الثلاثاء، 8 مايو 2012

بين الشيشة والسجائر


هناك وهمٌ عند مدخني الشيشة بأن تأثيراتها البيئية والصحية أقل من تدخين السجائر. وهذا الانطباع الخاطئ تَولَّد من أن آلاف الملوثات السامة التي تنبعث من حرق التبغ تَمُر أولاً عبر الماء فيقوم بترشيحها وتخفيفها قبل أن يستنشقها مدخن الشيشة، ولذلك فإن تأثيراتها وانعكاساتها الضارة تكون أقل وطأة وأخف حدة على جسم الإنسان والبيئة المحيطة به.

وفي الحقيقة فإن الشركات المُصنعة والمُروجة للشيشة خلقت هذا الوهم عند الناس، فحولت تعاطي الشيشة والجلوس في المقاهي التي تقدم الشيشة إلى تجمعٍ اجتماعي، ونادٍ ترفيهي، ومكانٍ للقاء مع الأصحاب، يقضي فيه الناس والأصدقاء أوقات فراغهم، ويتسلون مع بعض بتبادل الأحاديث الودية والطُرف المضحكة أثناء تدخينهم للشيشة. كما أنها في الوقت نفسه أوهمت المدخنين بالروائح الزكية والعطرة التي تنبعث من أنواع التبغ ذات النكهات المختلفة، كنكهات الفراولة، والتفاح، والمانجو، وكأن هذه الروائح تلطف من مردودات الملوثات الصحية على مدخن الشيشة، وتقلل من أضرارها.  

وبالفعل نجحت شركات التبغ والشيشة في تسويق هذه الخدعة الماكرة والفكرة الشيطانية، ولذلك انتشرت مقاهي وجلسات الشيشة في الكثير من دول العالم بشكل متسارعٍ ملفتٍ للنظر، حتى في الدول التي لم تعرف الشيشة من قبل مثل مدن أوروبا، كما ارتفع في الوقت نفسه عدد المدخنين والذين يرتادون مثل هذه المقاهي، وبخاصة بين فئات الشباب والمراهقين من الجنسين.

فجلسات الشيشة أصبحت مألوفة الآن ليس في المقاهي المتخصصة بتقديم الشيشة فحسب، وإنما امتدت هذه الآفة لتُعدي محلات غير معروفة تقليدياً بتقديمها للشيشة، مثل فنادق الخمس نجوم، والمجمعات التجارية، والمطاعم الراقية، والمطاعم الموجودة على الشوارع الرئيسة.

وإنني أريد هنا التأكيد على حقائق علمية وليست أوهاماً تبثها شركات التبغ العالمية وتدفع الملايين من أجل إقناع الناس بها، فتدخين الشيشة أشد ضرراً من تدخين السجائر على صحة الإنسان وصحة المجتمع لعدة أسباب. أما السبب الأول فإن مدخن الشيشة يُعرض نفسه وغيره من الجالسين حوله للملوثات المسرطنة التي تنبعث من حرق التبغ، إضافة إلى السموم القاتلة التي تنطلق أثناء حرق الفحم أو الخشب المستخدم لإشعال التبغ. والسبب الثاني فهو أن مدخن الشيشة يقضي ساعات طويلة في جو مغلق أو شبه مغلق مليء بالسموم القاتلة والمركبات المسرطنة، فيتعرض لجرعات عالية من الملوثات التي تدخل في أعماق الجهاز التنفسي. والسبب الأخير فهو تحول التدخين من عادةٍ سيئة يحاربها المجتمع إلى عادةٍ اجتماعية مقبولة ينجذب إليها الشباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق