الأربعاء، 11 فبراير 2015

سرطان في السجائر الإلكترونية



شركات التبغ والسجائر الشيطانية تُقدم السجائر الإلكترونية التي ظهرت حديثاً في الأسواق تارةً على أنها أخفُ ضرراً وأهون شراً من سجائر التبغ التقليدية المعروفة، وتارةً أخرى تدَّعي بأن هذه السجائر الجديدة تُساعد المدخن على العزوف عن تدخين سجائر التبغ مع الوقت، فهي إذن، كما تقول شركات التبغ، البديل "الصحي والأفضل" عن تدخين سجائر التبغ القديمة!

وهذه الافتراءات والادعاءات الباطلة التي تعودنا سماعها دائماً من شركات التبغ منذ مطلع القرن العشرين عندما دخل علينا هذا المـُنتج القاتل، تفيد بأنه لا ضير من تدخين السجائر الإلكترونية، ولا أمراض مزمنة تنجم عنها، فهي إذن تُروج لهذه الآفة الجديدة وتقول للناس بكل بساطة عليكم بتدخين السجائر الإلكترونية فهي تنفعكم، وتفيدكم، وتحمي صحتكم!

ولكن كما يقول المثل الشعبي البحريني "حَبْل الكذب قَصِير"، فقد بدأت الدراسات العلمية الطبية والبيئية والاجتماعية تنهمر علينا بين الحين والآخر فتفضح افتراءات وكذب شركات التبغ، ففي كل يوم نقرأ الآن عن دراسة جديدة تكشف بعداً لم نعرفه من قبل عن هذا النوع من السجائر، وفي كل يوم نكتشف تهديداً لم يكن في الحسبان تشكله هذه السجائر للإنسان.

ففي 22 يناير من العام الجاري نشرتمجلة أمريكية طبية مرموقة هي مجلة نيو إنجلند للطب(New England Journal of Medicine) بحثاً تحت عنوان: "الفورمالدهيد في بخار السجائر الإلكترونية"، وأكد على أن البخار الأبيض المنبعث عند تدخين السجائر الإلكترونية يحتوي على نسبٍ مرتفعة من عدة ملوثات من أخطرها غاز يُصنف حسب الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية كمادة مسرطنة وهو "الفورمالدهيد"، كما أفادت هذه الدراسة أن تركيز هذا الغاز المـُسرطن في السجائر الإلكترونية أعلى في بعض الحالات من سجائر التبغ المعروفة.

وجدير بالذكر أن غاز الفورمالدهيد عديم اللون، وله رائحة كريهة ونفاذة وقوية، وينتج عند تسخين المحلول الموجود في السجائر الإلكترونية، والذي يتكون من خليط من مئات المركبات الكيميائية، على رأسها النيكوتين الذي يسبب الإدمان وهو مركب سام، ومنها أيضاً جليكولالبروبيلين الذي يستعمل كمحلول يـَمنع تجمد الماء في السيارة(antifreeze)، والجليسرول، وعشرات الأنواع المختلفة من المضافات والنكهات والمذاقات الأخرى التي لا يعلم أحد عن هويتها وأضرارها، فعند تسخين هذا المحلول السري باستخدام بطارية الليثيوم ينتج البخار الأبيض الذي يحتوي على الفورمالدهيد. كما أكد على هذا الاستنتاجالدراسة التي قام بها فريق من علماء اليابان من المعهد الوطني للصحة العامة(National Institute of Public Health) في ديسمبر من العام المنصرم وبدعم من وزارة الصحة اليابانية.

وعلاوة على ما سبق، هناك دراسة خطيرة نُشرت في الرابع من فبراير من العام الجاري في مجلة أمريكية اسمها بلاس وان(PLOS ONE) أفادت بأن تدخين السجائر الإلكترونية يؤثر على جهاز المناعة في الجسم ويجعله أكثر عرضة وأشد ضعفاً عند التعرض للبكتيريا والفيروسات، وأقل مناعة ومقاومة للجراثيم المرضية، مما يزيد من احتمال الإصابة بالإنفلونزا والالتهاب الرئوي وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، فقد أكدت الدراسة أن البخار المنبعث من تدخين السجائر الإلكترونية يحتوي على ملوثات خطرة تدمر خلايا الـ دي إن أيه(DNA) وتصيب الإنسان بأمراض رئوية تهدد أمنه الصحي.

وهناك بُعدٌ جديد بدأ ينكشف هذه الأيام، لم يكن في الحسبان ولم يخطر على بال أحد، فلأول مرة يموت طفل عمره سنة واحدة في ولاية نيويورك الأمريكية في 14 ديسمبر 2014بسبب شرب محلول النيكوتين الموجود في السجائر لوجود نكهات ومذاقات حلوة تجذب الأطفال، وحوادث التعرض هذه لسائل النيكوتين زادت في أمريكا من 271 عام 2011 إلى 3638 عام 2014، كما نشر المركز المختص في التحكم في الأمراض ومنعها في أبريل 2014 تقريراً أكد فيه أن الاتصالات الهاتفية الطارئة التي وردت إلى المركز بشأن التسمم بالنيكوتين الموجود في السجائر الإلكترونية ارتفعت بشكلٍ فجائي كبير، من مكالمة واحدة فقط في شهر سبتمبر 2010 إلى 215 في شهر فبراير 2014.

وهكذا فالأيام القادمة ستكون شاهدة على أخطار السجائر الإلكترونية وتهديدها لأمن الفرد والمجتمع، فهل نحن مُنْتهون عن استخدامه؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق