الجمعة، 28 ديسمبر 2012

قريباً سينقرض الإنسان



كيف سنحافظ على الجنس البشري ونضمن له الاستدامة في العطاء والإنتاج والتنمية إذا كانت حيواناته المنوية التي هي أساس الإنجاب والتكاثر البشري، تواجه تهديداً حقيقياً من ناحية التدهور الشديد الذي أصاب نوعيتها وقوتها وانخفاض أعدادها؟

فهل هذه الظاهرة التي نشهدها اليوم ستؤدي إلى انقراض الإنسان، أو في الأقل إلى إنجابٍ بشري ضعيف ومهلهل لا يصمد لسنواتٍ قادمة؟

فقد دق العلماء جرس الإنذار حول الخطر الشديد الذي تعاني منه الحيوانات المنوية للإنسان من ناحية الانخفاض الملحوظ والمطرد في أعداد الحيوانات المنوية مع الوقت، إضافة إلى تغيير نوعيتها وإصابتها بضعفٍ ملموس. ويأتي هذا التحذير الأخير استناداً إلى الاستنتاجات التي توصلت إليها دراسة شاملة وطويلة المدى أُجريت في فرنسا حول التغير في نوعية وأعداد الحيوانات المنوية عند بني البشر.

فقد أُجريت هذه الدراسة على مدى فترةٍ زمنية طويلة بلغت 17 عاماً، من عام 1989 إلى 2005، وغطت عدداً كبيراً من الرجال وصل إلى 26 ألف رجل، تمت أخذ عينات منهم بشكلٍ دوري مستمر من 126 مركزاً للخصوبة والإنجاب، حيث تم تحليل نوعية الحيوانات النووية من ناحية صحتها وتعرضها للملوثات الكيميائية من جهة، ومن ناحية تركيزها وعددها، وقد نُشرت هذه الدراسة في مجلة الإنجاب البشري(journal Human Reproduction) في العدد الصادر في 12 ديسمبر 2012، تحت عنوان “انخفاض تركيز الحيوانات المنوية والمورفولوجيا في عينةٍ مكونة من 26609 رجال في فرنسا في الفترة من 1989 إلى 2005 ”.  

وقد تمخضت عن الدراسة الحالية استنتاجات عامة مهمة جداً، منها انخفاض معدل أعداد الحيوانات المنوية خلال فترة الدراسة إلى الثلث، حيث انخفضت أعداد الحيوانات المنوية من معدل 73.6 مليون حيوان منوي في الملي لتر الواحد من المني في عام 1989 إلى 49.9 في عام 2005، وبنسبةِ انخفاضٍ سنوي بلغت 1.9%، علماً بأن المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية في هذا المجال هي 55 مليون حيوان منوي في الملي لتر من المني، كذلك فإن نوعية الحيوانات المنوية من ناحية الشكل والهيئة والصحة قد تأثرت وانخفضت بنسبة 33.4%.

وهذه الدراسة تتفق في استنتاجاتها مع الدراسات الأخرى التي أُجريت في دولٍ مختلفة في شتى أنحاء العالم، وتعزو هذه الأبحاث الميدانية أسباب التدهور الكمي والنوعي في الحيوانات المنوية إلى عدة عوامل من أهمها تَعرض الإنسان لعشرات الآلاف من الملوثات الخطرة الموجودة في الهواء والماء والتربة في البيئتين الداخلية والخارجية، والتي تدخل إلى أجسامنا من خلال تناول المواد الغذائية الملوثة، أو استنشاق ملوثات كيميائية من دخان السيارات والمصانع ومحطات توليد الكهرباء. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، هناك دراسة نُشرتْ في مجلة شؤون صحة البيئة(Environ Health Perspective) عام 2011 تؤكد أن التعرض لملوث شديد الخطورة اسمه الديكسين يؤثر على كمية وصحة الحيوانات المنوية، حيث فَحصت نوعية الحيوانات المنوية عند أبناء الأمهات اللاتي تعرضن للديكسين أثناء حادثة سيفيسو في إيطاليا في يوليو عام 1976، وأكدت أن تعرض الآباء للديكسين انعكس مباشرة على الأولاد فأدى إلى تدهور نوعية وصحة الحيوانات المنوية.

ولذلك فإن توقعي بانقراض الإنسان، أو ضعف الإنتاج البشري له جانب من الصحة والواقعية، وبخاصة أن هناك عوامل أخرى غير تلوث البيئة تؤثر على صحة وكمية الحيوانات المنوية فتؤدي إلى انخفاض أعداد البشر مع الوقت. فهناك العامل الصحي وإصابة البشر بأمراض مزمنة تُوقف أو تقلل من الإنجاب، مثل ازدياد أعداد المصابين لسرطان الخصية، والتي وصلت إلى الضعف خلال الثلاثين سنة الماضية.

كذلك هناك العامل الاجتماعي المتمثل في عدم الإقبال على الزواج، وبخاصة في الدول الغربية، أو الزواج المتأخر، ومن ثم قلة وتأخر الإنجاب.

فكل هذه الأسباب مجتمعة تدعوني إلى القول بأن الجنس البشري في خطر وهو مهدد بالانقراض.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق