الجمعة، 21 فبراير 2014

المد السرطاني يكتسح العالم



مرضٌ عضال مستعصي على العلاج، يضرب فجأةً ومرةً واحدة دون سابق إنذار، فيأتيك من حيث لا تحتسب ويقلب حياتك رأساً على عقب، ومازال الطب الحديث يقف عاجزاً وحائراً عن تقديم الشفاء الكامل والعلاج الدائم لهذا المرض الخبيث.

هذا المرض هو السرطان الذي أخذ ينتشر في مجتمعاتنا بسرعةٍ كبيرةٍ كانتشار النار في الهشيم، فلا يعرف صغيراً أو كبيراً إلا وقد نزل عليه حتى الجنين في بطن أمه، ولا يميز بين قويٍ صِحياً أو ضعيفْ إلا وقد أَلَّـم به وأصابه دون أية مقدمات.

فهل هذا المرض يقتصر على مجتمعٍ دون الآخر، أو ينتشر في دولة دون الأخرى؟
أم إنه مرض العصر، يصيب الجميع دون استثناء؟

والإجابة عن هذه الأسئلة تأتي من الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية في التقرير الصادر في 3 فبراير من العام الجاري، والذي يُحذر فيه بقوة إلى أن "المد السرطاني سيكتسح العالم خلال العشرين سنة القادمة".

وهذا التحذير نابع من الإحصاءات الدولية المنشورة في كل دول العالم، ومن واقع انتشار مرض السرطان بمعدلات مخيفة ومتزايدة تجعل العلماء والأطباء يدقون ناقوس الخطر ويصفون هذا المرض بالوباء العام.

فالتوقعات العلمية التي وردت في تقرير منظمة الصحة العالمية الحالي تشير إلى أن عدد الإصابات والحالات الجديدة بمرض السرطان في سنة واحدة سيرتفع من 14.1 مليون في عام 2012 إلى 24 مليون بحلول عام 2035، وعدد الموتى سيتضاعف في الفترة نفسها من 8.2 مليون إلى 14.6 مليون، كما أن التقرير يشير إلى أن هذا الارتفاع سيظهر وينكشف بصورة أشد وأعم في الدول الفقيرة، والتي من المتوقع أن تزيد فيها نسبة الإصابة بالسرطان 44% مقارنة بالدول الغنية وهي 20%. كذلك أفاد التقرير بأن حالات السرطان التي تم تشخيصها في عام 2012 كانت على النحو التالي:سرطان الرئة وهو الأكثر شيوعاً في العالم 1.8 مليون وبنسبة 13%، والثدي 1.7 مليون وبنسبة 11.9%، والأمعاء 1.4 مليون وبنسبة 9.7%، أما بالنسبة للموتى من السرطان فكان سرطان الرئة 1.6 مليون 19.4%، والكبد 0.8 مليون 9.1%، والأمعاء 0.7 مليون 0.8%.

وقد أكد أحد مؤلفي التقرير، وهو الدكتور برنارد ستيوارت من جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، أن مكافحة هذا الوباء ومنعه يكمن في تحول الإنسان من بعض الممارسات والسلوكيات والعادات اليومية الخاطئة التي يقوم بها بشكلٍ مستمر إلى عادات صحيةٍ وممارسات سليمة تُقوي الجسم وتمنع عنه التعرض للمركبات والملوثات الخطرة والمسرطنة. فقد أفاد هذا الخبير في مرض السرطان أن تغيير الإنسان لبعض سلوكياته وعاداته اليومية مثل "شرب الخمر" سيكون له دور رئيس ومحوري لمكافحة موجة مرض السرطان التي نراها تزحف في كل دول العالم، وأكد هذا العالِـم على ضرورة معالجة قضية شرب الخمر التي انتشرت في الدول الصناعية والغربية على نطاقٍ واسع، والتصدي لكافة الأبعاد المتعلقة بها من ازدياد الحوادث، والمشكلات الاجتماعية والصحية والاقتصادية التي تنجم عن شربها.

وفي الوقت نفسه أكد تقرير منظمة الصحة العالمية على ضرورة تغيير الإنسان لأسلوب ونمط حياته، وتجنب أنماط الحياة في الدول الغربية والغنية من عدة مناحي، من أجل الابتعاد عن السقوط في هذا المرض. أما الأولى فهي العادات الغذائية من حيث كمية ونوعية الغذاء التي يستهلكها الإنسان، فمن الضروري تجنب الإفراط والإسراف في الأكل من جهة، والابتعاد عن تناول المأكولات الدهنية وغير الطازجة التي تحتوي على مبيدات، ومواد حافظة من جهةٍ أخرى. والناحية الثانية فهي تجنب التدخين بكافة أنواعه وشرب الخمر، فكلاهما من الأسباب الرئيسة للإصابة بأنواع كثيرة من السرطان. أما الناحية الثالثة فهي ممارسة الإنسان للرياضة والتمارين البدنية بشكلٍ يومي، حتى ولو كانت لسويعات قليلة. وأخيراً محاولة تجنب التعرض للملوثات البيئية التي تنبعث من السيارات، والمصانع، ومحطات توليد الكهرباء.

فالقيام بهذه الممارسات البسيطة بصورة يومية من شأنها إبعاد كافة المخاطر التي تُعرض الإنسان الوقوع في شر هذا المرض، فلنبدأ من الآن بالتنفيذ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق