الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

التوقف الجماعي عن التدخين: دعوة لوزارة الصحة



سمعنا وقرأنا من قبل عن الزواج الجماعي في الكثير من دول العالم، ولكن لأول مرة أقرأ في وسائل الإعلام عن التوقف الجماعي عن التدخين، أو قطع التدخين جماعياً على المستوى القومي وعلى مستوى الدولة برمتها.

فقد أعلنت وزارة الصحة البريطانية عن تدشينها لحملة وطنية فريدة من نوعها يشترك فيها جميع المواطنين من المدخنين، مدتها 28 يوماً، وتبدأ من اليوم الأول من شهر أكتوبر القادم، وأَطلقتْ على هذه الحملة التوقف الجماعي عن التدخين في أكتوبر ( Stoptober)، بحيث يتوقف فيها المدخن كلياً عن التدخين لمدة شهرٍ واحد، ويعزف عن الاقتراب منه.

ولا شك بأن قيام وزارة الصحة بهذه الحملة القومية يدل بشكلٍ قطعي ومشهود على وجود مشكلة صحية خطرة قد ضربت أطنابها في أعماق جذور المجتمع، وأصبحت تهدد حياة أفراد المجتمع بوباء صحي مزمن، فهذه الحملة الإبداعية تؤكد على أن عادة التدخين أو الإدمان عليها لا يمكن السكوت عليها بعد اليوم، ولا بد من مواجهتها بشكلٍ حاسمٍ وفاعل، كما أن هذه الحملة تثبت للجميع بأن التدخين قد تحول إلى مشكلة اقتصادية تُرهق كاهل الدولة وتضعف ميزانيتها، إضافة إلى أنها في الوقت نفسه قضية صحية واجتماعية تعاني من الكثير من المجتمعات.

أما على الصعيد الاقتصادي، وهذا هو العامل الرئيس الذي عادةً ما يُحرك الحكومات ويجعلها تأخذ إجراءات صارمة، فإن تقارير وزارة الصحة البريطانية تفيد بأن المردودات السلبية للتدخين تُكلف وزارة الصحة نحو 2.7 بليون جنيه سنوياً، وهذا يعتبر مبلغاً كبيراً جداً، فلا بد إذن من تخفيض النفقات المتعلقة به بكل الوسائل الممكنة.

وأما على الصعيد الصحي، فالتدخين يعتبر أكبر سببٍ للموت المبكر للإنسان بصفةٍ عامة، وفي بريطانيا بصفةٍ خاصة، حيث يموت زهاء 100 ألف بريطاني سنوياً، إما بسبب التدخين المباشر والتعرض للسموم والملوثات التي تنبعث أثناء التدخين والتي تقدر بأكثر من 4000 مادة كيميائية خطرة ومسرطنة، أو بسبب الاختلاط مع المدخنين والجلوس معهم. كما تفيد التقارير الصحية أن هناك زهاء 1200 بريطاني يدخلون المستشفى يومياً بسبب الأمراض الناجمة عن التدخين، ومن أهمها سرطان الرئة، والحنجرة، والفم، والكبد، والبنكرياس، والكلية، والمثانة، والدم، وأمراض القلب، والجهاز التنفسي. أما على المستوى الدولي، فإن فالتدخين يقتل نحو 6 ملايين إنسان، منهم 5 ملايين من المدخنين، وأكثر من 600 ألف من غير المدخنين من التدخين السلبي والجلوس مع المدخنين، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية. 

ولذلك كان لا بد من التصدي لهذه الظاهرة الصحية الخطرة والعادة المُهلكة من خلال حملةٍ قوية ومجدية تتناسب مع حجم المشكلة وانتشار المعاناة بين أفراد المجتمع من المدخنين وغير المدخنين، وكان واجباً على الجهات الصحية في بريطانيا إلى لفتِ أنظار أكثر من 8 ملايين مدخن إلى الحقائق الدامغة حول الانعكاسات السلبية للتدخين بشتى صوره، والأضرار الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية التي تنجم عنه قبل فوات الأوان.

ومن هذا المنطلق فإنني أدعو وزارة الصحة إلى دراسة إمكانية القيام بحملة مماثلة ومبادرة جماعية على الصعيد الوطني في البحرين، حفاظاً على صحتنا وصحة بيئتنا.




الجمعة، 21 سبتمبر 2012

بوتن وحماية الطيور المهاجرة


قبل أيام شاهدنا في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية قيام رئيس روسيا فليدامير بوتن وهو يلبس ملابس بيضاء تشبه لون ريش الطيور بحركة استعراضية بطولية جوية من خلال ركوب الطائرة الشراعية المتحركة، وذلك بهدف حماية نوعٍ من أنواع الطيور المهاجرة المهددة بالانقراض، والتي تعيش في منطقة سيبيريا الباردة، وهذا الطير المُقدس الأبيض اللون يُعرف بالكركي السيبيري.

وعند قيام بوتن بهذه العملية البهلوانية الجريئة، قام بتوجيه هذا السرب من الطيور النادرة أثناء هجرتها الشتوية لكي لا تضل طريقها، فتطير في مسارها الجوي الطبيعي حتى تصل بأمن وسلام إلى منزلها وملجئها الأخير. فهذه الطيور تم إكثارها وتنميتها وتربيتها في الأسر، أي تحت الإشراف المباشر للعلماء المختصين في محميات خاصة للطيور، ولذلك فهي لم تقم بعملية الهجرة السنوية من منطقة إلى أخرى من قبل، ولا بد عند إطلاقها لأول مرة في بيئتها الطبيعية من مساعدتها وإرشادها وتوجيهها نحو مسار الهجرة الفطري الصحيح.

ولكن الغريب في هذه العملية هو التوقيت، حيث إنه قام بهذا الاستعراض عشية استضافته لرؤساء الدول وكبار رجال الأعمال في القمة السنوية لمنظمة آبيك، أو ما تُعرف بمنتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ، وكأنه تحول إلى شابٍ مراهق صغير السن، أو نجمٍ من نجوم الهوليود يريد بهذا الاستعراض جذب أنظار الزوار والرأي العام الروسي والدولي وإبهارهم، وإثارة إعجابهم بقوته الجسمية، وشجاعته، وحبه للبيئة والحياة الفطرية وحماية مواردها وثرواتها الحية وغير الحية. 

وهذا ليس هو العرض الوحيد الذي قام به بوتن أمام أعين وسائل الإعلام وكاميراتهم، فهو يريد أن يُصور نفسه كالبطل المغوار الذي لا يقهر، وأنه يتميز ويتفوق في كل شيء، ويستطيع القيام بأنواع مختلفة من المغامرات الشبابية الشجاعة، فتارة يلبس الحزام الأسود في الألعاب القتالية ويبارز الأبطال المعروفين في لعبة الجودو، وتارة أخرى تجده يركب على ظهر الحصان لمسافات طويلة في مناطق سيبيريا الشديدة البرودة، وأحياناً تراه يقوم بصيد النمور والدب القطبي، أو تجده يسبح في الأنهار الجليدية في القطب الشمالي.

وفي الحقيقة فإنني أؤيد الرئيس الروسي بوتن على هذه العملية التي قام بها وعلى إظهاره لحب الطيور والحفاظ عليها وتنميتها وحماية الكائنات الحية، فهذه الطيور المهاجرة لها أهمية كبيرة لاستدامة حياة الإنسان على وجه الأرض، فهي تقيس ضغط دم الكرة الأرضية، وأي خللٍ في توقيت هجرتها يعتبر مؤشراً قوياً على وجود خللٍ عام في البيئة، كما أن حماية الطيور المهاجرة تتفق مع مبادئ وقواعد حماية الحياة الفطرية من الطيور المهاجرة النادرة والمهددة بالانقراض، وتتماشى مع الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية الخاصة بحماية ورعاية الكائنات الحية المهاجرة، سواء أكانت الطيور في أعالي السماء، أو الكائنات البحرية كالسلاحف وأسماك التونة والدلافين والحيتان في أعماق البحار، أو الكائنات البرية التي تنتقل وتهاجر من منطقة جغرافية إلى منطقة أخرى عبر الحدود الجغرافية المصطنعة بين دول العالم، وعلى رأس هذه المعاهدات الدولية التي تهتم بهذا الجانب هي اتفاقية حماية الأنواع المهاجرة، واتفاقية التنوع الإحيائي.

ولكن ما لا أستطيع أن أفهمه هو أن هذا الحب من بوتن للحياة الفطرية والطيور خاصة، والعمل على إكثارها وحمايتها لا يستقيم بتاتاً مع مواقفه السلبية من كفاح الشعب السوري، ودعمه اللامحدود للأسد، سواء الدعم السياسي في الاجتماعات الدولية، أو الأمني من خلال المد المستمر للأسد بكافة أنواع السلاح، وسكوته الأعمى على المجازر والمذابح التي ترتكب ضد الشعب منذ أكثر من سنة، حتى وصل عدد القتلى بسلاح روسيا إلى أكثر من 24 ألف وعدد الجرحى عشرات الآلاف.

فكيف يمكن تفهم عمل بوتن وعطفه على الطيور وحمايته لها، وفي المقابل التواطؤ المباشر على قتل الإنسان، وتهجيره من وطنه، وإهدار كرامته، فهل حياة الطيور وحمايتها عند بوتن أهم من حياة الإنسان؟

أم أن ما يقوم به هو مجرد جزءٍ من العلاقات العامة المحلية والدولية التي يَظهر فيها بوتن بين فترةٍ وأخرى لكسب الأصوات، ولفت الأنظار نحو شخصيته العظيمة؟ 

الأربعاء، 12 سبتمبر 2012

ألمانيا تعتذر



إذا ذهبتَ يوماً إلى ألمانيا، وبالتحديد زُرتَ مدينة ستولبرج التي تقع في المنطقة الغربية من ألمانيا، فستشاهد تمثالاً غريباً وفريداً من نوعه مصنوعاً من البرونز، لا تُشاهده في أية دولةٍ أخرى في العالم، وهذا التمثال البرونزي يُجسم منظر طفلٍ صغيرٍ لا أطراف له، أي ليست له أيدٍ أو أرجل.

وربما تتساءل معي: ما هي قصة هذا التمثال، وإلى ماذا يرمز منظر هذا الطفل المُشوه خَلْقياً؟

تبدأ قصة هذا التمثال قبل أيامٍ فقط عندما قامت مجموعة شركات عريقة معروفة في ألمانيا بصناعة الدواء وهي مجموعة جرونثال(Grünenthal Group) ممثلة في رئيسها التنفيذي هارالد ستوك بإزالة الستار عن هذا التمثال الذي أُطلق عليه بالطفل المريض، وبعد الانتهاء من مشهد كشف الستار ألقى ممثل شركة الدواء كلمة أعرب فيها عن أسف الشركة العميق واعتذارها عن الكارثة الصحية العضوية والنفسية التي بدأت خيوطها المدمرة تنتشر في معظم دول العالم منذ مطلع الخمسينيات من القرن المنصرم، ووقع ضحيتها أكثر من 20 ألف امرأة من 46 دولة في العالم، وسببت الإعاقات والتشوهات الخَلْقية لعشرات الآلاف من الأطفال الذين وُلِدَ بعضهم بلا أطرافٍ كلياً، أو أطرافٍ ناقصة، كنصف رِجل، أو نصف يد، أو ولدوا بأيدٍ ناقصة تشبه بعض الحيوانات البحرية، أو ولدوا بتشوهات في العين، والأذن، والقلب، والكلى، والجهاز الهضمي.

فالآن وبعد أكثر من خمسين عاماً من معاناة الناس المتضررين والذين عاشوا حياتهم كلها تحت عذاب الإعاقة الجسدية والتشوه العضوي والمعاناة النفسية منذ ولوجهم إلى الحياة الدنيا، تأتي هذه الشركة لتُقدم أسفها لهؤلاء الناس وتعترف بخطئها، إلا أنها بالرغم من ذلك فإنها لم تُحمَّل نفسها المسؤولية الكاملة على هذا الخطأ الجسيم، فقد أفادت بأنها عندما صنعت الدواء المُتهم بارتكاب الكارثة الصحية، قامت بإجراء التجارب الضرورية المتعارف عليها في تلك الحقبة الزمنية، وبعد التأكد من ذلك، قامت بتسويقه على مستوى ألمانيا ودول العالم برمته، وأَطْلقتْ عليه بالدواء الأعجوبة بسبب خصائصه المميزة، فهو مهدئ ومسكن قوي، ويساعد على النوم، ويستخدم لعلاج الصداع، والكحة، والأرق، وبخاصة لمعالجة الأعراض المرضية التي تصيب المرأة الحامل عند الصباح.  
فهذا الدواء الذي يتكون من مركب عضوي اسمه الثاليدوميد(thalidomide) ويُسوق تجارياً على شكل كبسولة بيضاء اللون تحت اسم كونترجن (Contergan) له بالفعل مميزات علاجية خارقة، ولكن ما لم يعرفه الإنسان أن هذا المركب نفسه يعيش على هيئتين شبه متطابقتين، إحداهما يتحد مع مركب الـ دي إن آيه الذي يحمل الصفات الوراثية عند الإنسان وله تأثيرات تسبب تشوهات خَلقية أثناء نمو الجنين وهو في بطن أمه، كما أن هذا الدواء الأعجوبة يمنع نمو أوعية دموية جديدة في الجنين، أي توقف نمو بعض الأعضاء في الجسم فيؤدي إلى ظهور أنواعٍ مختلفةٍ من الإعاقات الجسدية والتشوهات الخَلقية.

ولذلك عَمَّ البلاء في معظم دول العالم، وانتشرت ظاهرة ولادة الأطفال المشوهين، وفي كل دولة تقرأ عن قصصٍ مأساوية للناس الذين تجرعوا كأس هذا الدواء السام، ونظراً لهذا الخطب الجلل والمصيبة الكبرى التي نزلت على أعدادٍ كبيرة من البشر، قام الكثير من الدول، ومن بينها بريطانيا بتأسيس مجلس للعناية بالمصابين ومتابعة حالاتهم، أَطلقتْ عليه “المجلس الاستشاري القومي للثاليدوميد”، وشكلت صندوقاً لذلك تحت اسم “صندوق الثاليدوميد”، كما أن المحاكم في هذه الدول اكتظت بالقضايا ذات العلاقة بهذا الدواء، ومازالت هذه القضايا حتى الآن موجودة في أروقة المحاكم لم يتم البت فيها. 

وبعد هذا الكارثة الصحية، ما هي الدروس التي نستقيها؟
أولاً: معظم الأدوية عبارة عن مركبات صناعية ملوثة لجسم الإنسان، تُعالج مرضاً محدداً وقد تصيب الإنسان بمشكلات صحية أخرى، وفي بعض الحالات، كما هو بالنسبة للثالدوميد، الضرر يكون أشد وأكبر من نفعه.

ثانياً: الشركات الكبرى، سواء أكانت شركات الأدوية أو غيرها، لا يهمها إلا الربح والثراء الفاحش والعاجل، ولذلك تدافع عن منتجاتها بكل وسيلة شرعية أو غير شرعية حتى الرمق الأخير، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها السجائر، والشيشة، وعملية التانينج المسرطنة.

الخميس، 6 سبتمبر 2012

حتى الأسماك لم تَفْلت من السرطان




لست عالماً بالأسماك وأمراض الأسماك وملايين الكائنات البحرية التي تعيش في أعماق البحار ولم يكتشفها الإنسان بعد ولم يتعرف على أسرارها وأسبابِ خَلْقها، والتي يعيش الكثير منها في ظلماتٍ بعضها فوق بعض إذا أخرج الإنسان يده لم يكد ليراها، فقد كنت أظن بأن أمراض الأسماك والكائنات الفطرية التي تعيش في هذه البحار تختلف جذرياً عن الأمراض المستعصية التي تضرب بالإنسان، وبعضها لا شفاء لها حتى يومنا هذا، ولكن بعد قراءتي للدراسة التي سأتناولها اليوم تبين لي أن هناك تشابهاً في الإصابة ببعض الأمراض بين الأسماك والإنسان.

وبالفعل فإن أمراض البشر، كالسرطان لم تُعرف من قبل في عالم الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، فبيئة الإنسان والملوثات التي يتعرض لها تختلف عن بيئة الأسماك الطبيعية البِكر العَذْراء التي لم تمسها أيدي البشر. ولكن الأمر اختلف الآن، فالملوثات التي نُطلقها إلى الهواء الجوي فنتعرض لها مباشرة، أو نصرفها في المسطحات المائية فنتعرض لها بشكل غير مباشر بعد عدة سنوات، أصبحت الآن تنتقل إلى بيئة الكائنات الفطرية ولو كانت تعيش في أعماق البحار المظلمة فتتأثر بها، وتصيبها بالأمراض نفسها التي تنزل علينا بسبب ما ارتكبتها أيدينا.

ولذلك في السنوات القليلة الماضية بدأ العلماء في الولوج في هذا المجال البحثي الجديد، ونشروا نتائج لأول مرة حول إصابة الأسماك بأمراض البشر، منها أمراض سرطان الجلد والمعروفة بالميلانوما(melanosis and melanoma)، وبالتحديد في إحدى الأسماك التجارية البحرية الشعبية عند الناس والتي تقطن الشعاب المرجانية في محمية بحرية طبيعية مساحتها 344400 كيلومتر مربع، أي أكبر من مساحة البحرين بنحو 450 مرة، ويُطلق عليها بمتنزه الشعاب المرجانية البحري العظيم(Great Barrier Reef Marine Park) في جزيرة هيرون(Heron Island) وجزيرة تري(Tree Island) شمال شرق سواحل أستراليا.

فقد أكدت دراسة نُشرت في مجلة بلاس ون( PLoS ONE) في 1 أغسطس 2012 تحت عنوان  أدلة على الإصابة بسرطان الجلد في إحدى الأسماك البحرية، أن سمكة السلمون المرقط(Plectropomus leopardus) والمعروفة بسمكة التروت(trout)، قد وجدت على سطح جلدها بقع داكنة بنية اللون، وبعد الكشف المخبري عن هذه البقع تبين أنها مصابة بسرطان الجلد، كما يصاب به الإنسان عندما يتعرض للأشعة فوق البنفسجية. 

كما أفادت الدراسة بأن السبب في إصابة الأسماك بسرطان الجلد قد يكون التعرض للأشعة فوق البنفسجية التي تتميز بموجاتها القصيرة وطاقتها العالية وقدرتها على اختراق ماء البحر والنفاذ إلى أعماق عمود الماء تزيد عن 60 متراً، وقد تأتي هذه الأشعة نتيجةً لتدهور طبقة الأوزون التي أصبحت الآن تسمح بالأشعة البنفسجية بالمرور والوصول إلى سطح الأرض، وإحداث أضرارٍ جسيمة للإنسان والحياة الفطرية في البر والبحر.  

ولكن ما استغرب منه حقاً هو أن الأسماك التي تَعَرضتْ للأشعة فوق البنفسجية وأُصيبت بسرطان الجلد، لا تستطيع فعل أي شيء لتجنب المرض، ولكننا نحن بني البشر نُعرض أنفسنا لهذه الأشعة القاتلة بأيدينا وبمحض إرادتنا، بل ونتمتع بذلك عندما نقوم بتعريض جلدنا رغبة منا لمصابيح الأشعة فوق البنفسجية للقيام بعملية التانينج، فنُحول لون جلدنا من اللون الطبيعي الذي خلقنا الله عليه إلى اللون البرونزي والذهبي، حسب الموضة الرائجة الآن! 

وقد أَجمعت الدراسات الميدانية على أن عملية التانينج تؤدي إلى سرطان الجلد، ولذلك صنَّفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان هذه العملية بأنها تسبب السرطان للإنسان، واستجابة لهذه الحقيقة العملية سنَّت العديد من ولايات أمريكا تشريعاتٍ تُقنن فيها عملية التانينج، فمنعتها لمن دون الـ 18 من العمر.

فهل بعد كل هذه الحقائق الدامغة، سيقوم إنسان بتعريض نفسه لمصابيح التانينج؟