الأحد، 15 فبراير 2015

إرهاب داعش وإرهاب التغير المناخي


أَجْمعتْ دول العالم أن تنظيم الدولة الإسلامية، أو داعش يُصنَّف كمنظمة إرهابية دولية، وأن عمليات القتل التي تقوم بها تدخل ضمن العمليات الإرهابية المدانة دولياً، ولذلك قررت دول العالم مواجهة هذا التنظيم بكل الوسائل والطرق، وشكلت تحالفاً دولياً للتصدي للتهديدات والمخاطر التي تنجم عن وجود هذا التنظيم، وكل دولة تقوم بالمساهمة بأعمال محددة حسب ظروفها وطاقاتها وإمكاناتها.

 

إذن هذا التنظيم دخل ضمن الجماعات الإرهابية لأنه يقتل البشر ويهدد سلامة الناس، ويمثل خطورة على الأمن القومي للدول، ومن هذا المنطلق فإن أي مصدرٍ يشكل خطورة أمنية على البشر، وعلى المجتمعات الإنسانية ومواردهم الحية وغير الحية ويؤدي إلى إرهاب الناس وقتلهم وفساد ثرواتهم الطبيعية، يجب أن يصنف كإرهاب ويدخل ضمن العمليات الإرهابية، وبالتالي يجب أن يتحالف المجتمع الدولي لمواجهته والتصدي له وبتره من جذوره قبل أن يستفحل وينتشر وتتفاقم آثاره.

 

وبناءً على ذلك فإن ظاهرة التغير المناخي وتداعياتها الملموسة والمتوقعة على الإنسان ومكتسباته وثرواته، وتهديداتها لاستدامة حياة البشر على الأرض من قتل، وتشريد، ونزوح، ودمار يجب أن تصنف كإرهاب، والانعكاسات التي تنجم عنها كعمليات إرهابية لا تقل خطورة عن داعش وتنظيم الدولة الإسلامية، بل هي في تقديري أكثر تهديداً لأمن وسلامة الإنسان على المدى القريب والبعيد.   

 

ومن حسن الحظ أن الإدارة الأمريكية الحالية تتفق معي في هذه النظرية، وتتماشى رؤيتها مع رؤيتي، حيث أعلن المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض جوش إيرنست(Josh Earnest) في حديثه اليومي مع الصحافة ورجال الإعلام في العاشر من فبراير من العام الجاري ، وفي سياق الحديث عن الإرهاب وتأثيره على المواطن الأمريكي قائلاً: "هناك أعداد متزايدة من الناس الذين عليهم مواجهة التأثيرات المباشرة للتغير المناخي بشكلٍ سنوي على حياتهم، أو على نشر الأمراض، أكثر من الإرهاب". 

 

وقد نقلت صحيفة الواشنطن تايمس في اليوم نفسه هذه التصريحات غير المألوفة التي أكد فيها البيت الأبيض وشدد على أن الأخطار والتهديدات التي يمثلها التغير المناخي تُعد أشد وأخطر على المواطن الأمريكي من التهديد الذي ينجم عن الإرهاب، كالقاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية في الوقت الراهن.

 

كما أضاف المتحدث باسم البيت الأبيض في هذا السياق قائلاً:"عندما نتحدث عن التأثيرات اليومية المباشرة للتحديات والانعكاسات الناجمة عن التغير المناخي على الحياة اليومية للأمريكيين، وبخاصة الأمريكيين الذين يعيشون في بلدهم...فإن عدد أكبر من الناس يتأثرون مباشرة بهذه التحديات أكثر من الإرهاب".

 

وجاءت هذه التصريحات من الإدارة الأمريكية انعكاساً للخطة والإستراتيجية الجديدة للإدارة الأمريكية المتعلقة بالأمن القومي المنشورة في السادس من فبراير من العام الجاري، والتي وضعت التغير المناخي في قائمة الأولويات جنباً إلى جنب مع التهديدات التقليدية المعروفة كالإرهاب والتسابق في السلاح النووي، أي أن أوباما يصنف مواجهة ومكافحة التغير المناخي في أولوية القضايا الأمنية، أو قضايا الأمن الوطني الأمريكي، مع الإرهاب والتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، والأسلحة النووية.

 

ولذلك إذا كانت هذه سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ورؤيتها تجاه قضية التغير المناخي، فلماذا لا تنظم تحالفاً دولياً لمواجهة هذه الظاهرة البيئية الأمنية التي ترهب البشر، وتهدد أمن الإنسان وسلامة الكرة الأرضية، كما فعلت في قيادة تحالفٍ دولي لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وتسخير كافة الإمكانات المالية والعسكرية للقضاء عليه؟

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق