الخميس، 22 أغسطس 2024

المخلفات الغازية والصلبة الناجمة عن حرب الإبادة في غزة


عدة دراسات وتقارير أممية وجامعية وإعلامية نُشرت منذ حرب الإبادة الجماعية الشاملة التي يشنها الكيان الصهيوني بدعمٍ ومساعدة عسكرية شاملة من الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وبريطانيا ودول غربية أخرى. وهذه التقارير وثقت وغطت جوانب مختلفة تمخضت عن حرب الإبادة الشاملة، ومعظمها ركز على الجانب الإنساني من حيث مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني في غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة على الجانب العمراني المتمثل في التدمير الشامل للمباني السكنية، والمرافق الخدمية العامة، والمساجد والكنائس والجامعات والمقابر، والحقول الزراعية المثمرة والمنتجة.

 

وهذه الحرب الضروس الظالمة على الشعب الفلسطيني الأعزل المدافع عن وطنه وأرضه وعرضه، تمخضت عنها أيضاً تأثيرات بيئية عميقة، ومردودات عقيمة تجذرت في شرايين كل مكونات البيئة الحية وغير الحية. ولكن هذا الجانب لم يحظ بالاهتمام المطلوب، ولم يلق ما يستحق من عناية ورعاية وتوثيق علمي دقيق، فلا حياة كريمة للإنسان في بيئة ملوثة، ولا حياة صحية وآمنة للإنسان عند العيش في ظلِ هواء ملوث، وماء آسن، وتربة مسمومة، فلا استدامة ولا سلامة. 

 

فالعمليات العسكرية الصهيونية المشتركة من الجو، والبر، والبحر، ولَّدت انبعاثات غازية مشبعة بخليطٍ معقد من الملوثات السامة والخطرة، كما أنتجت كميات ضخمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية من المخلفات الصلبة الخطرة والمتفجرة والسامة والمسرطنة من جهة، والمخلفات الصلبة غير الخطرة من جهة أخرى.

 

أما الانبعاثات الغازية السامة التي لوثت الهواء الجوي وأفسدت جودته وصحته فنجمت من عدة مصادر متنوعة. فالمصدر الأول نجم عن حركة الطيران الحربي جواً، وثانياً الانبعاثات من انفجار الأطنان من مختلف أنواع القنابل والمتفجرات والصواريخ خلال 60 يوماً فقط، وثالثاً من حركة طائرات الشحن العسكرية الأمريكية العملاقة خاصة والغربية عامة، والتي لم تتوقف طوال فترة الهجوم العسكري البري والجوي والبحري، إضافة إلى الانبعاثات من عوادم السيارات البرية العسكرية بمختلف أنواعها وأحجامها.

 

أما بالنسبة لانبعاثات الملوثات من المتفجرات فأخطرها من قنابل الفوسفور الأبيض المحرمة دولياً والتي استُخدمت في عدة أيام على سكان غزة، منها يومي 10 و 11 أكتوبر 2023، حسب التقارير الصادرة من صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، ومنظمة العفو الدولية وهيومان رايتس. وهذه القنبلة، أو القذيفة الكيماوية، تُطلق من المدافع أو الصواريخ، وعند التماسها بالأكسجين في الهواء الجوي تحترق وتشتعل وتولد كمية ضخمة من الحرارة العالية جداً ومن الأدخنة والسحب البيضاء السامة والحارقة للبشر والشجر والحجر والحيوان. وهذه القنبلة الفوسفورية لها بصمات عميقة وعقيمة تتركها في مكونات البيئة وفي جسم الإنسان فتبقى خالدة مخلدة فيها عقوداً طويلة من الزمن. فجسيمات الفوسفور الحارقة تنزل على البشر، وعلى المسطحات المائية، وعلى التربة فتلوثها جميعاً وتتجذر في أعماقها تحت سطح التربة وإلى المياه الجوفية وتتراكم فيها يوماً بعد يوم، فتنتقل مع الوقت من النبات إلى الحيوان والإنسان ضمن السلسلة الغذائية.

 

كذلك فإن القنابل بشكل عام عندما تسقط على الأرض تولد أدخنة سوداء مظلمة تحول النهار ليلاً، وقاتلة للبشر والشجر على المدى القريب والبعيد. فهذه الأدخنة السوداء التي نُطلق عليها بالجسيمات الدقيقة تهدد صحة الإنسان من جانبين. الأول هو تعرض الإنسان مباشرة لهذه الملوثات المسرطنة فتدخل حسب حجمها إلى الإنسان عن طريق الجهاز التنفسي، وقد تصل إلى الجزء السفلي من الجهاز التنفسي وإلى الرئتين والشعاب الهوائية فيها، ثم تنتقل فتدخل إلى الدورة الدموية، ومنها إلى كل خلية من خلايا أعضاء جسم الإنسان. وأما الجانب الثاني فإن الجسيمات الدقيقة السوداء تحمل على سطحها الملوثات المسرطنة والسامة الأخرى التي تمتصها من الجو الملوث والمسموم، فتتضاعف تهديداتها لصحة الإنسان، وتزيد هذه التهديدات بالنسبة للأطفال والمرضى الذين يعانون من مشكلات في التنفس. وعلاوة على الدخان المنبعث من المتفجرات فإن هناك ملوثات أخرى سامة تنطلق منها فتفسد نقاوة الهواء الجوي وتدمر صحة البشر، منها أكاسيد النيتروجين، وأول أكسيد الكربون، وأنواع كثيرة من المعادن الثقيلة السامة، وفي مقدمتها الرصاص.

 

وعلاوة على ذلك كله فجميع المصادر التي ذكرتُها تنبعث عنها غاز ثاني أكسيد الكربون المسؤول الأول عن أعظم وأعقد قضية بيئية وصحية عرفها الإنسان في تاريخه، وهي قضية التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض والمردودات الأخرى الكثيرة الناجمة عنها. فقد أكدت عدة دراسات أولية بأن الانبعاثات من حرب الإبادة في غزة من غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى مرتفعة جداً، وتُعتبر أكثر من الانبعاثات السنوية للكثير من دول العالم من هذا الغاز، حيث قُدَّرت الكمية خلال شهرين فقط من العدوان الصهيوني بدءاً من السابع من أكتوبر 2023، بنحو 281 ألف طن من مكافئ غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يساوي حرق ما لا يقل عن 150 ألف طن من الفحم. وهذه الدراسة الأولية منشورة في 9 يناير 2024 في (Social Science Research Network) تحت عنوان: "الانبعاثات الزمانية المتعددة لغازات الدفيئة من نزاع إسرائيل- غزة".

 

وأما المخلفات الصلبة التي نجمت عن الإبادة الشاملة لغزة، فيمكن تصنيفها إلى مخلفات صلبة خطرة وغير خطرة. فأما المخلفات غير الخطرة فتتمثل في ركام المباني المهدومة والخرسانة المسلحة بأنواعها والأعمدة الحديدية والمعدنية بشكلٍ عام، إضافة على مخلفات الشوارع الإسفلتية وغير الإسفلتية التي تم تدميرها. والمخلفات الخطرة فهي المواد العازلة الأسبستية المسرطنة من المباني ومخلفات المستشفيات الخطرة، إضافة إلى القنابل والصواريخ والذخائر الأخرى الموقوتة قد تنفجر في أي وقت، وبقايا جثث آلاف الشهداء الذين مازالوا تحت ركام المباني. وقد قامت منظمات الأمم المتحدة وبعض الباحثين بتقديرها حسب صور الأقمار الصناعية التي تُقدم عدد المباني والعمارات والمرافق التي تم هدمها. فعلى سبيل المثال، هناك التقرير الصادر عن معهد الأمم المتحدة للتدريب والأبحاث(United Nations Institute for Training & Research) والمنشور في الأول من أغسطس 2024، تحت عنوان: "غزة: المخلفات الناجمة عن النزاع الحالي يقدر بأكثر 14 مرة من اجمالي المخلفات الناجمة عن النزاعات الأخرى منذ عام 2008"، إضافة إلى التقرير الأممي من برنامج الأمم المتحدة للبيئة (United Nations Environment Program)، وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية(United Nations Habitat)، وتحقيق "البلومبيرج" في 16 أغسطس 2024.

 

فكمية المخلفات الصلبة غير الخطرة التي قُدِّرت في السابع من يناير بلغت قرابة 2 مليون و 293 ألف طن، في حين أن هذه الكمية الضخمة زادت بنسبة 83% في 6 يوليو حيث وصلت إلى 41 مليون و 946 ألف طن، أي نحو 300 كيلوجرام من المخلفات الصلبة في المتر المربع من قطاع غزة. وفي تقديري ونتيجة لاستمرار العدوان الهمجي البربري على البنية التحتية السكنية والخدمية فإن كمية المخلفات الصلبة قد تتجاوز الـ 50 مليون طن.

 

فهذه المخلفات الغازية والصلبة الخطرة وغير الخطرة ستمثل أزمة خالدة في المجتمع الغزاوي بعد أن ينتهي العدوان الصهيوني، وستحتاج للتخلص منها إلى عقود طويلة من الزمن، وكلفة مالية عالية مرهقة لميزانية أية دولة.

الثلاثاء، 20 أغسطس 2024

متى سيتعظ العالم؟

 

حكمةٌ تعلمناها ونحن صغاراً في المدارس الابتدائية وهي تقول "الوقاية خير من العلاج"، أو بصياغة أخرى "درهم وقاية خير من قنطار علاج". وهذه الحكمة، أو المثل والقول المأثور ومدلولاتها ومعانيها ليست حكراً على العالم العربي والإسلامي، فهي بهذه الصياغة مغروسة أيضاً منذ القدم في المجتمعات الأخرى الغربية والشرقية. أي أن هناك اتفاقاً دولياً واجماعاً كاملاً بين جميع البشر في جميع مراحل التاريخ وفي كل أنحاء العالم على مفاهيم هذه الحكمة ومصداقيتها وواقعيتها في حياتنا اليومية، بل وإن هذه الحكمة أصبحت الآن حقيقة علمية منهجية تتبعها وتُدرسها الجامعات ومراكز الأبحاث.

 

فهذه الحكمة الدولية الجامعة تعْني وباختصار شديد أن الأولوية في علاج أية قضية تواجه الإنسان والمجتمعات البشرية، سواء أكانت بيئية أو صحية أو اجتماعية أو اقتصادية تكمن أولاً في اتخاذ كافة الإجراءات والوسائل لمنع وقوع القضية من جذورها والوقاية منها قبل وقوعها. كما تؤكد هذه الحكمة أنه لا جدوى على المدى البعيد لمواجهة أي قضية باستخدام مدخل العلاج عندما تنزل على البشر، فإذا لم نمنع أسباب وقوع القضية، ولم نحارب العوامل المؤدية إلى نزولها، فالعلاج حتماً لا ينفع ولا يجدي ولا يقضي على القضية من أساسها، فهي ستنزل مرة ثانية، وثالثة ولن تنتهي أبداً، ولا يمكن التخلص منها كلياً واستئصالها من جذورها في أعماق الأرض، وبأسلوب عصري حديث فإن هذه الحكمة هي طريقنا لتحقيق التنمية المستدامة.

 

فنحن نقف اليوم أمام قضية صحية عامة نزلت على المجتمع البشري برمته في كل أنحاء ومدن العالم، وهي انتشار مرض جدري القردة (monkeypox) مرة ثانية في العالم ومن جديد، وكأن الإنسان لم يتعلم من الدروس الماضية عندما عم البلاء أول مرة، واشتد في الكثير من المدن، ولم يتعظ من آلام المرضى ومعاناة المصابين، ولم يستفد من آهات أسر ضحايا هذا المرض المعدي العقيم الذين فقدوا عزيزاً لهم فريسة لهذا المرض.

 

فنتيجة لتفشي هذا المرض وانتشاره في دول العالم، وبالتحديد في 116 دولة، قررت منظمة الصحة العالمية في 22 يوليو 2022 الإعلان عن أن مرض جدري القردة بأنه يُعد حالة طوارئ صحية عامة، حيث كانت المحصلة النهائية لعدد الحالات المرضية أكثر من 99 ألف حالة، انتقل أكثر من 208 منهم إلى مثواهم الأخير.

 

وقد اكتشف العلماء أول ظهور للمرض قبل أكثر من 55 عاماً، وبالتحديد في جمهورية الكونجو حيث انتقل فيروس جدري القردة الذي هو نوع من أنواع الفيروس الشهير الذي يسبب مرض الجدري من الحيوانات إلى الإنسان، ثم تطور هذا الفيروس من خلال تحورات الفيروس وانكشاف سلالات جديدة تأقلمت وتكيفت مع جسم الإنسان، وبدأ ينتقل بين البشر من إنسان إلى آخر وفي دول أخرى أفريقية غير الكونجو. ومع الزمن ومع هذه التحورات في الفيروس، أصبحت له القدرة على العدوى السريعة بين البشر وغزو دول أخرى لم تكن تعرف من قبل بوجود هذا الفيروس المرضي المعدي، فانتقل إلى القارة الأوروبية والأمريكية وقارة آسيا، حتى شمل كل قارات الأرض.

 

وبعد قرابة سنة واحدة من الجهود الدولية المشتركة، وبالتحديد في مايو 2023، والتنسيق بين الدول للتصدي لهذا الفيروس، نجح المجتمع البشري جزئياً في السيطرة على المرض وخفض أعداده في كل مدن العالم.

 

ولكن لم تمض أشهر طويلة حتى أطل الفيروس برأسه من جديد وانكشف المرض مرة ثانية، ولكن تحت مسمى جديد أيضاً هو جدري إم(Mpox). فبدأ كالعادة في جمهورية الكونجو ثم في 13 دولة أفريقية، حتى وصلت الحالات إلى 17 ألف حالة مرضية في القارة الأفريقية فقط، قضى منهم 524 نحبهم حتى 15 أغسطس 2024، مما اضطرت القارة الأفريقية في 13 أغسطس إلى اعتبار المرض حالة طوارئ صحية عامة. ولكن هذا الفيروس لم يحصر نفسه في القارة الأفريقية، حيث أخذ يزحف رويداً رويداً إلى خارج الحدود الجغرافية للقارة الأفريقية، مما دعا منظمة الصحة العالمية إلى الإعلان عن الفيروس كحالة طوارئ صحية دولية عامة في 14 أغسطس، أي بعد قرابة 15 شهراً من الإعلان عن الوباء الصحي الأول من المرض، فكان الزحف الأول إلى السويد في قارة أوروبا في 15 أغسطس، ثم في قارة آسيا في باكستان في 16 أغسطس من مرضى مصابين قادمين من دولة الإمارات العربية المتحدة.

 

فالفيروس الآن يعد أخطر بكثير من الفيروس الأولي الذي ظهر قبل نحو عامين، وأكثر عدوانية وأشد وطأة على صحة الإنسان وأكثر تنكيلاً بسلامته. فالفيروس في الوباء الأول كان من ضمن النوع الثاني من مجموعات فيروسات جدري القردة (clade II)، فهو الذي كان المتهم والمسؤول عن تفشي الوباء، وقد كان الفيروس لطيفاً بالإنسان وأكثر رحمة به. ولكن الوباء الحالي سببه تحور وتغير في الفيروس القديم، ويقع من ضمن النوع الأول (clade 1b) وبالتحديد سلالة جديدة قاسية ومعدية جداً، وتفتك سريعاً بصحة المصاب، فله القدرة على قتل نحو 10% من اجمالي أعداد المصابين. 

 

ومن هذين الحالتين والكارثتين الصحيتين نرجع إلى الحكمة القائلة "الوقاية خير من العلاج"، ونؤكد على ضرورة تبني مدخل الوقاية واتخاذ الإجراءات التي تستأصل أسباب المرض من شرايين المجتمع برمته حتى ننجح في القضاء عليه جذرياً. ففي كلتا الحالتين أجمع الأطباء وعلماء الفيروسات واتفقوا على أن أحد الأسباب الرئيسة لهذا المرض هو سلوكيات الإنسان الخاطئة، وممارساته الفاسدة، وأعماله اللاأخلاقية، والتي تتمثل في الممارسات الجنسية المنحرفة بين الرجال والنساء، وبالتحديد العلاقات الجنسية الشاذة بين الرجال.

 

فمع تأكيد الأطباء على سبب تفشي الوباء في الحالتين في دول العالم، هل قام المجتمع الدولي بمنظماته، وجمعياته، وآلياته المختلفة على التعامل مع هذه الأسباب بأسلوب منهجي يعتمد على مواجهة هذه الممارسات المنحرفة من شرذمة قليلة من البشر نشرت العدوى في كل أنحاء العالم؟

 

وهل تصدى المجتمع البشري في كل دول العالم لهؤلاء الناس ومنعهم عن هذه التصرفات المشينة وغير الصحية؟ 

 

وبعبارة أخرى هل تبنت منظمة الصحة العالمية والجهات المعنية بحماية صحة الناس في العالم منهجية الوقاية من الوباء من خلال منع كافة العوامل والأسباب المؤدية له، حتى لا يخرج لنا المرض مرة ثالثة؟

 

ولكن مع الأسف إن ما أراه في الواقع يسير في عكس اتجاه الحكمة الصحية "الوقاية خير من العلاج"، فالأسباب المؤدية إلى جدري القردة يتم تشجيعها والتعاطف معها وملاطفتها تحت مبرر حرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان. وما أشاهده أمامي هو الأخذ بيد التيار المنحرف وتحفيزه وتشجيعه على ممارساته على مستوى كل دول العالم، والذي أدى إلى انكشاف الوباء في المرة الأولى والثانية، وإذا واصلنا هذا النهج فيظهر وباء أكثر تدميراً لأمننا الصحي وربما لا نستطيع السيطرة عليه.

 

فكيف سننجح في القضاء على جدري القردة إذا كنا لا نقضي على أسبابه؟

 

 

الخميس، 15 أغسطس 2024

السباق النووي للكبار فقط!


نَشرتْ مجلة "الإيكونُومِستْ" الشهيرة المعنية بالشأن الاقتصادي مقالاً في 12 أغسطس 2024 تحت عنوان: "أمريكا تستعد لسباق جديد للأسلحة النووية"، حيث جاء في المقال بأن الولايات المتحدة بدأت في إنتاج وتخزين مختلف أنواع الأسلحة النووية من قنابل ذرية تُحمل في الطائرات، أو صواريخ ذات رؤوس نووية أرضية، أو صواريخ نووية بحرية محملة في الغواصات. كما أفاد المقال بأن هذا الاقدام المتسارع والكبير على إنتاج الأسلحة النووية جاء بسبب حرب روسيا مع أوكرانيا وتهديدها باستخدام السلاح النووي، ونية الصين إلى الدخول في حرب مع تايوان وسرعة إنتاجها وتخزينها للأسلحة النووية، إضافة إلى الترسانة النووية المتراكمة في كوريا الشمالية ومحاولات إيران لامتلاك السلاح النووي.

 

وفي تقديري فإن عنوان مقال الإيكونومست يضلل القارئ ولا يقدم المعلومات الواقعية الدقيقة، فهو يشير إلى أن أمريكا تستعد لسباق جديد للأسلحة النووية وكأنها توقفت يوماً ما في إنتاج وتطوير أنواع جديدة وحديثة من السلاح النووي في تاريخها الطويل الذي بدأ بمشروع منهاتن المعروف، والذي تمخض عنه القنبلة الذرية التي أُلقيت عام 1945 على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان. فمنذ ذلك التاريخ وأمريكا في حالة استعداد ونفور دائمين، فلم تغفل ولو ساعة عن تطوير أسلحة الدمار الشامل بجميع أنواعها وشدتها، ولم تتجاهل ولو دقيقة عن تحقيق هدفها الرئيس وهو بلوغ التفوق العسكري النووي والتقليدي من الناحيتين النوعية والعددية على كل دول العالم. فهي كانت ومازالت وستستمر في القيام بهذه البرامج العسكرية النووية والتقليدية من خلال تطويرها للأسلحة النووية من جهة، وبدون أن تواجه أية عوائق أو ضوابط، ومن جهة أخرى تعمل بكل الوسائل والطرق الشرعية وغير الشرعية ومن خلال وسيلة "شرطة" منظمات الأمم المتحدة، وأداة الاتفاقيات والمعاهدات الأممية الخاصة بالانتشار والتسليح النووي على منع كل دول العالم من الدخول في المجال النووي، أو حتى الاقتراب منه، سواء أكان المجال النووي العسكري بشكل خاص، أو حتى السلمي في الكثير من الحالات، فهذه المجالات حلال عليهم وحرام على الآخرين.

 

وقد أكد على ذلك "براناي فادي" (Pranay Vaddi) "المساعد الخاص للرئيس والمدير الأول لشؤون الحد من الأسلحة ونزع السلاح ومنع الانتشار النووي في مجلس الأمن القومي" في المحاضرة التي ألقاها في 7 يونيو 2024 في العاصمة واشنطن "دي سي" في اللقاء السنوي لجمعية "الحد من الأسلحة"(Arms Control Association )، تحت عنوان: "تكييف المدخل الأمريكي في مجال الحد من الأسلحة ومنع انتشار الأسلحة إلى عصر جديد". فقد قال هذا المسؤول النووي الأمريكي بأن أمريكا ركزت على هدف مركزي منذ عقود طويلة وهو الحد من مخاطر نشوب صراع نووي كارثي، كما قال بأننا ملتزمون بتحقيق السلام والأمن في عالم خال من الأسلحة النووية، إضافة إلى الحاجة إلى الحد من تراكم وانتشار الأسلحة النووية. وأضاف بأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتجاهل قوتها العسكرية، فيجب أن نبقى أقوياء. وقال روسيا والصين وكوريا الشمالية تتوسع وتُنوع ترسانتها النووية بدون أن تبدي أية رغبة في الحد من الأسلحة، إضافة إلى إيران، فجميعها تتعاون وتنسق مع بعضها البعض بحيث أنها تزعزع السلام والاستقرار وتهدد الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا. كذلك أكد في المحاضرة على أن المرحلة، أو العصر النووي الجديد يتمحور على ثلاثة أعمدة، حسب المنشور في وثيقة الرئيس بايدن تحت عنوان: "إرشادات توظيف الأسلحة النووية"(Nuclear Weapons Employment Guidance). وهذه الوثيقة هي النسخة الأخيرة بعد الوثيقة التي أصدرها الرئيس السابق ترمب في 30 نوفمبر 2020، وأُطلق عليها بتقرير 491.

 

ولذلك سعي الولايات المتحدة الأمريكية لم ينقطع، ولم يتوقف أبداً، وتعمل جاهدة ليلاً نهاراً وبشكلٍ دائم على أن تكون في المرتبة الأولى في السباق النووي، وتريد أن تحافظ على الصدارة والتفوق منذ الأربعينيات من القرن المنصرم وأن تحتكر المركز الأول لها فقط وبدون منازع، وتحاول في الوقت نفسه خفض عدد اللاعبين في سباق النخبة المخصص للكبار. فهذا التفوق النووي العسكري أداة للهيمنة على الدولة والسيطرة عليها أمنياً وسياسياً، ووسيلة للابتزاز والسيادة على القرار السياسي للدول الأخرى، وبهذا التفوق تعمل على نهب وسرقة ثروات وخيرات الدول التي لا تمتلك مثل هذه القوة.

فقد نشر مركز "ستيمسن"(Stimson) تقريراً في 7 أغسطس 2024 تحت عنوان: "مستنقع الأسلحة النووية الأمريكية"، حيث قدَّر التقرير إنفاق الولايات المتحدة على برنامج وترسانة الأسلحة النووية، سواء من ناحية تحديث الأسلحة القديمة، أو من ناحية جيل جديد متطور من هذه الأسلحة، بمبلغ خيالي غير مسبوق في تاريخ أمريكا وهو 1.7 تريليون دولار خلال الثلاثين سنة القادمة. كما جاء في تقرير "اتحاد علماء أمريكا" السنوي حول تطورات الأسلحة النووية تحت عنوان: "ترسانة الأسلحة النووية الأمريكية: 2024" والمنشور في 7 مايو 2024، بأن مكتب الميزانية بالكونجرس قدَّر بأن أمريكا ستُنفق نحو 756 بليون دولار على تحديث وتطوير برامج الأسلحة النووية في الفترة من 2023 إلى 2032، أي معدل 75 بليون دولار سنوياً. كذلك فإن ميزانية وزارة الدفاع لعام 2025 تبلغ 850 بليون دولار، منها 69 بليون دولار للإنفاق على مشاريع وتشغيل الأسلحة النووية.

وفي المقابل هناك العديد من التقارير الأمريكية وغير الأمريكية التي تُعطي تقديرات حول نوعية وكمية الأسلحة النووية التي تمتلكها أمريكا، منها المقال المنشور من "جمعية الحد من الأسلحة" تحت عنوان: "هل الولايات المتحدة تحتاج أسلحة نووية أكثر؟" في العدد الصادر في يوليو/أغسطس 2024، كذلك التقرير المنشور في 13 أغسطس 2024 من (The Cipher Brief)تحت عنوان "الولايات المتحدة تبني أسلحة نووية جديدة بحجة التحكم في الأسلحة"، إضافة إلى التقرير المنشور في 12 يونيو 2023 من "معهد أستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" تحت عنوان: "الدول تستثمر في الترسانة النووية بعد تدهور العلاقات الجيوسياسية". فكل هذه التقارير تفيد بأن أمريكا تمتلك العدد الأكبر على المستوى الدولي من الأسلحة النووية والتي تُقدر بنحو 3700 سلاح نووي، منها قنابل الجاذبية، ومنها الرؤوس النووية للصواريخ البرية والبحرية قصيرة وطويلة المدى والتي تصل إلى قرابة 1670 رأساً نووياً. فعلى سبيل المثال، تمتلك عدداً من قنابل الجاذبية العظيمة(B83) وقوتها 1.2 ميجا طن، وهي أقوى من قنبلة هيروشيما بأكثر من 80 مرة. وهذا النوع سيحال إلى التقاعد لارتفاع كلفة الصيانة وستستبدل بقنابل(B61-13) التي قوتها 360 كيلوطن. كذلك هناك الرؤوس النووية من نوع(W93) و (W76-2) التي قوة كل واحد منه 5 كيلوطن، أو نحو نصف القوة التدميرية لقنبلة هيروشيما.

 

فهذا السباق للتسلح النووي بشكلٍ خاص بين الدول الكبار قديم منذ أيام ما قبل الحرب العالمية، ثم تحول بعد الحرب العقيمة إلى حربٍ باردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وتنافسٍ على تحقيق السبق والتفوق النووي العسكري. واليوم هذه الحرب الباردة بدأت من جديد، والسباق يحتدم للتفوق النووي النوعي والكمي، ولكن اليوم زاد عدد المتسابقين في الملعب، فدخلت الصين وكوريا الشمالية في السباق. وأما الدول الأخرى، وبالتحديد الدول الفقيرة والضعيفة والنامية فستبقى دائماً كما كانت خارج السباق، وتتفرج على النتائج عن بعد، حيث أقنعت أمريكا بعض هذه الدول أنها لا تحتاج أبداً إلى هذا النوع من السلاح، ويكفي أن تدخل معها في اتفاقيات ثنائية لحمايتها والدفاع عنها.

 

وهذا السباق النووي النخبوي بين هذه الدول المتقدمة الكبيرة يجب أن يتوقف كلياً، فهو سباق نحو الموت والدمار ويهدد مباشرة الأمن والسلم الدوليين، وهو سباق عقيم يضع كوكبنا على شفا حفرة من التدمير الشامل من هذه القوى النووية الشريرة، وهو سباق نحو الإنفاق على الشر بدلاً من الخير، والانفاق على الفساد بدلاً من البناء والاعمار.

الاثنين، 12 أغسطس 2024

الأبعاد الدولية لتلوث نهر السين في باريس

 

حادثة رياضية غريبة وقعت أثناء الألعاب الأولمبية في باريس، وتتمثل في انسحاب الفريق البلجيكي في الخامس من أغسطس من سباق "الترايثيلون" الذي يتكون من ثلاث مسابقات هي ركوب الدراجة، والجري، ثم السباحة. وقد كان السبب في اعتراض بلجيكا وانسحابها هو عدم وجود الملعب المناسب الذي يتوافق مع المعايير والاشتراطات الأولمبية، وبالتحديد سباق السباحة الذي ينظم في نهر السين(Seine) العظيم الذي يمر في قلب العاصمة الفرنسية، باريس. وقد قامت اللجنة المنظمة لسباق الترايثيلون في الغاء، أو تأجيل الجزء المتعلق بالسباحة في النهر عدة مرات، إما لساعات، أو حتى أياماً نظراً لتلوث مياه النهر وعدم موافقة جودة المياه لمعايير الاتحاد العالمي للترايثيلون.

ولذلك عزى البلجيكيون انسحابهم وعدم مشاركتهم في الجزء الخاص بالسباحة لأسباب بيئية وصحية، وتتمثل في تلوث مياه نهر السين ببكتيريا القالون الذي يأتي من صرف مياه المجاري في النهر، إضافة إلى مرض المتسابقين الذين سبحوا في هذا النهر الملوث بالجراثيم المرضية في الجهاز العظمي.

فهذا الحدث الرياضي الذي قد يعتبره البعض لأول وهلة وبنظرة سطحية عابرة بأنه حدث بسيط ووقع في ميدان الرياضة، له مدلولات خطيرة كثيرة ومتنوعة على كافة المستويات القومية والإقليمية والدولية، ويؤشر إلى وجود قضايا حيوية مرتبطة بحياة الشعوب وسلامتهم، وله تأثيرات عميقة على إدارة الدولة لمواردها وثرواتها الطبيعية الحية وغير الحية، ومرافقها العامة وخدماتها التي تُقدمها للناس.

أما المؤشر الأول فيبين العلاقة التبادلية والتكاملية بين الرياضة والبيئة، ويؤكد تأثير كل واحدٍ منهما على الآخر. فالرياضة واللاعب الرياضي لكي يمارس لعبته ويحقق الأرقام القياسية الجديدة والألقاب المتميزة والرفيعة في الألعاب الأولمبية وغيرها فإنه بحاجة إلى بيئة نقية ونظيفة، سواء أكانت جودة الهواء الجوي وخلوه من الملوثات السامة والمسرطنة التي تفسد أداء الرياضي في الألعاب الخارجية، وتؤثر على مستواه وتعيق تحقيق الإنجازات والأرقام الجديدة، أو كانت جودة المياه السطحية التي تُمارس فيها الرياضات المائية. ومن جانب آخر فإن المسابقات الرياضة الدولية والإقليمية الكبيرة كالألعاب الأولمبية وكأس العالم في كرة القدم وغيرهما إن لم تأخذ في الاعتبار الجانب البيئي وحماية البيئة والحفاظ على مواردها، فإنها ستترك بصماتٍ عميقة، وتغرس غرسة سيئة ومفسدة لجميع مكونات البيئة وصحة الإنسان، فتؤدي إلى تدهور صحتها من الناحيتين الكمية والنوعية.

وأما المؤشر الثاني فيؤكد تدمير الإنسان للثروات الطبيعية والموارد البيئية، وعدم الاهتمام بها، وتجاهل صحتها وسلامتها للأجيال الحالية والمستقبلية، والمتمثلة في حالتنا هذه في نهر السين في باريس، أو المسطحات المائية بشكلٍ عام على المستوى الدولي، من أنهار، وبحيرات، وبحار ومحيطات.

فأزمة تلوث ومعاناة نهر السين قديمة ومستمرة منذ عام 1923، عندما مُنع الإنسان الفرنسي وحُرم من التمتع بهذا المورد العظيم والخير الوفير، وتم حظر السباحة فيه كلياً، واصطياد الأسماك، وشرب الماء، أي أن قضية تلوث النهر وهذه الثروة المائية العظيمة التي وهبها الله للإنسان أزلية وترافق حياة الأجيال لأكثر من مائة عامٍ وقرن من الزمان. علماً بأن باريس سمحت في 17 يوليو 2024 وعلى مضض، ولحفظ ماء وجهها للسباحة في النهر، وتحت ضغط عشرات الملايين من الناس الذين إما جاؤوا مباشرة إلى باريس، أو الذين شاهدوا الألعاب الأولمبية عن بعد من دولهم.

فتصورا أن دولة عريقة ومتقدمة ومتحضرة وغنية كفرنسا لم تنجح في إعادة الحياة للنهر من جديد وتخليص ماء النهر من الملوثات الحيوية والكيميائية التي تشبعت وتجذرت فيه بعمق منذ عقود طويلة في جسده العليل. وربما في تقديري تجاهلت باريس هذه القضية، وأهملتها طوال هذه السنوات الطويلة، ولم تلق لها بالاً حتى انفجرت الآن في وجه الحكومة الفرنسية وأثرت على سمعتها ومكانتها أمام كل دول العالم المشاركة في الأولمبياد، فظهرت قضية تلوث ماء النهر وانكشفت على السطح على المستوى الدولي في هذه الألعاب الأولمبية في العاصمة باريس، فرأى الجميع حول العالم سَوْءَة هذه البلدة المتقدمة، وحقيقة ما يجري فيها من اهمالٍ مزمن للبيئة ومكوناتها الطبيعية، وتأخر ملحوظ ورجعية شديدة في الأجندة البيئية.

ولكن هل إهمال البيئة وضعف رعايتها وصيانتها بشكلٍ مستدام، ممثلة في المسطحات المائية كالأنهار قضية معزولة وفردية تخص فرنسا فقط؟ أم أنها الآن ظاهرة دولية تعاني منها معظم المسطحات المائية في المدن الحضرية حول العالم؟

فلو ذهبنا إلى عاصمة الضباب لندن لوجدنا الحالة نفسها تتكرر من حيث تلوث مياه نهر التايمز (Thames) العريق الذي يعد شريان الحياة في هذه المدينة التاريخية المتقدمة. فهذا النهر تحول إلى مقبرة واسعة، ومكب عام للمخلفات السائلة والصلبة، وبخاصة مياه المجاري. فقد نُشر تقرير في 27 مارس 2024 عن وكالة البيئة البريطانية حول حجم صرف مياه الأمطار الفائضة مع مياه المجاري الخام وغير المعالجة إلى النهر لعام 2023، وأكد التقري بأن هناك زيادة في تسربات مياه المجاري في عام 2023 تصل إلى 54% مقارنة بعام 2022.

وتلوث مياه المسطحات المائية سواء أكانت الأنهار أو البحيرات أو المحيطات تسبب أزمات خانقة للدول التي تعتمد على هذه البيئات الحيوية كمصدر لمياه الشرب، أو لتحقيق الأمن الغذائي الفطري للشعب، أو من الناحية الصحية المتمثلة في انتقال الأمراض المعدية وغير المعدية من هذه المياه الملوثة إلى الإنسان والحياة الفطرية النباتية والحيوانية. ولذلك فمثل هذه الظاهرة تخالف المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وهي حقه في التمتع بالماء الصحي النظيف الخالي من الشوائب والملوثات والذي لا يسبب له أية أمراض حادة أو مزمنة، إضافة إلى حقه في توافر الغذاء السليم والآمن والكافي لإشباع الشعب، كما أن هذه الظاهرة لا تستقيم وتتعارض مع واجبات الدول في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وهناك عدة أسباب تقف وراء ظاهرة تلوث مياه الأنهار والمسطحات المائية الأخرى. الأول هو عدم فصل أنابيب ونظام صرف مياه الأمطار عن مياه المجاري، مما يشكل عبئاً كبيراً على محطات معالجة مياه المجاري وتزيد عن طاقتها الاستيعابية في المعالجة، وبخاصة عندما تنزل الأمطار الشديدة ولساعات طويلة، مما يضطر المشغلون إلى صرف مياه الأمطار مع مياه المجاري الخام مباشرة إلى الأنهار. وأما السبب الثاني فهو عدم مواكبة مشاريع التنمية والزيادة السكانية مع قدرة الخدمات العامة من مياه المجاري وغيرها على معالجة المياه المتزايدة التي تنتج عنهما، وبخاصة أن هذه المدن الغربية العريقة لم تقم بتحديث وتطوير وصيانة الأنابيب القديمة البالية والتالفة التي أكل عليها الدهر وشرب والخاصة بالمجاري والأمطار، إضافة إلى عدم رفع الطاقة الاستيعابية لهذه المرافق الخدمية.

ولذلك نجد بأن حادثة بسيطة وقعت في ميدان رياضي، انكشف وظهرت لها دلالات واسعة النطاق، ليست فقط في المدينة التي وقعت فيها الحادثة وإنما في معظم مدن العالم، كما أن هذه الدلالات والمؤشرات تبينت ليس في الميدان الرياضي الضيق فحسب، وإنما في القطاعات الأخرى على حدٍ سواء.