الأربعاء، 6 يونيو 2012

هل نأكل السوشي؟


كتبت مقالاً في 29 أبريل 2011 بعد انبعاث المواد المشعة إلى الهواء من كارثة انفجار المفاعلات النووية في اليابان في 11 مارس 2011، تحت عنوان: هل نأكل السوشي؟

واليوم، وبالتحديد في 6 يونيو، أي بعد أكثر من عامٍ واحد على مقالي، تنشر الجاردين استطلاعاً عاماً لإبداء الرأي حول السؤال التالي:هل وجود السيزيم المشع من فوكاشيما في التونا سيجعلك تتوقف عن أكل السوشي؟ 

فما الذي أحيا كارثة فوكاشيما من جديد ليسأل الناس عن سلامة وصحة الأسماك والكائنات البحرية المستوردة من اليابان؟

لقد تم اكتشاف حقائق مثيرة جداً حول مصير الملوثات المشعة التي انطلقت إلى مكونات البيئة من ماءٍ وهواءٍ وتربة، وهذه الحقائق نُشرت في 28 مايو 2012 في مجلة أمريكية معروفة هي وقائع أكاديمية العلوم الوطنية.

فقد أكدت هذه الدراسة على عدة حقائق متعلقة بكيفية تصرف الملوثات المشعة عندما تنتقل في عناصر البيئة، والمصير النهائي لهذه الملوثات.

أما الحقيقة الأولى فهي أن الملوثات المشعة التي انبعثت من المفاعلات النووية دخلت أولاً إلى الهواء ثم إلى ماء البحر، وبعد فترة من الزمن انتقلت إلى المكونات الحية في البيئة البحرية، مثل الكائنات الدقيقة النباتية والحيوانية التي تعيش في عمود الماء، ثم إلى الأسماك الصغيرة وأخيراً إلى الأسماك الكبيرة مثل التونا. 

أما الحقيقة الثانية فهي أن الملوثات المشعة تراكمت رويداً رويداً في الكائنات البحرية، وعلى رأسها الأسماك الكبيرة مثل التونا، مما يعني أن المواد المشعة التي دخلت البحر، ولو كانت بأحجام منخفضة، إلا أنها تركزت مع الوقت وتضخمت في أنسجة الأسماك الدهنية أو العضلية، وأصبحت هذه الأنسجة الحيوانية كمقبرة لهذه الملوثات.

والحقيقة الثالثة فهي أن التلوث الإشعاعي الذي بدأ بالإنسان عندما انطلق إلى البيئة، انتهى بالإنسان أيضاً في نهاية المطاف، فنحن نأكل الأسماك ونتغذى عليها، فعند تسممها وتلوثها بالمواد المشعة يعني تسمم أجسامنا وإصابتنا بالأمراض.

أما الحقيقة الرابعة والأخيرة فهي أن التلوث الإشعاعي ينتقل من خلال الأوساط البيئية، كبيئة البحر، أو من خلال الكائنات البحرية المهاجرة، كسمك التونا، فيصل إلى مناطق لا علاقة لها بمصدر التلوث، وتبعد آلاف الكيلومترات عنه. فالكرة الأرضية بيئة واحدة كبيرة، إذا اشتكى منها عضو تداعي لها سائر الجسد بالسهر والحمى.    
 
كل هذه الحقائق أثبتتها هذه الدراسة التي قامت بتحليل عينات من أسماك التونا التي تضع بيضها في بحر اليابان وتتحرك في سواحلها، ثم تبدأ هجرتها عبر المحيط الهادئ ولمسافة تزيد على 9600 كيلومترٍ حتى تصل إلى سواحل كاليفورنيا، فتبقى هناك فترة من الزمن وتعود مرة ثانية إلى مسقط رأسها لتُعيد دورة الحياة. فأسماك التونا القادمة من اليابان والتي تم اصطيادها في سواحل مدينة سانت ديجو بولاية كاليفورنيا، تأكد وجود مستويات غير عادية من الملوثات المشعة التي انبعثت من مفاعلات فوكاشيما قبل أكثر من عام، مثل العنصر المشع السيزيم.

وحيث إنه من المعروف أن التونا من المكونات الأساسية للسوشي، فماذا سيكون قرارك بعد أن عرفت هذه الحقائق العلمية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق