الاثنين، 19 نوفمبر 2012

مهمة جديدة للـ سي آي إيه


في سبتمبر 2011 أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الحرب الأمريكية والدولية الشاملة على الإرهاب، واليوم وبالتحديد في 8 نوفمبر أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلري كلينتون حرباً شاملة أخرى ولكنها من نوعٍ جديد ولدوافع بيئية بحتة، وهي الحرب من أجل حماية الحياة الفطرية بشقيها النباتي والحيواني، وبهدف حماية التنوع الحيوي والإرث الإحيائي للدول والشعوب، والعمل على مكافحة كافة أنواع القرصنة والتهريب للحياة الفطرية النادرة والمهددة بالإنقراض بين الدول.     

فقد حذرت كلينتون في خطابها الذي ألقتها في مبنى وزارة الخارجية في العاصمة واشنطن دي سي في المؤتمر الدولي حول تهريب وحماية الحياة الفطرية، حيث قالت:“الحكومة الأمريكية ستتعامل مع عملية تهريب الحياة الفطرية بأسلوبٍ جديد، وأكثر تركيزاً من خلال وضع هذه القضية ضمن السياسات الخارجية لأمريكا وجدول الأعمال الأمني....فقد أصبحت عملية التهريب أكثر تنظيماً، وأكثر ربحية، وأكثر انتشاراً، وأكثر خطورة من قبل.... وهذه القضية باتت تهدد حياة الإنسان والحياة الفطرية معاً”، كما أضافت قائلة: “عملية التهريب تعتمد على التسيب عند حدود الدول، وعلى المسئولين الفاسدين، وشبكة قوية من المنظمات الإجرامية، وإنني أعطي أوامري لجهاز المخابرات لعمل تقييم حول تأثيرات تهريب الحياة الفطرية على اهتماماتنا الأمنية، حتى نعلم كافة الأبعاد المتعلقة به”.

فكما أن أمريكا جنَّدت قوتها الداخلية وكافة أجهزتها وأفرادها وألزمت كافة دول العالم على التعاون معها لمكافحة الإرهاب أينما كان، ومواجهة الإرهابيين والمنظمات الإرهابية، فهي ذي الآن تُشكل إتلافاً دولياً يضم كافة دول العالم، والمنظمات المختصة التابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى الجمعيات والمنظمات الأهلية لمكافحة صنفٍ جديد من الإرهاب هو إرهاب التنوع الحيوي والحياة الفطرية وقتلها وسرقة أعضائها والتعدي على هذا التراث الطبيعي للدول وللعالم أجمع. 

وفي الحقيقة فإن هذا الإرهاب البيئي الجديد يُعد من التحديات المعقدة والصعبة التي تواجه الدول التي تعاني منها، وبالتحديد الدول الأفريقية والآسيوية، ولن تتمكن هذه الدول لوحدها التصدي لهذا الإرهاب والعصابات المدججة بالسلاح والتقانات الحديثة والمتطورة والتي باتت لا تهدد وترهب الشعوب فقط وإنما تشكل خطراً أمنياً على الحكومات على حدٍ سواء، ولذلك لا بد من الدول أن تتعاون مع بعض وتنسق جهودها لوقف عمليات التهريب المنظمة والمسلحة، وتكليف الولايات المتحدة الأمريكية لجهاز المخابرات لمد يد العون للدول المعنية هو أمر محمود ومشكور، ولا غنى عنه لكي تنجح الجهود المبذولة الآن لشل حركة المهربين، وكشف الشبكات التي تعمل في هذا المجال، ووقف كافة عمليات الإرهاب البيئي الحيوي. 

فالتهريب والتجارة غير الشرعية للحياة الفطرية التي تَجري في ظلمات الليل لأعضاء الحيوانات البرية والبحرية وللنباتات التي تستخدم كدواء لعلاج الأمراض المستعصية، تقدر بنحو عشرة بلايين دولار سنوياً، وهذه المبالغ الطائلة هي في الحقيقة الثروة الوحيدة لبعض الحكومات والشعوب الفقيرة والمستضعفة، وهي من أهم الموارد الطبيعية الفطرية التي تعتمد عليها هذه الدول كمصدر رئيس، وربما وحيد للدخل القومي، فهي تجلب السواح والعملة الصعبة، وتوفر الوظائف للناس، وتقوم عليها بعض الصناعات المحلية التقليدية، فيعيش عليها ملايين البشر في حياتهم اليومية للحصول على قوت يومهم وإطعام أسرهم. وتأتي هذه المنظمات الإرهابية والعصابات المسلحة وبكل يُسر وبساطة لتهدد هذه الشعوب البسيطة والفقيرة فتنهب خيراتها، وتدمر ثرواتها دون أن تستطيع أن تحرك ساكناً لمواجهتها ومنعها، بل وتقف الحكومات نفسها عاجزة مكتوفة اليدين عن الدفاع عن ثرواتها ومواردها.

فهذا الوضع الأمني الخطير والإرهاب الدولي المنظم لا بد من التصدي له أيضاً بجهود دولية منظمة، وبأسلحة مخابراتية معلوماتية، وأسلحة تقليدية، وقوة جماعية مشتركة ضاربة للتدخل السريع ومواجهة هذه التهديد المستمر منذ سنوات لأمن الشعوب والحكومات ولاستدامة عطاء التنوع الإحيائي النباتي والحيواني، وقد صدقت وزيرة الخارجية الأمريكية عندما قالت:“ولكن الحقيقة هي أن الحكومات والجمعيات لوحدها لا تستطيع حل هذه المشكلة، ولا أحدٌ منا يستطيع. هذا هو تحدٍ دولي يمتد تأثيره عبر القارات والمحيطات، ونحن نحتاج إلى التعامل معه بالعمل الدولي المشترك الفاعل، كما تعمل الشبكات الإجرامية التي نسعى إلى تفكيكها”.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق