الجمعة، 9 مارس 2012

إلقاء بقايا الأمريكيين مع المخلفات

أَجمعتْ الصحف الأمريكية والبريطانية ومحطات التلفاز الرئيسة في 29 فبراير 2012 على التعليق على خبرٍ جاء تحت عنوان: “بقايا ضحايا كارثة الحادي عشر من سبتمبر تم التخلص منها في مواقع دفن المخلفات”. وقد تم نقل هذا الخبر عبر المؤتمر الصحفي الذي دعا إليه الجنرال المتقاعد في الجيش الأمريكي جون أبي زيد القائد المعروف للقوات الأمريكية أثناء حرب الخليج.

وهذا الخبر الجديد مرتبط بمقالٍ كتبته في 27 نوفمبر 2011 حول مصير بقايا الجنود الأمريكيين الذين قاتلوا في العراق وأفغانستان، حيث كانت تُحرق في قاعدة دوفر للقوات الجوية العسكرية، ثم تقوم إحدى الشركات المتخصصة في التخلص من المخلفات برميها في موقعٍ لدفن القمامة.

فبعد فضح هذه الممارسات اللامسؤولة وغير الإنسانية التي كانت تجري في قاعدة دوفر من قبل صحيفة الواشنطن بوست في 10 نوفمبر 2011 من خلال المقال تحت عنوان:“الخـِزْي، الجيش الأمريكي يرمي أجسام الموتى من الجنود في مواقع الدفن”، اضطر وزير الدفاع ليون بانيته في 22 نوفمبر إلى تشكيل لجنة مستقلة برآسة جون أبي زيد تهدف إلى التحقيق في الممارسات التي كانت تجري في القاعدة الجوية في كيفية التعامل مع بقايا جثث الجنود.

وقبل انتهاء هذه اللجنة من مهمتها، ثارت الشكوك أيضاً حول أسلوب التعامل مع بقايا ضحايا كارثة الحادي عشر من سبتمبر، فقام العديد من أعضاء الكونجرس بالضغط على وزير الدفاع للكشف عن مصير ضحايا الكارثة، ومن بينهم النائب الديمقراطي رش هولت، الذي أرسل خطاباً إلى وزير الدفاع في 6 فبراير من العام الجاري وقال فيه: “هل تستطيع القوات الجوية التأكيد على أن بقايا ضحايا الحادي عشر من سبتمبر لم يتم حرقهم وخلطهم مع المخلفات الطبية، ثم دفنهم في مواقع دفن المخلفات؟”.

والآن كشفت اللجنة المختصة بالتحقيق في ممارسات قاعدة دوفر الجوية، أن مثل هذه التصرفات المشينة ببقايا الجثث شملت أيضاً ضحايا كارثة الحادي عشر من سبتمبر، حيث تم حرقهم والتخلص منهم برميهم مع المخلفات، كما أكدت اللجنة المستقلة أن المسئولين في القاعدة يتعاملون مع بقايا جثث الجنود وغيرهم منذ أكثر من ثمانية أعوام بهذا الأسلوب السيء الذي لا يعطي أي احترامٍ أو تقدير لبقايا الجنود الذين ضحوا بأجسادهم وأرواحهم فداءً للوطن ودفاعاً عن حرماته.

ونظراً لهول هذه القضية واستياء الرأي العام الأمريكي بها، وبخاصة عوائل وأصدقاء الضحايا، فقد اعترف وزير القوات الجوية مايكل دونلي بهذه التصرفات الخاطئة وقال: “نحن نعبر عن أسفنا على الأسى الذي سببناه للعوائل بعدم التعامل مع بقايا الجثث بطريقة مثالية أو بما لا يتوافق مع المعايير”.

كما أن البيت البيض الأمريكي لم يكن بعيداً عن هذه الفضيحة واضطر أن يبدي رأيه فيها، حيث قال الرئيس أوباما عبر بيانٍ للبيت الأبيض نشر في 28 فبراير، عَبَّر فيه عن قلقه العميق، وجاء فيه اعتراف واضح عن ما أَطلق عليه:“التعامل غير المقبول لبقايا المواطنين في قاعدة دوفر الجوية”، كما ورد في البيان أيضاً أنَّ: “هناك مسؤولية على الولايات المتحدة الأمريكية في العناية بشكلٍ مهني وعاطفي مع الجنود الذين يسقطون أثناء تأدية مهماتهم، ومع الذين فَقَدناهم أثناء كارثة الحادي عشر من سبتمبر”.

وهكذا وبين الحين والآخر تكشف وسائل الإعلام الأمريكية نفسها عن فضائح وممارسات مشينة يرتكبها رجال السياسة والعسكريين في واشنطن دي سي، ليس على شعوب العالم فحسب وإنما على الشعب الأمريكي نفسه، فهل ينتظر الحكام والشعوب من البيت الأبيض معاملة خاصة تقف مع مصالحهم وقضاياهم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق