الخميس، 26 يونيو 2025

الحروب وقود للتغير المناخي


يواجه الإنسان اليوم قضية عقيمة لا سابقة لها في تاريخ البشرية من حيث نطاقها الجغرافي الواسع والممتد شرقاً وغرباً، وشمالاً وجنوباً، فهي لا تهدد إقليماً بعينه، أو منطقة محددة ضيقة من الكرة الأرضية، وإنما تضرب كوكبنا برمته، وتنزل على جميع الدول، غنية كانت أم فقيرة، ومتقدمة كانت أم نامية، فالجميع سواسية كأسنان المشط أمام تداعيات هذا الكرب العظيم.

 

كما أن هذه القضية غير مسبوقة فلم يشهد لها التاريخ مثيلاً لأن حلها صعب جداً ومعقد، ومرتبط بأهم مقوم وداعم لاستدامة الحضارة الإنسانية ورقيها وتقدمها، وهو مصادر الطاقة، وبالتحديد الوقود الأحفوري، من الفحم، والغاز الطبيعي، والنفط. كذلك فإن مواجهة هذه المشكلة الشائكة تحتاج إلى هبة جماعية جادة مشتركة وفورية، وتعهد من جميع الدول، وبخاصة الدول الصناعية المتقدمة والالتزام بالتقيد بالحلول اللازمة للقضاء عليها.

 

هذه هي قضية العصر بدون منازع، وهي التغير المناخي، فتداعياتها بيئية في المرتبة الأولى، وصحية، وأمنية، واجتماعية، واقتصادية. ومن هذه الانعكاسات المشهودة هي ارتفاع درجة حرارة الأرض وسخونة كوكبنا، وارتفاع مستوى سطح البحر، وزيادة حموضة مياه البحر، وما لهذه المظاهر المشهودة من مردودات ميدانية كالعواصف البحرية، والفيضانات، وحرائق الغابات، والموجات الحرارية المرتفعة والمتكررة.

 

ومنذ أكثر من 33 عاماً والمجتمع الدولي يفاوض ويحاول مواجهة تحديات التغير المناخي، ويضع لها الحلول، ولكنه يصطدم بواقع مرير يتمثل في عدم التزام الدول المسؤولة عن وقوع التغير المناخي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بخفض انبعاثات الغازات المسؤولة عن سخونة الأرض، وفي مقدمتها غاز ثاني أكسيد الكربون.

 

ومن آخر الحلول الدولية المشتركة هو تفاهمات باريس لعام 2015 حول التغير المناخي، والتي اتفق فيها دول العالم على منع ارتفاع حرارة الأرض أكثر من درجة ونصف الدرجة مئوية عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية. ولكن هذا الهدف الآن صعب المنال، ولا يمكن تحقيقه لعدم التزام معظم الدول بخفض الانبعاث، حسب ما جاء في الدراسة المنشورة في مجلة (Earth System Science Data ) في 19 يونيو 2025 تحت عنوان: "المؤشرات للتغير المناخي الدولي لعام 2024: التحديث السنوي للمؤشرات الرئيسة لحالة المناخ والتأثيرات الإنسانية". فقد أكد التقرير الذي أجمع عليه 61 عالماً يمثلون 17 دولة بأنه من المستحيل وقف ارتفاع سخونة الأرض عند 1.5 درجة مئوية.

 

وهناك عدة عوامل تفاقم من هذه الأزمة العقيمة، وتسببت في فشل المجتمع الدولي في مواجهة هذا التحدي العالمي المهدد لأمن واستدامة كوكبنا ومن يعيش عليه، ومنها الحروب التي يشعلها البشر أنفسهم وبأيديهم الآثمة، فتكون هي الوقود الذي يواصل اشتعال فتيل التغير المناخي، ويعمق من شدة نزول تداعياته على البشر.

 

ومن آخر الحروب التي اشتعلت خلال السنوات القليلة الماضية، ومازالت بعضها متوقدة ومشتعلة هي الحرب الروسية الأوكرانية، والعدوان الصهيوني الدولي على غزة المستضعفة والمحاصرة ولبنان واليمن وسوريا، والحرب الهندية الباكستانية، وأخيراً الهجمات الصهيونية على إيران.

 

فهذه الحروب لها تداعيات مباشرة وغير مباشرة ترفع من حدة الأزمة المناخية، وتُعد مصادر لانبعاث الغازات المتهمة برفع درجة حرارة الأرض، وبخاصة غاز ثاني أكسيد الكربون. فالحركة الكثيفة وحرق الوقود الأحفوري في الطائرات بمختلف أنواعها وأحجامها من مقاتلات، أو طائرات شحن، أو طائرات مروحية، والسفن الحربية، والصواريخ، والقنابل، والآليات البرية الثقيلة، كلها تُطلق أحجاماً كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، وغازات أخرى تلوث الهواء وتسبب ظاهرة التغير المناخي. وفي الوقت نفسه الحرائق التي تنتج عن تفجيرات القنابل والصواريخ تولد الغازات الضارة بالمناخ. وعلاوة على ذلك، تدمير الدبابات والشاحنات والسيارات الأخرى للمناطق البرية والمزارع والحقول والغابات المحتوية على الأشجار والمسطحات الخضراء التي تمتص الملوثات، ومن بينها غاز ثاني أكسيد الكربون، فتخفض من مستواها في الهواء الجوي.

 

وهناك العديد من المؤلفات والدراسات والتقارير التي تناولت دور الحروب الحالية كوقود مستمر لإشعال فتيل التغير المناخي وسخونة الأرض، وقدَّمت تقديراً لحجم الملوثات المناخية التي تنبعث إلى الهواء الجوي. فهناك الكتاب المنشور في عام 2024 من جامعة أكسفورد البريطانية من إعداد "نيتا كراوفورد"(Neta Crawford) تحت عنوان: "البنتاجون، التغير المناخي والحرب: ارتفاع وانخفاض الانبعاثات من الجيش الأمريكي "، كما أن هناك التقرير المنشور في مجلة "الأمة" (The Nation) الأمريكية بالتعاون مع "مراجعة الصحافة في كولومبيا" في عدد يوليو/أغسطس 2025، تحت عنوان: "تكاليف الحرب المناخية". إضافة إلى التحقيق المنشور في صحيفة الجارديان في 30 مايو 2025 تحت عنوان: "كيف أصبحت الولايات المتحدة أكبر دولة تنبعث منها غازات الدفيئة من أنشطتها العسكرية، ومنعت الجميع من الكشف عنه؟". كذلك هناك الدراسة المنشورة في 30 مايو 2025 في(Research Gate, SSRN)تحت عنوان: "الحرب على المناخ: دراسة حول انبعاثات غاز الاحتباس الحراري في النزاع الإسرائيلي_غزة".

 

وأقدم لكم هنا أهم الاستنتاجات التي توصلت إليها هذه التقارير والدراسات حول دور الحروب في تعميق وتغذية ظاهرة التغير المناخي، والبصمة الكربونية التي تتركها في الكرة الأرضية كما يلي:

أولاً: الحروب والعمليات والتدريبات العسكرية الروتينية من أهم مصادر وعوامل تفاقم أزمة التغير المناخي لكوكبنا، ولكن هذا العامل لا يعرف أحد عن حجم انبعاثاته السنوية من غازات الدفيئة، أو الاحتباس الحراري. فالمعاهدات الدولية الأممية لا تلزم الدول على تقديم تقارير سنوية حول هذه الانبعاثات الناجمة عن العمليات العسكرية الروتينية لكل دولة، وتشغيل القواعد العسكرية، ولا عن الانبعاثات أثناء الحروب.

ثانياً: الانبعاثات الناجمة عن عمليات وأنشطة وزارة الدفاع الأمريكية تُقدر بأنها الأعلى من بين الوزارات والوكالات الأمريكية الاتحادية الأخرى، فهي تشكل 80% من اجمالي الانبعاثات من الوزارات الأمريكية، كما أنها تشكل 1% من اجمالي الانبعاثات السنوية من الولايات المتحدة الأمريكية. ففي عام 2023، ولَّد البنتاجون نحو 48 ميجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهذا الحجم أعلى مما ينبعث من بعض دول العالم. وهذه الانبعاثات من وزارة الدفاع الأمريكية في تزايد مطرد بسبب زيادة أعداد البرامج والأنشطة والقواعد العسكرية، إضافة إلى زيادة الميزانية السنوية المرصودة للبنتاجون سنة بعد سنة وارتفاع الانفاق العسكري بشكل عام، حسب التقرير السنوي المنشور من "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، علماً بأن هذا النمط من ارتفاع ميزانيات وزارات الدفاع ينطبق على معظم دول العالم. 

ثالثاً: خلال 15 شهراً فقط من عُمر العدوان الصهيوني على غزة، كانت البصمة الكربونية وحجم انبعاث الملوثات المسؤولة عن التغير المناخي أعلى من الانبعاثات السنوية لمئات الدول حول العالم، كل على حدة.

رابعاً: البصمة الكربونية الاجمالية والانبعاثات الكلية من العمليات العسكرية والتدريبية لدول العالم تُقدر بنحو 5.5% من اجمالي الانبعاثات الدولية، وهي أعلى من انبعاثات بعض الدول.

ولذلك نجد بأن للحروب تداعيات مباشرة وغير مباشرة تتمثل في انبعاث الغازات المسؤولة عن نزول ظاهرة التغير المناخي على كوكبنا برمته، ولهذه الظاهرة مردودات كثيرة تنعكس على سلامة وأمن الكرة الأرضية، وبالتالي سلامة واستدامة حياة كل من يعيش عليها، مما يجعلنا نتجنب وقوع النزاعات المسلحة والحروب أينما كانت.

 

السبت، 21 يونيو 2025

خطاب تحذيري من أطباء فرنسا

 

أرسلَ الاتحاد الوطني لأطباء فرنسا في الثاني من يونيو 2025 خطاباً تحذيرياً يرفعون فيه العلم الأحمر إلى عدة مسؤولين كبار في الحكومة الفرنسية، منهم رئيس الوزراء، ووزير الصحة، ووزير الزراعة والبيئة. وقد تضمن الخطاب نقطة واحدة فقط، وهي التهديدات التي يشكلها أحد الملوثات الذي تفشي وانتشر في البيئة الفرنسية بشكل عام، وتعرض له نسبة واسعة من المواطنين، وبخاصة الأطفال عبر المواد الغذائية التي يستهلكونها يومياً.

 

هذا الملوث القديم والمستجد اليوم في البيئة الفرنسية، وفي الكثير من البيئات حول العالم هو عنصر الكادميوم، وتكمن خطورته في أنه مستقر وثابت عند دخوله في مكونات البيئة، فهو لا يتحلل عند التعرض للمتغيرات البيئية، ولذلك له القدرة على التراكم، والتضخم في تركيزه في جميع مكونات البيئة الحية وغير الحية، ومنها وعبر طرق كثيرة ينتقل إلى الإنسان، ويبدأ في التراكم وارتفاع تركيزه في أعضاء الجسم، وبالتحديد في الكلية وفي العظام عامة.

 

فهذا التحذير من أطباء فرنسا جاء بعد سنوات من متابعة تحركات الكادميوم في عناصر البيئة الفرنسية، ومراقبة تركيزه في كافة المنتجات والمواد الغذائية التي يستهلكها الإنسان، ثم تحليل تركيزه في أعضاء جسم الفرنسيين، والتغيرات التي تحدث في التركيز عبر عقود من الزمن. فبعد أن تأكد العلماء وأجمعوا على أن هذا العنصر الثقيل قد أصبح فعلاً جزءاً لا يتجزأ من مكونات البيئة الفرنسية، وأنه توغل بعمق وبكثافة عالية في المنتجات الغذائية البشرية، وأن كل ذلك انعكس على ارتفاع وجوده في أجسام الفرنسيين لسنوت طويلة، فعندئذٍ فقط اضطر الأطباء إلى دق ناقوس الخطر على الملأ، وأعلنوا عن قلقهم الشديد، وأظهروا لكافة شرائح وفئات المجتمع من المسؤولين وعامة الشعب جميع المعلومات والحقائق العلمية الموثقة حول خطورة هذه الظاهرة البيئية الصحية على المجتمع الفرنسي. وقد وصل التحذير إلى درجة أن الأطباء وصفوا الحالة بأنها "قنبلة زمنية موقوتة للصحة العامة"، كما ذكروا بأن هذه تعتبر حالة طوارئ صحية عامة، وأن من واجبنا إنذار المسؤولين لحماية الصحة العامة للفرنسيين.

 

فهذه التعبئة الصحية العامة في فرنسا، والدعوة إلى التحرك السريع لمواجهة هذا الخطر المزمن المتغلغل والمتجذر في أعماق جسم الشعب الفرنسي، نابعة من خطورة الكادميوم وتاريخه الأسود، وسيرته المظلمة مع الإنسان في بعض دول العالم، ودوره العقيم في وقوع كوارث بيئية وصحية مرضية أودت بحياة الآلاف من البشر، فسقطوا ضحية سهلة لتعرضهم لهذا الملوث الخطير.

 

فالكادميوم يعتبر من المواد المسببة للسرطان للإنسان ضمن المجموعة الأولى، حسب تصنيف الوكالة الدولية لأبحاث السرطان الذي يعتبر الذراع العلمي المختص بالسرطان في منظمة الصحة العالمية، كما أن الكادميوم عندما يتراكم عبر السنين في جسم الإنسان يرفع من مخاطر اصابته بعدة أمراض مزمنة منها السرطان كالكبد والبروستات والبنكرياس والرئة، وأمراض القلب، وتلف في الجينات.

 

وهناك مصدران رئيسان لهذا الملوث العقيم، الأول مصدر طبيعي لا شأن للإنسان فيه، وهو تواجد الكادميوم في الأتربة وبعض الصخور الموجودة في الأرض، والثاني فهو صناعي، ومن أيدي وصنع البشر، وبخاصة البطاريات بمختلف أنواعها وأحجامها، وتدخين سجائر التبغ، إضافة إلى الأسمدة الكيميائية، وبالتحديد أسمدة الفوسفات التي تحتوي على مستويات مختلفة من الكادميوم، حسب مصدر إنتاج هذا السماد الفوسفوري. ومع استخدام هذا السماد لزراعة المحاصيل المأكولة، فإن الكادميوم الموجود في السماد يتراكم مع الزمن في التربة الزراعية، ومنها إلى أوراق النباتات التي يستهلكها الإنسان بشكل مباشر، أو من خلال إنتاج المواد الغذائية النباتية. ولذلك أكدت التحاليل الميدانية للكثير من المنتجات الغذائية أنها تحتوي على مستويات مختلفة من الكادميوم، مثل الرز، والحبوب، ورقائق الذرة بمختلف أنواعها، والخبز، والبطاطس، وأنواع الباستا الكثيرة.

فوجود الكادميوم في كل هذه المنتجات التي يستخدما الإنسان بشكل يومي ويتعرض لها كل ساعة، إضافة إلى المنتجات الغذائية التي يتناولها، يؤدي إلى انتقاله بسهولة ويسر إلى أعضاء جسم الإنسان، ثم تراكمه مع الوقت، وتفاقم تركيزه. فعلى سبيل المثال لا الحصر، نُشرت دراسة في مجلة "الغذاء وعلم السموم الكيميائية"(Food and Chemical Toxicology) في أغسطس 2023، تحت عنوان: " التعرض للكادميوم من ست مواد غذائية شائعة في الولايات المتحدة"، حيث أفادت عن وجود الكادميوم في أجسام الكثيرين من الشعب الأمريكي، وأكثر الفئات العمرية تعرضاً هم الرضع والأطفال من عمر 6 أشهر إلى 60 شهراً.

 كما نَشرت منظمة "صحة المستهلكين" في فرنسا تقريراً في 6 يونيو 2025 بمناسبة يوم البيئة العالمي في الخامس من يونيو تحت عنوان: "أسمدة الفوسفات ومخاطر التعرض للكادميوم". وأفاد التقرير بأن نحو 47% من البالغين و 18% من الأطفال يعانون من ارتفاع تركيز الكادميوم في أجسامهم، كما أن التركيز تضاعف في جسم الشباب منذ 2007، وفي عام 2023، 36% من الأطفال تحت عمر الثلاث سنوات زاد التركيز عندهم عن المواصفات الخاصة بذلك.

فهذا العنصر له سوابق خطيرة في تدمير صحة البشر، ويرجع تاريخه إلى أكثر من 150 عاماً، وبالتحديد في مقاطعة "توياما" في اليابان، حيث وقعت واحدة من أكبر الكوارث البيئية الصحية في تاريخ البشرية جمعاء. فالإنسان بسبب جهله بخصائص هذا العنصر وأسلوب تصرفه عند دخوله في عناصر البيئة، سمح له بأن ينتقل إلى بيئة الأنهار الواقعة في المقاطعة اليابانية، ونتيجة لثبات العنصر وعدم تحلله، كان يتراكم يوماً بعد يوم، وسنة بعد سنة في تربة النهر وفي مياهه، ثم في الأسماك التي تعيش فيه. كما أن ما فاقم من هذه الطامة الكبرى، ورفع من مستوى تأثيرها على البشر في تلك المقاطعة، هو استخدام ماء النهر الملوث بالكادميوم لري حقول الأرز خاصة، والمحاصيل المأكولة الأخرى بشكل عام. فكانت نتيجة هذه الممارسات، انتقال الكادميوم السام والمسرطن من هذه المحاصيل الزراعية إلى جسم الإنسان، والبدء في التراكم وتخزينه في العظام والكلية، حتى بلغت المستويات الحرجة التي جعلت الناس يتألمون بدرجة لا تطاق، ويعانون من شدة الألم بمستويات غير مسبوقة، حتى أن المرضى أَطلقوا على حالتهم "إتاي_إتاي"، أي مؤلم_مؤلم، وانكشفت عليهم أعراض مثل هشاشة العظام، وسهولة كسرها، وآلام حادة في المفاصل والعمود الفقري.

واليوم وبعد قرابة 150 عاماً من هذا الكرب العظيم الذي نزل على الشعب الياباني، نجد أنفسنا أمام مشهد مماثل، وكأن الإنسان لم يتعظ من تجاربه السابقة، ولم يتعلم من خبراته المتراكمة، ولم يستفد من زلاته وهفواته، فقد رجع الكادميوم مرة ثانية يكشر عن أنيابه أمام المجتمع البشري، ويكشف عن وجوده، ويعرِّض الناس للأمراض والأسقام المزمنة.

الاثنين، 9 يونيو 2025

هل المعاهدات النووية قادرة على وقف سباق التسلح النووي؟


أعلنَ ترمب في 20 مايو 2025 من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض عن اختياره لنظام الصواريخ الدفاعية للقبة الذهبية، وفي الوقت نفسه قدَّر مكتب الميزانية في الكونجرس بأن بناء، ونشر، وتشغيل هذه الصواريخ الاعتراضية الفضائية يكلف ما يتراوح بين 161 إلى 542 بليون دولار خلال العقدين القادمين. فهذا النظام المتطور جداً سيَستخدم مجموعة كبيرة من الأقمار الصناعية الموجودة في مدار الأرض والأسلحة الفضائية لاعتراض أي هجوم من صواريخ باليستية على الولايات المتحدة، سواء التي تُطلق من الفضاء، أو من أي موقع على سطح الأرض. وبعبارة أخرى فإن المعارك بين الولايات المتحدة وأعدائها لن تكون فقط في البر، والبحر، والجو على سطح كوكبنا، وإنما أيضاً ستنتقل إلى ساحة الفضاء الواسع المشترك بين البشرية جمعاء. 

 

فمثل هذا الإعلان الاستفزازي الذي يستعرض فيه ترمب أمام العالم تقدم وتطور الولايات المتحدة الأمريكية في المجال العسكري الفضائي خارج سطح الأرض، ويبين فيه قوته وجبروته وسبقه في غزو الفضاء من الناحية العسكرية، فهذا الإعلان لن يمر على بعض دول العالم مرور الكرام، فهو يحيي عند الدول الكبرى المتنافسة عسكرياً مع أمريكا ذاكرة الحرب الباردة العقيمة بين أكبر وأعظم دولتين، هما أمريكا والاتحاد السوفيتي(روسيا حالياً). كما أن هذا الإعلان العسكري يثير حفيظة الدول غير المتحالفة مع أمريكا بشكلٍ عام، ويجدد من غضبهم، ويحرك فيهم الدخول في سباق التسلح مرة ثانية، سواء التسلح التقليدي عامة، أو التسلح النووي خاصة، فكأن هذا الإعلان يمثل ولادة جديدة لسباق نووي يشارك فيه هذه المرة أكثر من دولتين، ويشكل تهديداً لأمن وسلامة كوكبنا برمته.

 

ولذلك جاءت ردة الفعل على هذا التصريح الأمريكي سريعة ومباشرة من وزارة الخارجية الصينية، حيث قالت بأن الولايات المتحدة: "مهوسة بالسعي إلى الأمن المطلق"، كما حذَّرت بأن مثل هذه الخطوة الاستفزازية: "تخالف مبدأ الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي"، فيحول الفضاء الخارجي إلى ساحة معارك وقتال، وأضافت وزارة الخارجية الصينية بأن مثل هذا المخطط الأمريكي سيزيد من مخاطر سباق التسلح ويعرض الأمن الفضائي لخطر الدمار الشامل. وتأكيدا على هذا القلق الصيني خاصة والدولي عامة، نشرت مجلة "الإيكونومست" مقالاً في 21 مايو 2025 تحت عنوان: "رجوع حرب النجوم، سعي ترمب للهيمنة المدارية"، حيث أشار المقال إلى مصداقية التحفظات الصينية والدولية، وحذَّرت من أن ينجر العالم مرة أخرى إلى إنفاق التريليونات من الدولارات على تحقيق السبق والتفوق في هذا السباق العقيم المهلك للحرث والنسل، بدلاً من صرفه على التنمية وتحسين أحوال الشعوب وحماية البيئة من الفساد البشري.

 

فمن الواضح من هذا الإعلان الأمريكي، أنها تلعب لوحدها، وبمعزل عن العالم أجمع، وكأنها تعيش في كوكب آخر لا توجد فيه إلا الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن هذا الإعلان يفرض على العالم أجمع أحقية أمريكا وملكيتها للفضاء العام المشترك بين كل دول العالم. فهي تملك الفضاء كلياً، وتملك حق غزوه واحتلاله واستغلاله، فتتصرف فيه كما تشاء، وفي أي وقت تريد. وعلاوة على ذلك فإن تصريحات ترمب تؤكد عدم اعترافه بالقوانين الدولية حول الفضاء، وضربه عرض الحائط للمعاهدات الأممية حول تقنين وتنظيم استخدام بيئة الفضاء، والتي هي عضو في البعض منها.

 

ومن هذه المعاهدات الدولية الفضائية التي دخلت حيز التنفيذ ما يلي:

أولاً: المعاهدة التي تمثل حجر الأساس للقانون الدولي للفضاء، وهي "معاهدة الفضاء الخارجي" لعام 1967، وتُعرف رسمياً باسم معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي، بما في ذلك القمر والأجرام السماوية الأخرى. ومن بين بنوده، حظر وضع أسلحة نووية أو أية أسلحة أخرى من أسلحة الدمار الشامل في مدار الأرض، أو تثبيتها على سطح القمر أو أي جرم سماوي، مما يعني عدم استخدام الفضاء لأغراض عسكرية، إضافة إلى تحمل الدول مسؤولية أية أضرار تنجم عن الاستخدام المدني السلمي للفضاء وعن الأنشطة الفضائية التي تقوم بها. كما تؤكد المعاهدة بأن الفضاء تراث ومورد بيئي طبيعي عام مشترك لجميع سكان الأرض، ويجب أن تنتفع جميع الدول من المنافع التي تأتي منها.

ثانياً: معاهدة "عدم انتشار الأسلحة النووية"(NPT)، أو معاهدة "الحد من انتشار الأسلحة النووية" لعام 1970، وهي المعاهدة الرئيسة التي تحكم هذا المجال، فهي تهدف إلى الحد من الدول التي تمتلك الأسلحة النووية من خلال منع انتشار الأسلحة النووية وتقنية الأسلحة النووية، إضافة إلى تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. كما جاء في أحد بنودها تعهد كل دولة من الدول الحائزة للأسلحة النووية بعدم نقلها إلى أي مكان، لا مباشرة ولا بصورة غير مباشرة وعدم مساعدة أي دولة لا تمتلك السلاح النووي، إضافة إلى وقف سباق التسلح النووي.

ثالثاً: هناك سلسلة من الاتفاقيات الثنائية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا كدولتين كانت الحرب الباردة للسباق في الأسلحة النووية والتقليدية بينهما. وجاءت هذه الاتفاقيات تحت مسمى "ستارت" (START) الأول، والثاني، و"ستارت الجديدة"، واتفاقية الصواريخ النووية متوسطة المدى، وهي جميعها تهدف إلى وضع حدود على عدد ونوعية الأسلحة الهجومية الاستراتيجية التي يمكن للبلدين امتلاكها.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل دول العالم، وبخاصة الدول التي تمتلك أسلحة الدمار الشامل النووية التزمت بتنفيذ بنود هذه المعاهدات؟ وهل نجحت هذه المعاهدات الدولية والثانية في أن توقف سباق التسلح النووي؟

الواقع الحالي الذي نشهده اليوم يؤكد بأن الدول النووية لم تلتزم كلياً ببنود المعاهدات، أو في الأقل التزمت بالبنود التي لا تتعارض مع مصالحها القومية وأهدافها العسكرية، كما أن هذه المعاهدات على كافة المستويات فشلت في وقف سباق التسلح النووي بين الدول العظمى من الناحيتين العددية والنوعية، كما فشلت في منع دول غير نووية من الدخول في النادي النووي.

فإذا كان هذا هو حال الاتفاقيات والمعاهدات الأممية في مجال الأسلحة النووية والمتعلق بامتلاكها، أو إنتاجها، أو تحويل الفضاء إلى ساحة للأنشطة العسكرية المدمرة، فما جدوى هذه المعاهدات؟ وما الفائدة الواقعية والحقيقية منها إذا كانت دائماً لا تحقق الهدف من وجودها؟

إنه العبث الدولي الصادر من المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة بمنظماتها، ووكالاتها، ومجالسها للشعوب والدول المستضعفة والفقيرة التي لا نفوذ لها، ولا حول ولا قوة على المستوى الدولي. فهذه المعاهدات الدولية النووية وغير النووية التي تسيطر عليها الدول الصناعية المتقدمة ما هي في تقديري إلا أدوات ووسائل تُطْلق شرعياً سراح الدول الكبرى لتفعل ما تشاء دون قيود أو ضوابط، فتحتكر السلطة والقوة والمنافع على المستوى الدولي. وفي الوقت نفسه تُضيق هذه الاتفاقيات الخناق على الدول الصغيرة والنامية فتُقيد من حركتها ونموها، وتمنعها من التطور والتقدم ودخول سباق المنافسة في كافة المجالات التنموية.

الاثنين، 2 يونيو 2025

ثقافة القوة عند ترمب

 

نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، ولكن نعيش في هذا القرن المتقدم والمتطور بعقلية القرون الوسطى، وبفكر الرجل الأوحد الذي كان يحكم في مناطق مختلفة في تلك الحقبة الزمنية. فبالرغم من الرقي العلمي غير المسبوق في تاريخ البشرية، وبالرغم من الإنجازات العظيمة التي لم تطرأ على بال أحد، ولم يتخيل أحد وقوعها، إلا أن هناك من البشر من يريد أن يُرجع العالم فكرياً وعقلياً وثقافياً إلى الوراء قرون طويلة مضت، وأكل عليها الدهر وشرب، فلا يريد من هذا العالم المتحضر مادياً وعلمياً أن يكون في الوقت نفسه متحضراً ومتنوراً ثقافياً وخُلقياً وإنسانياً فيلحق بركب التقدم، ويجاري بتنوع فكره وعقله هذا التطور.

وهذه الظاهرة المستجدة نراها اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية بكل وضوح، بزعامة الرئيس ترمب، فرعون أمريكا. وهناك الكثير من الأدلة الدامغة، وليست مؤشرات بسيطة فحسب، على سيادة عقلية القرون الوسطى على حكومة الولايات المتحدة، وهيمنة ثقافة وفكر الرجل الأوحد الذي لا تجوز مناقشة أوامره، ويُحرم قطعياً مخالفة سياساته ومواقفه، سواء على المستوى القومي في الولايات الأمريكية، أو حتى على المستوى الدولي.

فالسياسة التي ينفذها ترمب حالياً وأعلن عنها في حملته الانتخابية وجعلها شعاراً يرفعه في كل مناسبة صغيرة وكبيرة هي مبدأ "أمريكا أولاً"، وشعار "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، وهي سياسية شعبوية حمائية انعزالية تخالف سياسة العولمة التي أجمع عليها كل دول العالم. ثم بعد انتخابه رئيساً أكد على تنفيذ هذه السياسة الماكرة، ودَعَمَها بعقيدة قديمة ومستجدة، وهي فكرة تحقيق السلام باستخدام القوة. وهذا مفهوم قديم طبَّقه الرومان، ثم بعض رؤساء أمريكا كالرئيس الجمهوري الأسبق رونالد ريجان.

ولكن ترمب استغل هاتين الفكرتين أسوأ استغلال، وجعلهما يصبان مباشرة في تقوية سلطته الشخصية، وتعميق سيطرته، وانتقامه من كل من لم يقف معه، إضافة إلى تعظيم مصالحه الشخصية على المستويين الاتحادي الأمريكي والدولي. فباستخدام حُجة أمريكا أولاً، وتحت مبرر تحقيق الأمن والسلام الدوليين باستخدام القوة المفرطة، الناعمة والعسكرية، فَرضَ مواقفه الاقتصادية والسياسية المتشددة على الجميع في الداخل والخارج، وضيَّق الخناق على حرية الرأي والتعبير، وشدَّد على منع التنوع الثقافي والفكري في الجامعات والمدارس والمجتمع الأمريكي برمته، كما أشعل نيران الحرب التجارية والاقتصادية بينه وبين دول العالم من خلال الإفراط في نسبة رفع الرسوم على كل دول العالم بدون استثناء، وكان آخرها الإعلان عن رفع التعرفة الجمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، بدءاً من الأول من يونيو 2025، ثم في 25 مايو غيَّر موعد بدء التنفيذ إلى 9 يوليو، مما يؤكد بأن قراراته غير مدروسة، ومبنية على ثقافة إظهار القوة والتنمر على الآخرين.

 وعلاوة على ذلك كله، مُشاركته واسهاماته المباشرة العسكرية والمالية والاستخباراتية والدبلوماسية في ارتكاب الإبادة الجماعية الشاملة للبشر والشجر والحجر في غزة، أيضاً جاء تحت بند تحقيق السلام بالقوة. فهو بهذه الحجة، والمنطق الأعوج قدَّم المئات من القنابل التي تزن 2000 رطل، والتي في مجملها بعد أن أُلقيت على غزة تساوى قوتها وشدتها أكثر من قنبلة نووية كالتي ألقتها أمريكا على مدينتي هيروشيما وناجازاكي. وبهذا المبرر أيضاً سمح لأكبر مجاعة جماعية من صُنع البشر على أن تنزل على نحو مليوني إنسان في غزة، دون أن يتحرك بجدية وصدق فيوقف هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في تاريخ البشرية. والأدهى من ذلك والأمر أن هذه المجاعة الجماعية على الأرض والتي كان يموت منها الأطفال والنساء والشيوخ بشكلٍ تدريجي وبطيء، كانت أيضاً تواجه الجحيم الذي كان يسقط على الناس من السماء من الصواريخ الفتاكة، والقنابل المدمرة التي أهداها للكيان الصهيوني.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا يطبق ترمب فكرة تحقيق السلام باستخدام القوة إلا على الجانب الفلسطيني الضعيف الأعزل الذي لا يملك إلا الأسلحة البسيطة المصنوعة محلياً؟ فلماذا لا يضغط ترمب أيضاً على الكيان الصهيوني بالقوة والسلاح التدميري، أو حتى بالضغط السياسي والمالي لكي يرضخ للسلام ويوقف الحرب والإبادة الشاملة؟ أليست هذه ازدواجية في المعايير، والتحيز الكامل للجانب الصهيوني؟

وعلاوة على ما سبق، فقد استغل هذه العقيدة الشخصية الأنانية والانتقامية، والفكرة الاستغلالية الإرهابية لنهب وسرقة ثروات الأمم والشعوب في وضح النهار، ونقل خيراتها ومواردها إلى الولايات المتحدة الأمريكية تحت عناوين متعددة، منها جلب الاستثمار الخارجي، ومنها باسم التعاون والتنسيق في مجال النفط واستخراج المعادن الأرضية النادرة وغيرها، كما حدث لأوكرانيا على سبيل المثال لا الحصر. كما أيضاً تحت شعار أمريكا أولاً، وشعار الأمن باستخدام القوة دعا ترمب إلى غزو واحتلال بعض دول العالم ذات السيادة، مثل جزيرة جرينلاند، وكندا، وبناما. 

ومن أجل التأكيد أكثر، وبيان ثقافة استخدام القوة بجميع أنواعها عند ترمب، وسعيه للانتقام وارضاخ وإذلال كل من لا يطيعه، ويتبع سياسته، ويسير على نهجه وهداه، حتى ولو كان في الداخل الأمريكي، أُقدم لكم مثالاً مازلنا نشهد فصوله أمامنا كل يوم، وهو تهديد ترمب بفرض ثقافته الأحادية على الجامعات الأمريكية الخاصة والعامة، ورفض التنوع الثقافي والتعددية الفكرية، وفي مقدمتها أقدم، وأغني، وأكثر جامعة تتمتع بسمعة علمية وبحثية عالية على المستويين الأمريكي والدولي، وهي جامعة هارفرد، حيث أعلن الحرب الشاملة على الجامعة على جميع الجبهات واتهمها بأنها معقل معاداة السامية والفكر اليساري والماركسي. وهدد الجامعة على الملأ إما أن تتبعي أوامري في قضية معاداة السامية وإلا سأُحرم عليك كل المنح والعقود التي تقدمها الحكومة الاتحادية للجامعة. ومع رفض الجامعة اتباع سياسة الإرهاب الفكري والثقافي لترمب في تسييس حرية الرأي والتعبير، وتغيير المناهج لصالح أفكار ترمب، والرضوخ له في عملية توظيف أعضاء هيئة التدريس وقبول الطلاب، بدأ أولاً في تجميد وإلغاء المنح والعقود التي تعطي للجامعة، والتي بلغت قرابة 3 بلايين دولار، كما أمر ترمب الوزارات الحكومية لإلغاء أية عقود بحثية مع الجامعة، مثل وزارة الطاقة، ثم أشهر سيف مقاضاة الجامعة في قضايا كثيرة لإفلاسها وممارسة الضغوط عليها، وبعدها ألغى تأشيرات الطلاب الأجانب في الجامعة. ولمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى المقال المنشور في "بلومبيرج" في 23 مايو تحت عنوان: "هذه هي الطرق الكثيرة التي يهاجم فيها ترمب هارفرد".

وهذه الحرب التي شنها ترمب ضد هارفرد خاصة، والجامعات عامة، هي تعد في الواقع حرباً ضروساً على حرية العلم والعلماء، وتنوع واستقلالية البحث العلمي على كافة المستويات. ولذلك حذَّر العلماء في الداخل الأمريكي من خطورة تدهور العلم وهروب العلماء والعقول المبدعة من أمريكا، كما بدا هذا واضحاً لكل مراقب خارج أمريكا. فعلى سبيل المثال، خصصت مجلة "الإيكونومست" الاقتصادية المرموقة عددها الصادر في 24 مايو 2025 للتحذير من هذه الظاهرة التي ستصل تداعياتها إلى خارج أمريكا أيضاً، فكان العنوان على صفحة الغلاف: "الهجوم على العلم الأمريكي". واحتوى العدد على عدة مقالات حول هذه الظاهرة العقيمة، منها المقال تحت عنوان: "الهجوم على العلم هو عمل من أعمال الإيذاء الذاتي الخطير"، والمقال: "هجوم ترمب على العلم أصبح شرساً وعشوائياً بشكلٍ متزايد"، إضافة إلى المقال المعنون: "أمريكا في خطر التعرض لهجرة الأدمغة الأكاديمية"، والمقال: "كيف يؤثر قطع التمويل للعلم على الأمريكي العادي؟".

ومما سبق يتأكد بأن منهجية ترمب في حكم البلاد والعباد في الداخل الأمريكي والخارج هي تبني ثقافة القوة بجميع أنواعها لقيادة العالم في جميع القطاعات والمجالات، وتهميش دور كل دول العالم، لكي يكون هناك قطب واحد حَاكِم هو القطب الأمريكي القوي الذي لا تُرد له كلمة، ولا يُرفض له أي قرار.