الأحد، 24 نوفمبر 2013

الزيارة التاريخية لإمبراطور اليابان


 

 

قبل أيام شدَّ إمبراطور اليابان أكيهيتو(Akihito) وزوجته الإمبراطورة ميتشيكو(Michiko) الرِحال ولأول مرة في تاريخ اليابان إلى موقعٍ رمزي ذي أثرٍ عميق، هزَّ الشعب الياباني برمته، بل والعالم أجمع، ولكن لم تكن زيارة الإمبراطور هذه المرة لموقعٍ، أو صرحٍ تقليدي يزوره الزعماء والقادة، كصرح الجندي المجهول، أو ضريحٍ تذكاري يُخلد ضحايا الحروب الطاحنة.

 

فقد زار هذا الرمز الياباني العريق موقعاً لا نألفه عادة في معظم دول العالم، ولا نسمع عن وجوده، فقد انكشف هذا الموقع مع نهاية القرن العشرين كانعكاسٍ طبيعي للثورة الصناعية العمياء والتنمية المعوقة التي عمَّرت الأرض من جهة، وأفسدت مكونات الأرض من جهةٍ أخرى، وأدت إلى ازدهار ونمو الاقتصاد من جهة، وكَلَّفت ميزانية الدول الملايين من جهةٍ أخرى، ورفعت مستوى عيش الإنسان من جهة وأدخلته في وَحْلِ الأمراض المزمنة والمستعصية والغريبة من جهةٍ أخرى.

 

فهذه الزيارة التاريخية لإمبراطور اليابان كانت لإيقاظ الشعب الياباني وشعوب العالم أجمع من غفلتهم المتعاظمة وتجاهلهم لأهم مقومٍ من مقومات استدامة حياتهم على سطح الأرض، ألا وهو البيئة بعناصرها الحية وغير الحية من مياهٍ سطحية وجوفية، وهواء، وتربة.

 

فالزيارة كانت لمقاطعة كيماماتو(Kumamoto Prefecture) جنوب غرب اليابان، وبالتحديد المتحف البلدي لمرض ميناماتا(Minamata Disease Municipal Museum)، والذي كان منذ الخمسينات من القرن المنصرم وحتى كتابة هذه السطور مسرحاً حياً شهد أكبر كارثة بيئية وصحية في تاريخ اليابان، وعَمَّ تأثيرها الكرة الأرضية برمتها. فكانت أول نقطةٍ وقف أمامها رمز اليابان هي الضريح التذكاري للضحايا البشرية الذين سقطوا في هذه الكارثة البيئية بسبب تعرضهم لعنصر الزئبق السام الذي انتقل إلى البيئة البحرية من أحد المصانع في مطلع الثلاثينيات، فوصل في نهاية المطاف إلى عشرات الآلاف من اليابانيين فأصابهم بالشلل العضوي، وفقدان البصر، ثم الموت البطيء، وأُطلق على هذه الحالة المرضية الغريبة مرض ميناماتا نسبةً إلى خليج ميناماتا المنكوب، علماً بأنه وحتى بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على ظهور المرض، هناك حالات تنكشف للتسمم بالزئبق في أيامنا هذه.

 

فزيارة الإمبراطور الياباني لم تكن لهذه الكارثة بعينها، وإنما لتؤكد على النمط الخاطئ وغير المستدام الذي اتبعته اليابان بعد سقوطها في الحرب وانهيار اقتصادها كلياً، كما أن هذه الزيارة هدفت إلى تصحيح السياسة التنموية التي انتهجتها اليابان والتي كان عمودها الفقري هو التنمية الاقتصادية فقط وإغفال الجوانب الأخرى التي لا تقوم العملية التنموية الناجحة والمستدامة إلا عليها، وهي التنمية البيئية والاجتماعية. فالإمبراطور أراد من هذه الزيارة أن تكون إشارة واضحة إلى النموذج المنشود للتنمية في اليابان وباقي دول العالم، وهي التنمية المعتدلة والوسط، والتي تنمي دون أن تدمر، وتُعمر دون أن تفسد، وتبني دون أن تهدم، فتعمر البلاد والعباد.

 

 فاليابان تُعد من أكثر الدول التي عانت من الكوارث البيئية بسبب سياساتها التنموية المتطرفة، فكارثة مرض ميناماتا هي الأولى من نوعها، ولكن لم تكن الأخيرة، فقد وقعت في الحقبة الزمنية نفسها عدة كوارث نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر كارثة مرض إتاي إتاي بسبب تلوث نهر جنتسو بعنصر الكادميوم، ثم إصابة الآلاف بمرضٍ عضالٍ ومؤلم أدى إلى موت المئات منهم بعد شربهم لمياه النهر الملوثة، أو أكلهم للرز الذي رُوي بماء النهر المسموم بالكادميوم، كذلك هناك الكارثة التي وقعت في مدينة يوكايشي(Yokkaichi) بسبب إنشاء مجمعٍ ضخم للبتروكيماويات والسماح للملوثات الناجمة عن العملية الصناعية من الانبعاث مباشرة دون معالجة إلى الهواء الجوي، مما أدى إلى إصابة معظم سكان المدينة بالربو وأمراض الجهاز والتنفسي والقلب، كما إن هذه الملوثات الفتاكة التي انطلقت إلى الهواء الجوي نزلت بعد فترةٍ من الزمن مطراً حمضياً أكل الأخضر واليابس وأهلك الحرث والنسل.

 

ونأمل أن نَعْتبر جميعاً ونتعظ من رمزية زيارة الإمبراطور الياباني لمواقع الكوارث البيئية واعترافه الضمني بسياسة بلاده التنموية الخاطئة في ذلك الوقت، فنُجنب أنفسنا وبيئتنا شر الوقوع في مثل الكوارث التي عانت، وما زالت اليابان شعباً وبيئة، تقاسي من مردوداتها الموجعة والمتجذرة في أعماق المجتمع الياباني.

 

 

أرقام هواتف صالات المناسبات في البحرين




المسئول
رقم الاتصال
المنطقة
الصالة

إبراهيم
33211168
المحرق
قاعة حالة بوماهر

استقبال الجمعية
17326099-17323990
المحرق
قاعة عبدالرحمن الجودر– جمعية الإصلاح


39240165
المحرق
قاعة الزامل


39632435-33365947
المحرق
قاعة بن دينة


39274925
المحرق
قاعة جمشير


39333845
المحرق
قاعة جمعان


33779174
المحرق
قاعة الحد الخيرية

الشيخ خالد الشنو
39913992
المنامة
قاعة جامع أبي بكر الصديق

مؤذن المسجد
33498788
الرفاع
قاعة مسجد السلام


39693603
الرفاع
قاعة مسجد شيخان الفارسي


39623719
الرفاع
قاعة شيخان الفارسي – الجديدة

جابر
33928589
الرفاع
قاعة أهالي الرفاع


39471488
مدينة عيسى
قاعة عائشة المؤيد


39285730-39037990
مدينة عيسى
قاعة فاطمة كانو

مؤذن المسجد
39892827
مدينة عيسى
قاعة مسجد سبيكة الأنصاري

أم معاذ
38877052
مدينة حمد
قاعة مسجد كانو