الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

قناديل البحر تغلق محطة نووية



يتهاون الكثيرون ويُحَقرون من قدرة هذا المخلوق الهلامي الضعيف والمعروف بالجيلي فيش أو قنديل البحر على إحداث كوارث خطيرة للإنسان وبيئته.

فبالرغم من جسمه الهزيل، وحجمه الصغير، إلا أنه بدأ يتصدر قائمة الأخبار المهمة في الكثير من دول العالم، وأصبح يشكل تهديداً مشهوداً لصحة الإنسان والحياة الفطرية والمنشئات الحيوية الشاطئية، ويلقي الرعب والخوف في قلوب الناس عندما يظهر في المناطق البحرية الساحلية، ويسبب تدميراً فورياً للحركة السياحية في تلك المنطقة.

فهذا الكائن البسيط نَقلتْ أخباره جميع وسائل الإعلام الغربية، فقد تسبب في الأول من أكتوبر من العام الجاري في شلِّ أكبر وأول محطة نووية في السويد لتوليد الكهرباء على بحر البلطيق، وأدى إلى إغلاقها بصورة مفاجئة، وكاد هذا المخلوق الهش أن يُوقع كارثة نووية لا يعرف أحد عواقبها وانعكاساتها على الإنسان والكرة الأرضية برمتها.

وهذه التهديدات التي يشكلها الجيلي فيش بدأت تُشكل ظاهرة عامة يشاهدها الجميع في كل أنحاء العالم، وبخاصة في المناطق الساحلية، وباتت تمثل مشكلة بيئية وصحية واقتصادية خطيرة تتزايد كل سنة. 

والمهم هنا أن نؤكد على أننا نحن بني البشر قد خلقنا لأنفسنا هذه المشكلة، وأيدينا الآثمة التي أفسدت في مكونات البيئة الحية وغير الحية ولعبت فيها عقوداً طويلة من الزمن هي التي أوصلتنا إلى هذه الدرجة الكبيرة المشهودة من التدهور الشديد والمدقع الذي عَمَّ كل أرجاء الأرض، براً وبحراً وجواً، بعيداً كان أم قريبا.

فالصيد الجائر واستخدام كافة الوسائل والأدوات المشروعة وغير المشروعة في استنزاف ثروات البيئة البحرية الحية، أودت بحياة الكثير من أنواع الأسماك التي كانت تتغذى على قنديل البحر، مما ترك الباب مفتوحاً لهذا النوع من الكائنات في التكاثر والنمو بدرجةٍ كبيرةٍ وفي مناطق واسعة من البيئة البحرية، وبخاصة غزو المناطق الساحلية وتهديد الناس من خلال عضهم وإصابتهم بالموت الفوري أو جروح بليغة، إضافة إلى سد فتحات أنابيب مياه التبريد للمفاعلات في محطات توليد الطاقة، كما حدث في المحطة النووية في السويد. ومن جانب آخر هناك مياه التوازن من البارجات وناقلات النفط العملاقة التي تَنْشُر قناديل البحر وكائنات بحرية أخرى في بيئةٍ لا توجد فيها أصلاً، فتهلك الكائنات الفطرية المستوطنة في تلك المنطقة وتقضي عليها. كما أن التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الهواء ومياه البحر أدى إلى خلق بيئة دافئة مناسبة لتكاثر هذا النوع من الكائنات.

ونظراً لحدة هذه الظاهرة وانعكاساتها الخطرة، قام الإنسان نفسه والذي كان سبباً وراء ظهور هذه المشكلة، في التفكير في القضاء عليها، ومنها صناعة إنسانٍ آليٍ بحري(روبوت)، يجوب المناطق البحرية التي توجد فيها مستعمرات للجيلي فيش، فيقوم بهرس وتفتيت هذه التجمعات، حيث قام المعهد الكوري للعلوم والتقنية بصناعة أول إنسان آلي أطلق عليه(Jellyfish Elimination Robotic Swarm).

وهنا أجد أمراً لا أعرف تفسيراً له، وهو أن الإنسان هو الذي يسبب المشكلة، ثم هو نفسه يقوم بعلاجها ويصرف الملايين على ذلك.

لذلك أليس من الأولى أن يتجنب خلق هذه المشكلة والمشكلات البيئية الأخرى من البداية؟   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق