الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

الزَاري عَتيج



أتذكر عندما كنت صغيراً في السن في مسقط رأسي بالحورة، يَمُر علينا أشخاص في الحي يقومون بجمع المخلفات الصلبة من المنازل، وبخاصة تلك المخلفات التي يمكن إعادة استعمالها أو تدويرها، فكان الناس يَجْمعون هذه المخلفات في منازلهم ولا يلقونها مع القمامة المنزلية حتى يأتي هؤلاء الأشخاص وينادون بأعلى صوتهم ”زاري عتيج، مَوعتيج“، فتُستبدل هذه المخلفات بأدوات جديدة، معظمها كانت من الأواني المنزلية التي تستخدم في المطبخ.

وفي ذلك الوقت لم نكن نعرف أهمية مثل هذه الممارسات والأعمال البسيطة والبدائية التي يقوم بها جامعو المخلفات الصلبة، ولم نعرف أنها تعتبر الآن في المجتمعات المتحضرة والمتطورة من الممارسات الراقية التي تفتخر بها المدن التي تقوم بها، ولم نعرف أيضاً أنها من الممارسات التي حثت عليها الأمم المتحدة من خلال ما أُطلق عليها بـ ”جدول أعمال القرن الحادي والعشرين“، أو أجندة 21،وذلك بهدف تحقيق التنمية المستدامة في كافة دول العالم في مجال الإدارة البيئية السليمة للمخلفات الصلبة.

فهذه الممارسة كانت فطرية ومنطقية ومجدية اقتصادياً، فالكل مستفيد منها، فالمواطن الذي يجمع المخلفات في منزله يستفيد من خلال الحصول على بضاعة جديدة، والذي يجمع المخلفات مستفيد من ناحية بيعها ثم إعادة استعمالها أو تدويرها، وهذا يؤكد لي حقيقة تكلمتُ عنها عدة مرات وهي علاقة سلوك الإنسان وممارساته اليومية بالجانب المالي الاقتصادي، فتوافر هذا الجانب يشجع المواطن ويحفزه على القيام بممارسات محددة، مثل جمع المخلفات من المنزل وفصلها في حاويات خاصة بكل نوع.

وهنا أريد أن أشيد ببلدية المحرق التي ذكرتني بهذه العادات ”البيئية الفطرية“ التي كانت تمارس قديماً في المجتمع البحريني، متمنياً تعميم هذه التجربة على كافة محافظات البحرين، وتقنينها بأسلوب علمي منهجي لكي تتوافق مع الممارسات والأنظمة الحديثة في مجال إدارة المخلفات المنزلية الصلبة.

ولكي تنجح هذه التجربة من الضروري التفكير في آليةٍ تربط بين هذه الممارسات والبعد الاقتصادي، حتى يتفاعل الجمهور معها ويتشجع في القيام بها، فيخرج الجميع رابحين ومستفيدين من هذه العملية، البيئة، والدولة، والمواطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق