الاثنين، 24 ديسمبر 2012

حمير ذو دفع رباعي لأفغانستان



الطائرات المروحية الأمريكية الحربية والمتطورة جداً، والسيارات الأمريكية الغالية الثمن ذات التقانات العالية وذات الأربع عجلات وذات الدفع الرباعي لم تعد تصلح ولم تعد تفي بالغرض في القتال الدائر في جبال أفغانستان النائية والوعرة الشاهقة التي ضربت بطولها عنان السماء، ولا تتمكن هذه الآليات الحديثة من المراقبة الميدانية وملاحقة المقاتلين الأفغان ونقل الزاد والعتاد والأفراد للوصول إلى الذين يختبئون في الكهوف وتحت الأرض، وفي ملاجئ آمنه لا تستطيع هذه الآليات من التعرف على أماكنها وخوض المعارك الأرضية معهم.

ولذلك استبدل الجيش الأمريكي كل معدات وآليات وسيارات القرن الحادي والعشرين بسيارات أخرى رخيصة وسهلة الانقياد ذي تقنيات بدائية وبسيطة، ولا تحتاج إلى مهارة وفن في القيادة، فهي أيضاً ذي دفعٍ رباعي، ولها أربع عجلات، ولكن هذه العجلات لا تحتاج إلى تبديل أو تغيير عندما تقطع بعض الكيلومترات، كما إنها تتكون من محركٍ بسيط لا يحتاج إلى مصادر غالية وناضبة وغير متوافرة محلياً للوقود، ولا يحتاجٍ إلى مختلف أنواع الزيوت غير الصديقة للبيئة فتلوث الماء والهواء والتربة، أو إلى قطع غيار تأتي من الولايات المتحدة الأمريكية فتقطع آلاف الكيلومترات لتصل إلى أفغانستان، ثم آلاف كيلومترات أخرى لتصل إلى قواعدها، هذا إذا وصلت سالمة.

فقد وجد الجيش الأمريكي ضالته في الحمير، واعتبرها البديل المثالي لتقنيات القرن الحديث كوسيلة فاعلة ومجدية للمواصلات والشحن البري، فها هي ذي الحمير التي أهملها الإنسان سنوات طويلة، ونسي التاريخ المشرق والمجيد والماضي العريق لها في النقل والحمل الخدمات الجليلة التي قامت بها لسنوات طويلة، يمكن الاعتماد عليها مرة ثانية لتؤدي دورها المشهود لها تاريخياً للمواصلات ونقل الزاد والعتاد والأفراد. 

ولأهمية هذا الخبر، قامت صحيفة الواشنطن بوست(Washington Post) الأمريكية المشهورة في 8 نوفمبر بنقله للعالم أجمع، حيث جاء فيه أن الجيش الأمريكي والأفغاني سيستبدلان استخدام الطائرات المروحية بوسيلة قديمة للنقل هي الحمير، ففي وادي بيش بولاية كونار حيث الجبال الوعرة والعالية، تُستخدم الحمير للمواصلات ونقل المياه والعتاد والزاد. 


فمثل هذه الأخبار تؤكد لي أن الله لم يخلق أي كائنٍ حيٍ عبثاً، مهما كان حجمه أو نوعه، وفي أي زمن كان وفي أي مكانٍ يوجد فيه، فإن لهذا الكائن الحي في حد ذاته دوراً ووظيفة يقوم بها ضمن الأنظمة البيئية وينفع الإنسان بشكلٍ مباشر أو غير مباشر. فعندما اعتبر الإنسان، وبخاصة في الدول المتقدمة والمتطورة والمدن الحضرية، أن الحمير من حيوانات الماضي الغابر، وأن دور الحمير في خدمة الإنسان والمجتمع قد انتهى، نجد وسائل الإعلام الغربية تشيد بدورها وتذكر فوائدها.

وعلاوة على هذا الخبر، فقد لفت انتباهي خبر آخر منشور في بعض الصحف العربية ملخصه أن إسرائيل طلبت رسمياً من مصر شراء زهاء 100 ألف حمار لاستخدام جلدها في أبحاث علمية لها علاقة بمرض السرطان، أي الاستفادة من جلد الحمير كدواء لأمراض البشر، كما أفاد الخبر نفسه أن شركة يابانية أيضاً طلبت شراء الحمير من مصر من أجل الدراسات الطبية.

فلا غرابة إذن أن نسمع أن هناك يوماً عالمياً للحمار” في الثامن من شهر مايو من كل عام، وأن بعض الدول خصصت يوماً وطنياً للحمار”، كما أن هناك جمعيات خاصة لحماية الحمير وإكثارها في مختلف دول العالم، وتهدف إلى إحياء الماضي التليد للحمير، وتعزيز وتعميق وعي المواطنين بأهمية حماية الحياة الفطرية بشكلٍ عام والحمير بصفةٍ خاصة كتراث وطني فطري يجب المحافظة عليها وتنميتها.

ولذلك فإنني أدعو إلى حماية الحمير من الآن، فلا أدري ربما يدور الزمن وتنقلب الأيام علينا، فنبحث عن حمارٍ واحدٍ فقط فلن نجده!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق