الجمعة، 15 يونيو 2012

شركة الميكروسوفت


شركة الميكروسوفت العملاقة التي غزت أسواق العالم، ودخلت إلى مكاتبنا، ومنازلنا بإصدار برنامجها الذي لا مثيل له حتى الآن “الوندوز”، تقوم حالياً بإجراء تغييراتٍ جذرية وجوهرية على كافة عملياتها اليومية وأسلوب تشغيل الشركات التابعة لها، فهي تعمل ما يُطلق عليه “بالتدقيق البيئي الداخلي” الذي يشمل كل صغيرة وكبيرة تقوم بها الشركة بهدف خفض انبعاث عمليات الشركة وممارساتها اليومية للكربون، أو بعبارة أخرى التقليل من انبعاث الغازات المتهمة برفع درجة حرارة الأرض وإحداث التغير المناخي.  

فلو تَجولتَ في موقع الشركة ستجد مُدونة تقول: “العمل على قضايا استخدام الطاقة والتحسين البيئي يُعطينا ويُقدم لنا فرصة أخرى لنطور العالم ونقدم شيئاً جديداً، وهي فرصة لإحداث تغييرات ايجابية، ولذلك سنقوم بحلول الأول من يوليو بالالتزام بسياسة خفض إنبعاثات الكربون من مراكز المعلومات، ومختبرات البرامج، والمكاتب، وسفر الموظفين”. ولتنفيذ هذه الرؤية الجديدة على المستوى العملي، ستقوم الشركة بالتدقيق البيئي على كل وحدة من حيث استهلاكها للطاقة وإنتاجها للكربون، واستخدامها لمصادر الطاقة البديلة والنظيفة. 

وهذا التوجه الجديد للشركة يتوافق مع التوجه الدولي من حيث العمل على خفض إنبعاثات الدول والمؤسسات الخاصة والعامة لحجم الملوثات التي تنبعث من عملياتها والمتعلقة برفع درجة حرارة الأرض والتغير المناخي.

ولذلك تسعى كل شركات العالم على تحقيق هذه السياسة مهما كان نوع هذه الشركة والأعمال التي تقوم بها.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، اتجهت شركات إنتاج الكوكا أو الشوكولاته إلى تحويل كل عملياتها التشغيلية والإنتاجية، بدءاً بالإنتاج الزراعي لأشجار الكوكا من جرنادا وجزر الكاريبي الأخرى، إلى مرحلة نقل الكوكا إلى أوروبا وغيرها. ففي عمليات الزراعة تم استخدام الآليات والمحركات التي تعمل بالطاقة النظيفة المتجددة وهي الطاقة الشمسية بدلاً من الديزل أو الجازولين، كما تقوم شركات نقل الكوكا عبر المحيط الأطلسي إلى استخدام السفن الخشبية الشراعية التي تسير بطاقة الرياح بدلاً من سفن الديزل أو أنواع الوقود الأحفوري الأخرى، وأول سفينة شراعية اُستخدمت لهذا الغرض هي ترس همبرس، والتي قامت برحلتها الأولى قبل أسبوع من جرنادا، ووصلت إلى ميناء بورتس موث البريطاني.

ولكن ما هو المقصد وراء هذه السياسة التي تتبناها الدول والشركات الخاصة؟

في رأيي الشخصي هناك هدفان لهذه السياسة. الهدف الأول اقتصادي بحت ويسعى إلى تخفيض نفقات التشغيل لهذه الشركات من خلال تغيير الممارسات اليومية وتغيير اتجاهات وسلوكيات الأفراد العاملين في هذه الشركات، وبخاصة في مجال تقنين وترشيد استهلاك الطاقة، واستعمالها بطريقة أكثر فاعلية وجدوى. فكل هذه الممارسات تؤدي في نهاية المطاف إلى خفض تكاليف التشغيل وتوفير مبالغ كبيرة من المال من خلال انخفاض فاتورة الكهرباء.

أما الهدف الثاني فهو يصب في التزامات الدول البيئية والأخلاقية المتعلقة بخفض انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى المعنية بالتغير المناخي حسب بروتوكول كيوتو، والتزامات وتعهدات الدول تنعكس على الشركات والمصانع الموجودة في تلك الدولة. فكل مؤسسة مُلزمة من قبل الدولة على أن تقوم بواجبها وتتحمل مسؤوليتها من ناحية خفض مستوى انطلاق أنشطتها اليومية من الملوثات إلى الهواء الجوي.

ولذلك فإن قيام الشركات بالتعديلات الجذرية على أعمالها تنبع أساساً من الدافع والحافز الاقتصادي، ولكن لحسن الحظ أن هذه التعديلات والتغييرات لها مردودات ايجابية تنعكس على البيئة وثرواتها الحية وغير الحية في الوقت نفسه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق