الاثنين، 17 ديسمبر 2012

قاضية أمريكية تأمر شركات السجائر بالاعتراف بالكذب والغش


نشرتُ مقالاً في 28 يناير 2012 تحت عنوان “ثقافة الكذب عند شركات السجائر”، وأكدتُ فيه أن الكذب والاحتيال عند شركات التبغ ومصانع إنتاج السجائر ليس بحادثٍ فردي لظروفٍ معينة وقتية، وإنما هو “ثقافة” عامة، ومنهج عميق مستمر، وسياسة ثابتة تسير على خطاها هذه الشركات منذ ولادتها، وسلوك دائم تعودت على ممارسته، فهي ترضع الكذب في كل يوم.

واليوم حصحص الحق، وجاء ما يُثبت نظريتي، ويؤكد صدق مقالي، فقد أَمرتْ قاضية اتحادية أمريكية هي جلاديس كيسلر( Gladys Kessler) شركات التبغ والسجائر على الاعتراف بالكذب وغش المواطنين الأمريكيين حول التهديدات الصحية للتدخين، كما ألزمتهم على قول الحق عن الآثار القاتلة التي يتعرض لها المدخن وغير المدخنين من الذين يتعرضون للسموم والمسرطنات التي تنبعث عن التدخين، سواء السجائر أم الشيشة أم الأنواع الأخرى من التدخين، وأن التدخين والنيكوتين يسببون وقوع المدخن في شر الإدمان وعدم القدرة على التوقف عن التدخين، حيث توصلت هذه المحكمة الفيدرالية إلى الاستنتاج العام التالي بعد سنوات من المداولات الماراثونية المرهقة:“أن شركات السجائر غشت المواطن الأمريكي عمداً حول التأثيرات الصحية للتدخين”. 

وجاء أمر المحكمة للشركات تحت خمسة عناوين أو خمسة أصناف من الاعتراف بالغش والكذب، وهي كما يلي:
أولاً: التأثيرات الصحية السلبية للتدخين، بحيث يتضمن الاعتراف العام لشركات التدخين على فقرة تفيد بأن زهاء 1200 أمريكياً يموتون بسبب التدخين، إضافة إلى إعلانٍ يقول بأنه عندما تُدخن، فإن النيكوتين يغير المخ، ولذلك فإن التوقف عن التدخين يكون صعباً جداً.

ثانياً: إصابة التدخين والنيكوتين للإدمان، وأن تقوم الشركات بالإفادة بأنها تعمدت في إدخال مضافات إلى السجائر تؤدي إلى الإدمان.

ثالثاً: عدم وجود جوانب ايجابية صحية للسجائر التي تباع تحت مسميات مختلفة، مثل“منخفضة القطران” (low tar)، أو “خفيفة”( light)، وهنا أمرتْ المحكمة شركات السجائر بالاعتراف بأن جميع أنواع السجائر تسبب السرطان وأمراض الرئة والقلب والموت البكر، ولا توجد سجائر آمنة.

رابعاً: مكونات ومضافات السجائر، وعلب السجائر، تم التلاعب فيها عمداً لتسبب تعرض المدخن لأكبر تركيز من النيكوتين والإصابة بالإدمان.

 خامساً: الآثار الصحية الخطرة الناجمة عن التدخين السلبي أو القسري لغير المدخنين، وعلى الشركات الإعلان رسمياً بأن التدخين السلبي يسبب السرطان وأمراض القلب للإنسان غير المدخن، ولا يوجد مستوى آمن عند التعرض لهذا النوع من التدخين. كذلك الاعتراف بأن الأطفال الذين يتعرضون لدخان السجائر يزيد عندهم احتمال الموت المفاجىء، وأمراض التنفس والربو، ومشكلات في السمع.

والجدير بالذكر أن هذا القرار الحاسم والتاريخي لهذه المحكمة الفيدرالية، يأتي بناءً على القضية التي رفعتها الحكومة عام 1999 ضد شركات ومصانع التبغ والسجائر تحت عنوان المنظمات الفاسدة، حيث حكمت المحكمة نفسها في عام 2006 أن شركات السجائر الكبرى أَخفتْ المعلومات المتعلقة بمخاطر التدخين لعقود من الزمن، ثم الآن وبالتحديد في 27 نوفمبر 2012، توصلت إلى استنتاجات مطابقة وأمرتْ الشركات بالاعتراف أمام الملأ عن كذبها وغشها وتحايلها.

والآن وبعد أن اتضحت الصورة كاملة عن التدخين ودوره المشهود الذي لا غبار عليه في قتل البشر، ومسؤولية شركات التبغ والسجائر في تعميق أضرار التدخين والتسبب عمداً في القتل والإصابة بالأمراض المزمنة، هل سنسمح في استيراد السجائر وبيعها على المواطنين وتحمل مسؤولية ووِزْر قتلهم عمداً؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق