السبت، 22 ديسمبر 2012

الخلطة السرية القاتلة للسجائر


 يحسب الكثير من الناس أن السجائر مصنوعة من أوراقٍ ملفوفةٍ حول التبغ، كما كان يفعل بعض المدخنين قديماً، ولكن الحقيقة التي انكشفت اليوم ولا يعرفها الكثير من الناس مؤلمة جداً وخطرة، وتؤكد تهديد السجائر للصحة الفردية والصحة العامة على حدٍ سواء، وتبين نوعية وكمية الملوثات الخطرة والمسرطنة التي تنجم عن حرق السجائر.

فصناعة السجائر أكثر تعقيداً مما كُنا نتصوره من قبل، حيث يدخل في تركيبها وإنتاجها المئات من المواد الكيميائية الغريبة والضارة التي تُضاف إليها لتُحدث تغييرات جذرية ونوعية في مذاق السجائر، والطعم، والإحساس، والرائحة، والمنظر العام، فتزيد من جاذبيتها للمدخن عند تدخينه للسجائر وتجعله مدمناً عليها، ولم تُكتشف هذه الحقيقة المُرة وغير الأخلاقية إلا مؤخراً، بعد أن تم السماح لعامة الناس، وبحُكم وقوة القانون الأمريكي، للإطلاع على ملايين الصفحات من الوثائق السرية الداخلية لشركات صناعة السجائر والتبغ، وعلى نتائج الدراسات الخاصة التي كانت تجريها هذه الشركات في أروقة مختبراتهم السرية حول محتويات التبغ، وعلى أنواع المواد التي تضاف عند إنتاج السجائر، إضافة إلى أنواع وتركيز الملوثات التي تنجم عن حرق السجائر، أو عند التدخين.

فبعد محاكمات ماراثونية طويلة، لم تشهد الولايات المتحدة الأمريكية لها مثيلاً في تاريخها، وبعد أن بلغت القضايا المرفوعة ضد شركات السجائر إلى عشرات الآلاف في جميع الولايات دون استثناء، وبعد أن استمرت المداولات قرابة خمسين عاماً، رفعت شركات التبغ الراية البيضاء ووافق المدعي العام، أو النائب العام، كل عن ولايته، ويمثلون 46 ولاية على صفقة تاريخية مشتركة، واتفاقية قانونية عامة مع أربع شركات أمريكية رئيسة مُنتجة للتبغ والسجائر من شأنها غلق هذه المحاكمات، وعُرفت هذه الاتفاقية في أمريكا بـ “الاتفاقية الرئيسة للتسوية في التبغ”( Tobacco Master Settlement Agreement).

وشملت هذه الاتفاقية على عدة بنود من أهمها:
أولاً: تغيير أنماط حملات الدعاية والإعلام والتسويق للسجائر، بحيث يمنع استهداف الفئات العمرية التي تقل عن 18 عاماً.
ثانياً: دفع غرامات مالية تبلغ 206 بلايين دولار.
ثالثاً: فتح كافة الملفات والوثائق والتجارب السرية التي كانت تقوم بها هذه الشركات، وجعلها وثائق عامة يطلع عليها أي إنسان، وهي الآن موجودة للجميع على شبكة الإنترنت.

  وهذا البند الثالث هو الذي فتح الباب على مصراعيه لكشف النقاب عن حقيقة هذه الشركات وما يدور بداخلها من أعمال سرية، والتعرف عن كثب على ثقافتها المبنية على تحقيق الربح السريع والكبير ولو كان على حساب صحة وأمن ملايين البشر.

فهذه الوثائق السرية اشتملت على 80 مليون صفحة، وغطت فترة زمنية تصل إلى أكثر من 70 عاماً، ومن بين هذه الوثائق ما يؤكد أن صناعة السجائر معقدة جداً، حيث إنها لا تشتمل على التبغ فحسب، وإنما تضاف عند صناعتها “614 مادة كيميائية، كل مادة لها وظيفة ودور، ويتم اختيارها بعنايةٍ فائقة وعلى أساسٍ علمي ونفسي واجتماعي، وتهدف في مجموعها إلى تشجيع المدخن على التدخين، وجذبه نحو تدخين سجائر أكثر في الساعة الواحدة من اليوم والليلة، إضافة إلى تحفيز الآخرين إلى البدء في التدخين، كما أن هناك مواد تضاف لإصابة المدخن بالإدمان، حتى يصبح عبداً ذليلاً مطيعاً للتدخين لا يستطيع الإقلاع عنه. فكل هذه المواد المضافة كانت في السابق تصنف من شركات التبغ بأنها في “غاية السرية”، وأنها سر المهنة، فلا يطلع عليها أحد ولا يعرف عنها أي إنسان.

فهناك مواد تضاف عند صناعة السجائر لا تخطر على بال أحد، منها اليوريا، والمنثول، والكوكا، والجليسرول، وثنائي أمونيوم الفوسفات، وعدة أنواع من الأحماض العضوية، والفانيلا، وأنواع مختلفة من الزيوت والمواد والدهون العطرية ذات الروائح الطيبة، كما تضاف مستخلصات القهوة، ومواد مستخلصة من بعض الحيوانات، والفواكه المجففة، وخشب الصندل، ومئات أخرى من المواد الغريبة.  

  ونتيجة لهذا “الكوكتيل” المعقد المكون من أكثر من 614 مادة مضافة إلى السجائر، فإنه عند التدخين تنبعث منها أكثر من 4000 مادة كيميائية خطرة وسامة، ويكفي القول بأن أكثر من 81 من هذه المواد يسببون السرطان للإنسان.

وبالرغم من هذه الحقائق، نجد أن الدول مازالت تسمح باستيراد هذه السلعة القاتلة وتبيعها على مواطنيها!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق