الاثنين، 8 سبتمبر 2014

"النِيُو لُوْكْ" لشركات التبغ


تحاول شركات التبغ من جديد كسب قلوب الناس وثقتهم بطريقةٍ أو بأخرى مهما كلَّف الثمن، ومهما كانت الوسائل والسُبل، فتسعى جاهدة بكل ما أُعطيت من قوةٍ ومكرٍ ودهاء إلى جذب الجمهور نحو أي نوعٍ من أنواع التدخين، وبخاصة بعد خسائرها الفادحة لمعارك كثيرة كانوا يخوضونها في السنوات الماضية، مثل معركة عزوف الناس عن السجائر التقليدية، ومعركة الغرامات الكبيرة التي يقومون بدفعها كل يوم كتعويض للذين رفعوا شكاوى ضدهم في كل أنحاء العالم.

 

فهذه الشركات الآن تعمل على التكيف والتأقلم مع هذه المستجدات على الساحة الدولية للتدخين، وذلك ضمن تَكْتِيكٍ شيطاني جديد، ونموذج للعمل مغاير عن النماذج التقليدية، واستراتيجية علمية ماكرة مبنية على أحدث الدراسات، فتُقدم نفسها للجمهور بوجهٍ جديد، أو نيُو لُوْكْ، لعلها ترجع مرةً ثانية إلى عصر الازدهار الاقتصادي والماضي الغابر السعيد الذي كان يفتخر فيه الإنسان عندما يدخن، ويعتبر السجائر والتدخين موضة عصرية حديثة تتوافق مع الرجل أو المرأة العصرية.

 

وأستطيع أن أُلخصَ تكتيك هذه الشركات في نقطةٍ واحدة رئيسة تتمثل في إبداع وتصميم مُنتجات جديدة تنأى بنفسها عن السجائر التقليدية "الضارة"، فتُقدم هذه المنتجات انطباعاً مغايراً عن السجائر القديمة، من حيث إنها أقل خطورة للإنسان وتـٌجنب المدخن الأضرار الصحية المعروفة التي كانت تنجم عن السجائر التقليدية القديمة، وتُبعده عن السقوط في شر الأمراض المزمنة والمستعصية التي تصاحب عملية التدخين.

 

فتقوم هذه الشركات بتقديم هذه المنتجات الجديدة تحت "مسميات جديد"، و"وجه حديث أو نيو لوك". ومن أشهر هذه المنتجات التي انتشرت مؤخراً وارتفعت أعداد مستعمليها هي "السجائر الإلكترونية"، حيث تَدَّعي شركات التبغ بالاستناد إلى بعض "الأبحاث العلمية" التي ربما قاموا بتمويلها ودعمها بأن هذا النوع الجديد من السجائر لا تنبعث منه أية ملوثات سامة أو مسرطنة، أي أنه "بديل حديث" لا يضر بصحة الإنسان وينقذه من شر السجائر السامة والقاتلة، كما أنهم يَدَّعون بأن هذا النوع الحديث من السجائر في الوقت نفسه يساعد المدخنين مع الوقت على العزوف عن التدخين مستقبلاً وبالتالي يحمي صحتهم ويحافظ على أمنهم.

 

فالآن تهدف شركات التبغ إلى تغيير سمعتها السيئة أمام الناس، وبناء مصداقية جديدة تُعيد الثقة بهم وبمنتجاتهم، فهم حسب تكتيكهم الجديد يعملون على إنقاذ البشرية من شر التدخين وحمايتها من أضرار السجائر القديمة القاتلة، فهل نصدقهم ونثق بهم بعد أن كذبوا علينا أكثر من مائة عام؟    

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق