السبت، 14 يناير 2012

مرض غامض يضرب جنود أمريكا

أكثر من 250 ألف جندي أمريكي يُعانون من مرضٍ غريب وغامض جداً يلاحقهم في منامهم ويقضتهم منذ أكثر من عشرين عاماً،  فلا يعرف الطب الحديث له اسماً، ولا يعرف الطب له علاجاً، فقد احتار الأطباء والباحثون في أمر هذا المرض، وأعلنوا عجزهم وضعف حيلتهم أمامه بالرغم من أجهزتهم المتطورة والحديثة، وأبحاثهم المعمقة، ودراساتهم المستفيضة التي استمرت منذ مطلع عام 1991، أي بعد حرب الخليج بأشهرٍ قليلة.

فمنذ ذلك الوقت وآلاف الجنود الذين شاركوا في حرب الخليج يترددون على المراكز الصحية والمستشفيات في الولايات المتحدة الأمريكية، فيشْكُون حالهم ووضعهم الصحي المتدهور، فهم يشكون من مجموعة من الأعراض كالصداع المزمن، والألم المستمر والشديد في كل أعضاء الجسم، ومشكلات في الذاكرة والتركيز، والشعور المستدام بالتعب والإرهاق، إضافة إلى مشكلاتٍ في الجلد والجهاز الهضمي، وتقلباتٍ في المزاج.

وفي كل حالة من هذه الحالات المرضية يظن الأطباء بأنها الأعراض النفسية المألوفة التي تصيب الجنود أثناء وبعد الحرب بسبب الضغوط والإرهاق الشديدين الذين يتعرض له من الناحية الجسمية والعقلية والنفسية، ولكن مع الوقت ارتفعت أعداد الجنود الذين يشكون من هذه الأعراض حتى بلغت مئات الآلاف، وشملت حتى غير الجنود الأمريكيين الذين كانوا في ساحات القتال أثناء حرب الخليج، كالبريطانيين والاستراليين والدنمركيين.

وبالرغم من ذلك، رَفضَ المجتمع الطبي الأمريكي الاعتراف بهذه الأعراض كمرضٍ عضويٍ جديدٍ مستقلٍ في حد ذاته، ولكن نظراً للضغوط التي مارستها جمعيات ومؤسسات المحاربين القدماء على الحكومة الأمريكية، وتحول القضية من صحية إلى سياسية، اضطرت الحكومة إلى صرف نحو 440 مليون دولار على الأبحاث المتعلقة بسبر غور هذا المرض، كما كلَّف الكونجرس الجهات المعنية في عام 2002 بإجراء دراسة مستفيضة ومعمقة لكشف أسباب هذه الحالات المرضية المستدامة، حيث نشرت اللجنة المختصة تقريرها في 17 نوفمبر 2008.

ومع ذلك فإن الدراسات لم تتوقف، والأبحاث ما زالت مستمرة، منها الدراسة المنشورة في 1 يناير 2012 في مجلة شئون صحة البيئة الأمريكية. وقد كشفت هذه الدراسات والتقارير عن العديد من النظريات لتفسير هذه الأعراض المرضية التي أُطلق عليها بمرض حرب الخليج (Gulf War illness (GWI))، أو ظاهرة حرب الخليج(Gulf War Syndrome)، وهذه النظريات أُلخصها في مصادر التلوث التي تعرض لها هؤلاء الجنود أثناء الحرب، والتي كانت من أسباب ظهور هذه الأعراض الغامضة.
أولاً: حبوب بروميد البيردوستجمين( pyridostigmine bromide pills) التي أعطيت للجنود لتَقِيهم من غازات الأعصاب.
ثانياً: التعرض للملوثات التي انبعثت بعد إطلاق صواريخ سكد(Scud missiles).
ثالثاً: التعرض للمبيدات الحشرية وطاردات الحشرات التي استخدمت لتعقيم الخيام والملابس والأدوات والمعدات التي يستخدمها الجنود.
رابعاً: التعرض للملوثات التي انبعثت من أكثر من 700 بئرٍ نفطي محترق في الكويت.    
خامساً: الحُقن التي أعطيت للجنود ضد الأنثركس أو الجمرة الخبيثة(anthrax vaccine).
سادساً: التعرض لغبار اليورانيوم المستنفد أو الناضب(depleted uranium). 

ولذلك في تقديري، فإن الملوثات التي كانت موجودة في كل هذه المصادر، والتي دخلت في أجسام الجنود بشكلٍ يومي ومباشر، تَكُون قد عملت بطريقة مجموعية تعاونية وتراكمية مع الزمن، وأدت إلى ظهورها على شكل أعراضٍ مرضية لم يَعرفها الإنسان من قبل، ونَجم عنها هذا المرض الجديد الذي لم يعترف به المجتمع الطبي الأمريكي لفترة تزيد عن الـ 17 عاماً!

فالأبحاث العلمية الطبية لن تتوقف، فمازالت هناك الكثير من الألغاز التي تحتاج إلى تفسير، وستظل هناك أسئلة غامضة بحاجة إلى من يجيب عليها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق