السبب في إنذار الصين للسفارات وتوتر وخدش العلاقات بينها وبين الدول الأخرى، وبالتحديد سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بكين.

وجاء هذا التنبيه الرسمي بسبب قيام سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بكين بمراقبة جودة الهواء في العاصمة، وبالتحديد قياس تركيز الجسيمات الدقيقة، عن طريقٍ جهاز واحد مثبت فوق سطح المبنى منذ عام 2008.

وهذا العمل في حد ذاته لم يغضب الحكومة الصينية في بداية الأمر، ولكن الذي أثارها واستفزها هو قيام السفارة الأمريكية بنشر المعلومات الخاصة بجودة الهواء في كل ساعة وعلى مدار اليوم والسنة في حساب السفارة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل التويتر.

وبالرغم من ذلك فقد أمسكت الصين غضبها وضبطت نفسها لفترة من الزمن. ففي البداية غضت النظر عن هذه الممارسات، ثم في مرحلة تالية أبدت اعتراضها ولكن بشكلٍ صامت لم يُحدث أي خللٍ في العلاقات الثنائية، ولم يحدث أي ضجةٍ إعلامية. ولكن بعد أن تبين للحكومة الصينية أن هذه القراءات المنشورة على التويتر عن وضع وحال الهواء غير الصحي للإنسان تفضح الصين، وتُبين سوأتها البيئية، وتكشف عورتها أمام شعبها ودول العالم أجمع من خلال متابعة أكثر من 20 ألف صيني للنتائج التي تنشرها السفارة الأمريكية، فعند ذلك اضطرت الحكومة الصينية إلى أن تُبدي انزعاجها واستيائها وتقديمها احتجاجاً رسمياً ضد السفارة الأمريكية.

وجاء هذا الإنذار الحكومي من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده نائب وزير البيئة الصيني في 5 يونيو، حيث دعا السفارات الأجنبية إلى التوقف فوراً عن نشر المعلومات والتقارير الخاصة بجودة الهواء الجوي في المدن الصينية، وأكد على أن الحكومة الصينية فقط هي التي لديها الصلاحيات لمراقبة الوضع البيئي لعناصر البيئة الحية وغير هي الحية، وهي فقط المسئولة عن نشر أية معلومات عن صحة وسلامة البيئة ومكوناتها في الصين. 
 
ولكن الحكومة الأمريكية لم تقف متفرجة على هذه التهديد الصيني وجاء الرد سريعاً، ففي اليوم التالي، وبالتحديد في 6 يونيو، قال المتحدث والناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية: “إن السفارة الأمريكية في الصين لن تتوقف عن نشر المعلومات المتعلقة بجودة الهواء في المدن الصينية، وليست لديها مانع من قيام الحكومة الصينية بنشر المعلومات عن جودة الهواء في المدن الأمريكية”.

وفي الجانب الصيني لم يتأخر الرد أيضاً، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية في لقائه الدوري مع الصحافة على موقف الصين بشأن منع السفارات والبعثات الدبلوماسية الأجنبية من نشر المعلومات الخاصة بجودة الهواء في وسائل الإعلام الجماهيري ووسائل الاتصال الاجتماعي، كما قال: إن الصين ليست لديها الرغبة في مراقبة ونشر المعلومات الخاصة بجودة الهواء في المدن الأمريكية، وإن قيام الدبلوماسيين الأجانب بمراقبة وقياس جودة الهواء لا يتفق مع معاهدة فينا حول العلاقات الدبلوماسية ويجب على السفارات التقيد بالأعراف الدولية واحترام قوانين وأنظمة الصين والتوقف عن الأنشطة غير المسئولة”.

وهذه القضية البيئية السياسية تعكس العلاقات المتوترة بشكلٍ مستمر بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في مختلف القضايا، كما أنها تؤكد على أن معظم دول العالم تحاول إخفاء المعلومات المتعلقة بجودة مكونات البيئة بشكلٍ عام، وبخاصة جودة الهواء الجوي، فالشفافية في هذه القضية شبه معدومة، ولا تتحقق إلا بضغط الشعوب على الحكومات بضرورة نشر جميع المعلومات البيئية، فهي حق أصيل يمس حياة المواطن وأمنه الصحي، ولذلك يجب أن يعرفه الجميع ويطلع على تفاصيلها الدقيقة.

 


الجمعة، 15 يونيو 2012

شركة الميكروسوفت


شركة الميكروسوفت العملاقة التي غزت أسواق العالم، ودخلت إلى مكاتبنا، ومنازلنا بإصدار برنامجها الذي لا مثيل له حتى الآن “الوندوز”، تقوم حالياً بإجراء تغييراتٍ جذرية وجوهرية على كافة عملياتها اليومية وأسلوب تشغيل الشركات التابعة لها، فهي تعمل ما يُطلق عليه “بالتدقيق البيئي الداخلي” الذي يشمل كل صغيرة وكبيرة تقوم بها الشركة بهدف خفض انبعاث عمليات الشركة وممارساتها اليومية للكربون، أو بعبارة أخرى التقليل من انبعاث الغازات المتهمة برفع درجة حرارة الأرض وإحداث التغير المناخي.  

فلو تَجولتَ في موقع الشركة ستجد مُدونة تقول: “العمل على قضايا استخدام الطاقة والتحسين البيئي يُعطينا ويُقدم لنا فرصة أخرى لنطور العالم ونقدم شيئاً جديداً، وهي فرصة لإحداث تغييرات ايجابية، ولذلك سنقوم بحلول الأول من يوليو بالالتزام بسياسة خفض إنبعاثات الكربون من مراكز المعلومات، ومختبرات البرامج، والمكاتب، وسفر الموظفين”. ولتنفيذ هذه الرؤية الجديدة على المستوى العملي، ستقوم الشركة بالتدقيق البيئي على كل وحدة من حيث استهلاكها للطاقة وإنتاجها للكربون، واستخدامها لمصادر الطاقة البديلة والنظيفة. 

وهذا التوجه الجديد للشركة يتوافق مع التوجه الدولي من حيث العمل على خفض إنبعاثات الدول والمؤسسات الخاصة والعامة لحجم الملوثات التي تنبعث من عملياتها والمتعلقة برفع درجة حرارة الأرض والتغير المناخي.

ولذلك تسعى كل شركات العالم على تحقيق هذه السياسة مهما كان نوع هذه الشركة والأعمال التي تقوم بها.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، اتجهت شركات إنتاج الكوكا أو الشوكولاته إلى تحويل كل عملياتها التشغيلية والإنتاجية، بدءاً بالإنتاج الزراعي لأشجار الكوكا من جرنادا وجزر الكاريبي الأخرى، إلى مرحلة نقل الكوكا إلى أوروبا وغيرها. ففي عمليات الزراعة تم استخدام الآليات والمحركات التي تعمل بالطاقة النظيفة المتجددة وهي الطاقة الشمسية بدلاً من الديزل أو الجازولين، كما تقوم شركات نقل الكوكا عبر المحيط الأطلسي إلى استخدام السفن الخشبية الشراعية التي تسير بطاقة الرياح بدلاً من سفن الديزل أو أنواع الوقود الأحفوري الأخرى، وأول سفينة شراعية اُستخدمت لهذا الغرض هي ترس همبرس، والتي قامت برحلتها الأولى قبل أسبوع من جرنادا، ووصلت إلى ميناء بورتس موث البريطاني.

ولكن ما هو المقصد وراء هذه السياسة التي تتبناها الدول والشركات الخاصة؟

في رأيي الشخصي هناك هدفان لهذه السياسة. الهدف الأول اقتصادي بحت ويسعى إلى تخفيض نفقات التشغيل لهذه الشركات من خلال تغيير الممارسات اليومية وتغيير اتجاهات وسلوكيات الأفراد العاملين في هذه الشركات، وبخاصة في مجال تقنين وترشيد استهلاك الطاقة، واستعمالها بطريقة أكثر فاعلية وجدوى. فكل هذه الممارسات تؤدي في نهاية المطاف إلى خفض تكاليف التشغيل وتوفير مبالغ كبيرة من المال من خلال انخفاض فاتورة الكهرباء.

أما الهدف الثاني فهو يصب في التزامات الدول البيئية والأخلاقية المتعلقة بخفض انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى المعنية بالتغير المناخي حسب بروتوكول كيوتو، والتزامات وتعهدات الدول تنعكس على الشركات والمصانع الموجودة في تلك الدولة. فكل مؤسسة مُلزمة من قبل الدولة على أن تقوم بواجبها وتتحمل مسؤوليتها من ناحية خفض مستوى انطلاق أنشطتها اليومية من الملوثات إلى الهواء الجوي.

ولذلك فإن قيام الشركات بالتعديلات الجذرية على أعمالها تنبع أساساً من الدافع والحافز الاقتصادي، ولكن لحسن الحظ أن هذه التعديلات والتغييرات لها مردودات ايجابية تنعكس على البيئة وثرواتها الحية وغير الحية في الوقت نفسه.