الثلاثاء، 10 يناير 2012

إغلاق سجن جوانتانامو يحتاج إلى رئيس شجاع


اليوم 11 يناير 2012 المناسبة “العقدية”، أي مرور عشر سنوات طويلة عجاف على افتتاح أسوأ معتقل في التاريخ المعاصر، وهو معتقل جوانتانامو، وكُنتُ أتوقع بعد انتظار هذه السنوات، أن الرئيس باراك أوباما سيفي بوعده الذي قطعه على نفسه قبل قرابة أربع سنوات لإغلاق هذا السجن اللاإنساني وغير القانوني بجميع المقاييس، الأمريكية وغير الأمريكية.

ولكن فوجئ الجميع، وعشية يوم الأعياد والأفراح، أي ليلة رأس السنة الميلادية الجديدة، أن أوباما قد وقع على قانونٍ جديد يعزز من بقاء هذا السجن الذي يعتبر وصمة عارٍ في تاريخ أمريكا.

فقد توقعنا أن أوباما سيلتزم بوعده، وسيلقي السعادة والبهجة والسرور في قلوب الكثيرين، سواء أكانوا من الذين يعملون على إغلاق المعتقل، أو من أُسر وأصدقاء الضحايا الذين يقبعون نحو عشر سنوات في هذا السجن المظلم دون تهمة، أو محاكمة، أو معرفة أي إنسان لما يدور فيه.

لقد خَيَّب أوباما ظن الكثيرين، وقام بالتوقيع على القانون القومي للصلاحيات الدفاعية، وهو قانون سَنَوي يهدف إلى وضع ميزانية وزارة الدفاع وآليات ومصارف هذه الميزانية، كما أن هذا القانون يشتمل في الوقت نفسه على بنود متعلقة بقضايا أمنية ودفاعية أخرى.

فما زال هذا القانون الجديد لا يمنع إنشاء السجون العسكرية السرية وغير السرية خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية، ومازال هذا القانون يعطي صلاحيات كبيرة واستثنائية للجيش الأمريكي في مجال حجز واعتقال واستجواب الأمريكيين وغير الأمريكيين ولفترة زمنية غير معلومة وغير محددة وبما يتنافى مع حقوقهم الدستورية التي نص عليها الدستور الأمريكي نفسه، وكل هذه الاستثناءات في تطبيق القانون تأتي تحت عنوان “الحرب على الإرهاب”، وهي حرب وهمية لا يعرف لها وطن ولا تعرف لها حدوداً جغرافية، فاختلقتها أمريكا لتبرر غزوها واحتلالها لدولٍ أخرى.

وقد كانت هذه آخر فرصة لأوباما ليدخل التاريخ من بابه الأمامي المشرق، فيُذكر أمام العالم بأنه رئيس التزم بوعده الذي قطعه على نفسه أثناء حملته لانتخابات الرئاسة في عام 2008، وبعد دخوله البيت الأبيض في يناير 2009، حيث قال:سيتم إغلاق جوانتانامو، وسيمنع التعذيب في التحقيقات حتى وإن كان المشتبه به إرهابياً وستغلق أيضاً السجون السرية للمخابرات الأمريكية.

والآن تحاول الحكومة الأمريكية ممثلة في سلاح البحرية، وهو الجهة المشرفة على السجن، أن تلطف من الجو المشحون غضباً ضدها من الأمريكيين ومن المجتمع الدولي وأن تغير انطباع العالم عنه، فتقوم بالتغطية على الجرائم التي ارتكبت في هذا السجن دون علم أحد، وذلك من خلال إدخال بعض التحسينات البيئية على هذا السجن واستخدام وسائل لتوليد الكهرباء نظيفة وصديقة للبيئة.

فقد قام سلاح الجو الأمريكي بوضع سياسة وإستراتيجية في مجال الطاقة تتمثل أولاً في تحديد إجراءات عملية تخفض وترشد من استهلاك الطاقة، وثانياً في تبني مصادر الطاقة البديلة والمتجددة بدلاً من مصادر الطاقة التقليدية الناضبة للوقود الأحفوري، وبخاصة الديزل. ومن أجل تنفيذ هذه السياسة استخدمت طاقة الرياح، فوضعت توربينات خاصة تعمل لتوليد الكهرباء لمجمع السجن والقاعدة العسكرية البحرية. كما قامت باستخدام الألواح الشمسية فوق بعض أسطح المباني لتوليد الماء الساخن والطاقة، إضافة إلى استخدام مصابيح للإنارة تعمل بالطاقة الشمسية.

وهنا أيضاً استغلت البيئة لتحقيق أهداف أخرى منها سياسية، كما ذكرنا سابقاً، ومنها اقتصادية، حيث إن الوقود المستخدم حالياً وهو الديزل، مُكلف جداً لسببين، الأول هو غالي السعر، والثاني الكلفة العالية لنقله عبر البارجات البحرية من ولاية فلوريدا إلى القاعدة العسكرية.

ولا أدري إلى متى سيبقى هذا السجن يُشكل سجلاً مظلماً في تاريخ أمريكا؟
وهل سيأتي رئيس قوي وشجاع يُغلب الجانب القانوني والإنساني على الجانب السياسي، فيتخذ خطوة تنفيذية جريئة لإغلاق السجن؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق