الاثنين، 19 فبراير 2018

هل سيجارة واحدة تؤدي بي إلى الهلاك؟


هناك تهاون شديد وملحوظ عند التعامل مع التدخين بكل أنواعه التقليدي القديم كالسيجارة أو الشيشة، والتدخين الحديث كالسجائر الإلكترونية وغيرها من الأنواع التي ستظهر قريباً في الأسواق. وهذا التهاون وعدم الجدية ليس على مستوى الأفراد فحسب وإنما على مستوى الدولة، وبالتحديد وزارة الصحة والجهات الأخرى المعنية بهذا الوباء القاتل والآفة المدمرة للبيئة والصحة معاً.

 

فلا يوجد منتج صنعه الإنسان حتى الآن ويوجد عليه إجماع دولي على مستوى الحكومات، والأجهزة والجمعيات غير الحكومية، ومنظمات الأمم المتحدة بأنه سم قاتل ومهلك للبدن والصحة كالتدخين. فقد توحدت دول العالم قاطبة على أن التدخين يسبب أكثر من 11 نوعاً من السرطان وفي مقدمتها سرطان الرئة والحنجرة والفم، كما أنه ينقل المدخن ومن يجلس معه إلى مثواهم الأخير وهم في ريعان شبابهم وفي سنٍ مبكرة. بل والأدهى من ذلك والأكثر وضوحاً لما يلحقه التدخين بالبشر هو اعتراف شركات التبغ نفسها التي تصنع السجائر وتسوقها للناس بأن التدخين "قاتل"، فشركات التدخين بدأت مؤخراً بتدشين إعلانات في جميع وسائل الإعلام الأمريكية تؤكد بأن التدخين "قاتل"!

 

وبالرغم من هذه الإجماع إلا أن مواقفنا في البحرين وفي الكثير من دول العالم لم تكن بحجم هذا الإجماع الدولي، ولم ترق إلى مواكبة الأضرار الجسيمة التي تنجم عن التدخين، فمازال التدخين منتشراً بدرجة مشهودة، ومازالت محلات الشيشة مزدهرة وتزيد يوماً بعد يوم بطرق شرعية وغير شرعية. 

 

وبالرغم من هذا الإجماع ووضوح الرؤية حول هلاك التدخين للإنسان، إلا أن الدراسات لا تتوقف والأبحاث العلمية تُنشر يومياً على المستوى الدولي لتؤكد على أن التدخين شر كله ويجب بتره جذرياً من المجتمعات البشرية، فسيجارة واحدة فقط تكفى لتُسقط الإنسان صريعاً يعاني من المرض.

 

فعلى سبيل المثال، نَشرت مجلة بريطانية مرموقة هي المجلة الطبية البريطانية في 24 يناير من العام الجاري بحثاً حول العلاقة بين تدخين سجائر معدودة يومياً ومخاطر التعرض للأسقام المتعلقة بالقلب والموت البكر، حيث أجرت الدراسة تحليلاً شاملاً وتقييماً دقيقاً لـ 141 بحثاً منشوراً حول مخاطر التدخين على القلب في الفترة من 1946 إلى 2015،وتوصلت إلى نتيجة خطيرة جداً  وهي أن تدخين سيجارة واحدة فقط يومياً تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 74% للرجال، ونسبة 119% للنساء، وخلصت الدراسة إلى أنه لا يوجد حد آمن وسالم للتدخين، وبالتالي فالعلاج الجذري والفاعل لتجنب السقوط في أمراض التدخين هو التوقف كلياً عن التدخين والابتعاد عنه بعد المشرق عن المغرب.

 

ولا أدري حقيقة لماذا تُصر دولنا على بيع وتسويق مُنتج "قاتل"، مفسدٍ للبيئة، ومدمرٍ للصحة العامة ومهلكٍ لشبابنا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق