الثلاثاء، 25 فبراير 2014

رجل سيجارة مالبورو يموت


مازالتُ أتذكر عندما كنتُ طالباً في ولاية تكساس في أمريكا في نهاية السبعينيات من القرن المنصرم منظر ذلك الرجل الوسيم والكبير، راعي البقر، لابساً الجينز الأزرق المتين، وهو يركب حصانه بهدوء واطمئنان، ويبدأ في تدخين سيجارة مارلبورو الشهيرة.

 

لا شك بأنه مشهد يدخل في أعماق النفس، وقد أثَّر علي شخصياً عندما رأيته، كما أثر على ملايين البشر داخل وخارج أمريكا ممن شاهدوا هذه اللوحة الإعلانية المتقنة في إبداع التصميم، والتمثيل، والإخراج، فهذه الدعاية أدخلت الملايين من هؤلاء البشر في الولوج في عالم التدخين والبقاء عبيداً تحت تأثيره والإدمان عليه، وهذه الدعاية وضعت اللبنة الأولى الفاسدة المدمرة لسلامة الإنسان والمهلكة للأمن الصحي للإنسانية جمعاء.

 

فمنذ أن بدأ الإنسان في التدخين والدراسات تأتي تترا، كل دراسة تكشف الجديد عن المضار الصحية للتدخين، وكل دراسة تقدم دليلاً جديداً لا غبار عليه عن الأمراض المزمنة والمستعصية عن العلاج التي تنجم عن التدخين، ليس على المدخن نفسه فحسب، وإنما على الجالسين من حوله.

 

ورجل مالبوروا نفسه الذي كان السبب الرئيس في قيام الملايين من الناس في إشعال السيجارة الأولى والوقوع في شباك التدخين، ذهب هو ضحية لهذه الدعاية الآثمة، فمات مؤخراً من مرضٍ مزمن له علاقة بالتدخين، وبالتحديد نوع من أنواع سرطان الرئة.

 

فهناك إجماع علمي وطبي الآن أن التدخين بأنواعه وأشكاله المتعددة يؤدي إلى الإصابة بثلاثين نوعاً من الأمراض الفتاكة التي تُعَجِّل من وصول أَجَلْ الإنسان وتدخله في القبر مبكراً. فمنذ التقرير الأمريكي الأول الذي نشر عام 1964 وأكد على أن التدخين يسبب سرطان الرئة، نُشرت تقارير وأبحاث كثيرة تؤكد على إصابة التدخين لأمراض جديدة، منها سرطان القولون، والكبد، والمثانة، والعنق، والثدي، ومرض السكري من النوع الثاني، والسل، وضعف الجهاز المناعي، وأمراض والتهابات المفاصل، وفقدان البصر، وأمراض القلب المختلفة، إضافة إلى الولادة المبكرة وانخفاض وزن الجنين وولادة أولاد معوقين ومشوهين خَلْقياً بالنسبة للمرأة الحامل التي تدخن، أو التي تتعرض بشكلٍ مستمر للملوثات التي تنطلق من المدخنين أثناء الجلوس معهم.

 

وهذه الدراسات حول التدخين لن تنتهي، فإنني على يقين بأن المستقبل القريب سيكشف لنا عن أبحاثٍ لأمراضٍ جديدة تنجم عن التدخين.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق