الاثنين، 11 نوفمبر 2013

السم الذي قتل عرفات موجود في التدخين!



حديثُ الصحف التي اطلعتُ عليها اليوم، والصادرة في دول المشرق إلى دول المغرب، كلها تناولت وفي صفحاتها الأولى خبر تسمم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بمادة البولونيوم المشعة وبتركيز أعلى من المعدلات الموجودة في الطبيعية بأكثر من 18 ضعفاً، وجميع هذه المقالات ركزت بشكلٍ مباشر وكامل على هذه القضية من الناحيتين الأمنية والسياسية، والمتعلقة بشكلٍ رئيس بكيفية تعرض عرفات لهذا السم، وما هو مصدره، حيث أشبعتها بحثاً ودراسة وتمحيصاً، وهذا البعد من القضية ليس من اختصاصي، ولا أفهم فيه كثيراً.

ولذلك أريد هنا أن أُسلط الضوء على بعدٍ هامٍ آخر ولكن غفلتْ عنه كل وسائل الإعلام الشرقية والغربية، وربما لا يعلم عنه الكثير من الناس، وهو أن السُّم، أو عنصر البلوتونيم المشع(polonium-210) الذي استخدم لقتل عرفات، موجود أيضاً في الملوثات الغازية التي تنبعث حرق التبغ أثناء عملية التدخين، أي أننا نحن جميعاً من المدخنين وغير المدخنين نتعرض يومياً لهذا السم عندما نُدخنُ أي نوعٍ من أنواع التبغ، سواء في السجائر، أو الشيشة، أو المدواخ أو غيرها، ونحن لا نعلم عن استنشاقنا بشكلٍ مباشر لهذا الملوث الذي قتل عرفات، ومن قبله قتل العميل والجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليفينينكو(Alexander Litvinenko) الذي كان يعمل لحساب المخابرات الروسية الـ كي جي بي، وقضى نحبه متأثراً بهذا الملوث المشع في مستشفى الكلية الجامعية في العاصمة البريطانية لندن في 23 نوفمبر 2006، بعد ثلاثة أسابيع من شربه للشاي الملوث بالبولونيوم في أحد فنادق لندن.

فوجود البولونيوم القاتل في الانبعاثات التي تنطلق عند التدخين كان معروفاً منذ منذ عام 1959 من قبل شركات التبغ ومنتجي السجائر الأمريكية، وذلك بعد أن أجرت أبحاثاً حول مكونات أوراق التبغ، وكشفت أنها تحتوي على بعض المواد الخطرة، وبالتحديد عنصر البولونيوم المُشع، حيث إن أوراق نبات التبغ تمتص هذا العنصر المشع والسام من التربة ومن مياه الري، فتتراكم في أوراقه مع الزمن. وبالرغم من هذا الاكتشاف المخيف ومعرفتهم به، إلا أنهم وضعوا الشمع الأحمر على نتائج هذه الدراسات والوثائق التي أكدت على ذلك، وكتبوا عليها “سرية للغاية”، وادخلوها في أعماق أدراجهم وأرشيفهم السري الخاص بهم، وامتنعوا عن إزالة هذا السُم المشع من أوراق التبغ من أجل خفض تكاليف إنتاج السجائر وزيادة متعة المدخن وإصابته بالإدمان مع الزمن. فلم تفكر هذه الشركات الجشعة التي لا أخلاق ومبادئ لها سوى جمع المال وكنزه في البنوك، ولم تكترث، أو تشعر بالذنب لمقتل ومرض الملايين من البشر في أمريكا وفي باقي دول العالم.

وقد ظهرت هذه الحقيقة المدفونة على يد أحفادهم ومن بني جلدتهم، حيث قام باحث أمريكي بالتفتيش في الوثائق السرية القديمة لشركات التبغ، واكتشف أنها كانت تعلم أن السجائر التي تصنعها من أوراق التبغ تحتوي على عنصر البولونيوم، وأن هذا السم يتعرض له المدخن وغير المدخن عندما ينبعث من دخان السجائر، ونشر اكتشافه في 27 سبتمبر 2011 في مجلة تصدر من جامعة أكسفورد البريطانية هي أبحاث النيكوتين والتبغ(Nicotine & Tobacco Research)، تحت عنوان: “الإشعاع في دخان السجائر وخطورة الإصابة بسرطان الرئة”.

ولذلك كما أن قضية قتل ياسر عرفات حظت بهذه التغطية الإعلامية الكبيرة، فإني على أمل أن تحتل قضية قتل التدخين للإنسان بفعل البولونيوم وبفعل أكثر من 5000 ملوث خطر ومسرطن أيضاً بنفس الدرجة من الرعاية والاهتمام، فالتدخين يؤدي إلى القتل البطيء للملايين سنوياً من المدخنين وغير المدخنين، ويصيب الآخرين بأمراض مستعصية ومزمنة ترهق ميزانية الدول والشعوب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق