الأربعاء، 25 فبراير 2015

اثنان من بين كل ثلاثة سيصابون بالسرطان


دراسةٌ مرعبة تُلقي الذعر في القلوب، وتُنزل اليأس في النفوس، وتُصيبنا نحن بني البشر بالإحباط والقنوط الشديدين، فكل اثنين من بين ثلاثة من البشر الذين يُولدون اليوم قد يُصابون بنوعٍ واحد من أمراض داء العصر العضال وهو وباء السرطان، فتشير التقديرات الحالية أن نصف الذين وُلدوا منذ عام 1960 من الرجال قد يتعرضون للسرطان في يومٍ من الأيام أثناء حياتهم، وبالتحديد فهذه النسبة قُدِّرت اليوم بـ 53.5% مقارنة بنسبة أقل وهي 38.5% بالنسبة للذين دخلوا الحياة الدنيا قبل ثلاثة عقود. أما بالنسبة للنساء فإن هذه النسبة أقل، حيث قُدرتْ نسبة احتمال الإصابة بالسرطان بـ 47.5% مقارنة بنسبة أقل قبل ثلاثين عاماً وهي 36.7%، وهذه التقديرات والمؤشرات المتعلقة باحتمال الإصابة بالسرطان في ارتفاع مستمر مع الزمن.

 

فهذه التقديرات المبنية على أسس علمية من جمعية أبحاث السرطان في بريطانيا، ونُشرت في المجلة البريطانية للسرطان في العدد الصادر في الثالث من فبراير من العام الجاري، من المفروض أن تدعونا إلى التأمل بعمق والبحث بجدية تامة حول ظاهرة انتشار هذا المرض المستعصي على العلاج، والعمل على دراسة مصادره وأسبابه، وطرق الوقاية من شر السقوط فيه والإصابة به.

 

أما بالنسبة للعوامل التي تؤدي إلى التعرض لهذا المرض فهي كثيرة وبعضها أجمع عليه المجتمع الطبي، وعلى رأسها التدخين، سواء أكان التبغ على هيئة السجائر التقليدية، والسجائر الخفيفة ومنخفضة القطران، والشيشة، والمدواخ وغيرها، أو على هيئة السجائر الإلكترونية الحديثة والتي تستخدم النيكوتين السائل وبه آلاف المضافات والمحسنات. فهناك أكثر من 5000 مادة كيميائية خطرة تنبعث من التدخين، منها مواد مشعة، ومنها أكثر من 60 مادة مسرطنة، أي أنها تؤدي مع الوقت إلى الإصابة بالسرطان، كما توجهت دراسات الباحثين نحو الأمراض التي يتعرض لها المدخن وغير المدخن، حيث أكدوا بأن التدخين يؤدي إلى الإصابة بثلاثين نوعاً من الأسقام القاتلة التي تُعَجِّل من وصول أَجَلْ الإنسان وتدخله في القبر مبكراً. فالتدخين يسبب سرطان الرئة، وسرطان القولون، والكبد، والمثانة، والعنق، والثدي، ومرض السكري من النوع الثاني، والسل، وضعف الجهاز المناعي، وأمراض والتهابات المفاصل، وفقدان البصر، وأمراض القلب المختلفة، والسكتة القلبية، إضافة إلى الولادة المبكرة وانخفاض وزن الجنين وولادة أولاد معوقين ومشوهين خَلْقياً بالنسبة للمرأة الحامل التي تدخن، أو التي تتعرض بشكلٍ مستمر للملوثات التي تنطلق من المدخنين أثناء الجلوس معهم، ونتيجة لهذا فقد وصَفتْ منظمة الصحة العالمية التدخين بأنه أكبر وباءٍ صحي وأكبر تهديدٍ للصحة العامة تواجهه البشرية.

 

كذلك من أسباب الإصابة بالسرطان التعرض لدخان البخور والعود الذي يحتوي على ملوثات مسرطنة، منها البنزين، والفورمالدهيد، إضافة إلى أكثر من 50 ملوثاً عضوياً، إضافة إلى شرب الخمر، والتعرض لملوثات الهواء الجوي من السيارات والمصانع وغيرهما، والقيام بعملية التانينج أو تحويل لون الجلد إلى اللون الذهبي.

 

وعلاوة على هذه الأسباب التي تؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بالسرطان، فإن أنماط وأسلوب حياة الإنسان وسلوكه اليومي قد تكون وقوداً يُشعل فتيل الوقوع في السرطان، من حيث ممارسة الرياضة والقيام بالتمارين البدنية، ووزن الإنسان، ونوعية وكمية المأكولات والمشروبات التي يتناولها الإنسان بشكلٍ يومي.

 

وفي المقابل هناك عوامل أخرى لا يد للإنسان فيها، وقد تؤدي إلى إصابته بمرض السرطان مثل الجينات الوراثية التي يحملها وتنتقل إليه من آبائه وأجداده، ولذلك نشرت دراسة في مجلة "العلم" في يناير من العام الجاري تفيد بأن بعض الناس يصاب بالسرطان "لسوء حظه" نتيجة لهذه الجينات، أو طريقة انقسام ملايين الخلايا في الجسم. 

 

وخلاصة القول بأن هناك سببن للإصابة بالسرطان، الأول هو قضاء الله وما قدَّره عليك، والثاني نتيجة لتعرضك لملايين الملوثات الكيميائية، والحيوية، والفيزيائية التي تطاردنا في كل مكان وتلحق بنا في أكلنا، وشربنا، وفي البر والبحر والجو.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق