الخميس، 5 سبتمبر 2013

خطاب إلى وزير التربية الياباني



خطاب كتبه براين فيكتوريا(Brian Victoria) مدير البرنامج الأمريكي أُدْرس في الخارجفي 12 أغسطس إلى وزير التربية الياباني هاكوبنشيمومورن(Hakubun Shimomura) ليُشعره عن تأجيل زيارة الوفد الطلابي الأمريكي السنوي إلى اليابان، والذي من المفروض أن يصل إلى اليابان في سبتمبر من العام الجاري، أي خريف عام 2013.

وقد تأسف المسئول الأمريكي عن اتخاذ هذا القرار، ولكن أكد في الوقت نفسه على أن حماية صحة المواطنين الأمريكيين والحفاظ على أمنهم الصحي، وبخاصة الطلبة الشباب الصغار في السن، هي من الأولويات عند الحكومة الأمريكية ولا يمكن التهاون فيها. ويُعزى السبب في اتخاذ هذا القرار الحاسم إلى أن اليابان مازالت حتى اليوم تعيش تحت وطأة الإشعاع، وتعاني بشدة من تداعيات حرق المفاعلات النووية في فوكوشيما قبل أكثر من عامين، وبالتحديد في 11 مارس 2011، والتسربات الإشعاعية القاتلة التي نجمت عنه، فلوثت المياه السطحية والمياه الجوفية والهواء والتربة وانتقلت هذه المواد المشعة إلى السلسلة الغذائية التي يتعرض لها الإنسان. 

فقد اعترفت شركة تيبكو(Tepco) وهي التي تملك مفاعلاتداياشي النووية في فوكوشيما في 12 أغسطس من العام الجاري أن عشرة عمال تعرضوا للإشعاع أثناء عملهم، مما يؤكد أن التسرب الإشعاعي مازال مستمراً وأن التهديدات المباشرة وغير المباشرة للملوثات المشعة القاتلة مستمرة وتُعرض حياة الناس للخطر. كذلك في 20أغسطس اعترفت الشركة نفسها عن تسرب نحو 300 طنٍ من المخلفات السائلة المشعة من خزانات المياه إلى المحيط، مما يؤكد أن الكائنات البحرية التي يأكلها الإنسان ستكون مشعة وتؤدي إلى إصابته بالأمراض المزمنة. وبناءً على هذه المعطيات فقد أعلن الخبراء النوويون في أمريكا على ضرورة فحص كافة المنتجات البحرية القادمة من اليابان، أو التي يتم اصطيادها من الساحل الغربي الأمريكي.

كذلك أكد على حقيقة وجود الإشعاع في البيئة حتى الآن، علماء اليابان أنفسهم عندما قالوا بأن عمليات تنظيف البيئة ومواردها الحية وغير الحية من التلوث الإشعاعي الناجم عن حرق المفاعلات ستحتاج إلى أكثر من أربعين عاماً. كذلك أكدت وزارة الزراعة والأسماك والغابات اليابانية عن وجود نسبٍ مرتفعة من السيزيم المشع في الأسماك حتى قبل شهرين فقط من كتابة هذا المقال، حيث بلغت 25 ألف بيكرلز من السيزيم في الكيلوجرام من السمك، أي أعلى من المعايير بأكثر من 250 مرة، كما أعلنت الجهات الرسمية أن 40% من الأسماك التي تم اصطيادها من منطقة المفاعل لا تصلح لاستهلاك الإنسان، ولذلك قررت إغلاق هذه المنطقة البحرية كلياً حتى إشعارٍ آخر، وهذا الإشعار الآخر قد يستمر عقوداً من الزمن.

فهذا الخبر البسيط المتمثل في رسالة المسئول الأمريكي إلى الوزير الياباني له دلالات خطيرة يجب الوقوف عنده والاستفادة منه، وهو أن التلوث الإشعاعي لا ينتهي بعد فترة قصيرة من الزمن وإنما يبقى مع الإنسان ربما طوال سنوات حياته، وبخاصة عندما يكون التلوث ناتجاً عن عنصرٍ نصف عمره الإشعاعي عشرات السنين. فعلى سبيل المثال نصف عمر حياة السيزيوم(137) الذي انبعث من فوكوشيما أكثر من 30 عاماً، مما يعني بأن هذا العنصر سيبقى ملوثاً للبيئة، وسيستمر في الإشعاع طوال هذه السنوات، ولذلك فإن هذه التسربات المشعة التي انطلقت إلى الهواء الجوي وإلى مياه البحار منذ أكثر من سنتين ومازالت حتى يومنا هذا قد دخلت الآن إلى كافة مكونات البيئة الحية وغير الحية ولم يبق شبر منها إلا وقد أصابه عدوى التلوث الإشعاعي، فقد أصبح الآن جزءاً لا يتجزأ من هذه البيئات. فالمواد المشعة موجودة في الهواء، وفي المياه السطحية والجوفية، وفي التربة، وفي الكائنات الحية من إنسان، وحشرات، وديدان الأرض، والطيور، والأبقار والأغنام، وفي التربة في أعماق البحار وفي الكائنات البحرية السطحية والقاعية، وهي في نهاية المطاف تنتقل بعد فترة قصيرة أو بعيدة من الزمن إلى غذائنا وطعامنا وشرابنا، فتصيبنا بالأمراض والعلل المزمنة والتي لا ندري عندئذٍ ما هي أسبابها وكيف أصبنا بها.

ومن هذا المنطلق علينا الاهتمام ببيئتنا وصحة مواطنينا في البحرين من خلال التأكد من خلو كافة المنتجات اليابانية من الإشعاع، وبخاصة الصادرة من منطقة فوكوشيما، وأن نستمر في إجراءاتنا الوقائية هذه لعقود من الزمن، فلا ننسى أن التلوث الإشعاعي لا يموت ولا ينتهي سريعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق