الأحد، 1 سبتمبر 2013

لماذا تمول المخابرات الأمريكية بحثاً في التغير المناخي؟



خبرٌ تناقلته وسائل الإعلام الغربية ولفت انتباهي كثيراً، ويأتي هذا الخبر تحت عنوان:”الـ سي آي إيه تَدْعم دراسة علمية بمبلغ 630 ألف دولار في مجال التحكم في التغير المناخي باستخدام تقنيات الجيوإنجنيرنج“.

فهذا الخبر أثار لَدي العديد من الشبهات والشكوك المشْروعة، وجعلني أطرح الأسئلة التالية: ما علاقة الـ سي آي إيه، أو وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وهي جهاز مخابراتي أمني بحت يختص في جمع المعلومات عن الحكومات الأجنبية والشركات والأفراد ثم تحليل هذه المعلومات وربطها بالأمن القومي الأمريكي، بقضيةٍ بيئية خالصة هي التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض؟
ولماذا يقوم هذا الجهاز الاستخباراتي بالتحديد بتمويل دراسة حول التغير المناخي تستغرق 21 شهراً، ويَصرف جزءاً من ميزانيته في قضية غير استخباراتية وغير أمنية ظاهرياً، ولا علاقة لها باختصاصاته المعروفة والمعلنة؟
فهل تنوي أمريكا التحكم في مناخنا وتغييره حسب مصلحتها، كما تتحكم وتتدخل في سياساتنا القومية؟

فهذه الدراسة التي ستمولها الـ سي آي إيه وتقوم بها الأكاديمية القومية للعلوم(National Academy of Sciences)ستسبر غور كيفية التحكم في التغيرات المناخية المرتقبة باستخدام علوم الأرض الهندسية أو هندسة علوم الأرض(geoengineering)، وهو العلم المختص بأسباب التغيرات المناخية وتداعياتها وطرق وتقنيات منعها أو التحكم فيها، وبالتحديد ستبحث الدراسة في تقنيات وطرق التخلص من ثاني أكسيد الكربون وهو المتهم الرئيس في إحداث التغير المناخي، إضافة إلى دراسة إدارة الإشعاع الشمسي.

ولكن المهم في هذه الدراسة والتي على أساسها ستقوم الـ سي آي إيه بتمويلها ودعمها مالياً هي أنها ستبحث في علاقة استخدام تقنيات التحكم في التغير المناخي وتأثيراتها المحتملة على”الأمن القومي الأمريكي“، إضافة إلى تداعياتها المحتملة على الجانبين البيئي والاقتصادي.

ولذلك نجد أن وكالة الاستخبارات الأمريكية اعتبرت أن التغير المناخي ليست قضية بيئية فحسب، وإنما هي قضية أمنية تدخل في صلب اختصاصاتها وتدور حول أهدافها المعلنة، وقد جاء رد المتحدث الرسمي إدوارد برايس(Edward Price) سريعاً لإزالة الغبار والاستغراب، ودحض نظرية المؤامرة عن أسباب تمويل الـ سي آيإيه لهذا البحث، حيث قال:”إنه من الطبيعي أن تقوم وكالة الاستخبارات بالتعاون مع العلماء المختصين من أجل الوصول إلى فهمٍ أدق لظاهرة التغير المناخي وتأثيراتها على الأمن القومي“.

وفي مقالٍ سابق نشرته في أخبار الخليج تحت عنوان:”العُنف“، يصُب في صلب هذا الموضوع، فقد أكدت فيه أن التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض، وبخاصة في الدول التي تعاني أصلاً من مناخٍ طبيعي حارٍ ورَطب، يؤدي إلى زيادة معدلات العنف على كافة المستويات الفردية والجماعية والإقليمية، كما أنه يزيد من احتمال اندلاع أعمال الشغب وقيام الحروب بين الجماعات والدول، أي بعبارةٍ أخرى يُعد التغير المناخي وقوداً يشعل فتيل العنف ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار وتحطيم الأمن على كافة المستويات، ولذلك فإن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية كَلَفتْ وكالة المخابرات باتخاذ الخطوات الاستباقية من الآن، والتخطيط لكيفية مواجهة هذه القضية الأمنية البيئية الكبرى التي تؤثر على الكرة الأرضية برمتها وعلى شعوب الأرض قاطبة، كما أنشئت الوكالة مركزاً بحثياً متخصصاً لإجراء الدراسات والبحوث حول التغير المناخي والأمن القومي الأمريكي.

ولذلك على البحرين أن تنتبه إلى قضية التغير المناخي وتسعى جاهدة إلى خفض انبعاث الملوثات المتهمة بإحداث هذه الظاهرة من كافة مصادرها، لكي نجنب البلد المردودات السلبية البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تنجم عن تفاقمها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق