الاثنين، 25 مايو 2015

حِبْرٌ أسود من رئةِ مُدخن


ألقيتُ مؤخراً محاضرة عامة حول التداعيات الصحية الضارة والمـُهلكة للتدخين بكافة أنواعه على المدخن نفسه وعلى من يجلسون بالقرب منه، سواء التدخين كان من سجائر تقليدية، أو الشيشة، أو السجائر الإلكترونية، أو السـِيجار، وأخذتُ معي إلى المحاضرة عينة من "الفِلْتَـر"، أو المرشح الذي يوضع على فم وفوهة السجائر من أجل ترشيح الملوثات وحبسها في المرشح، ومنعها من الدخول إلى جسم المدخن، وبخاصة الجهاز التنفسي.

 

فبدأتُ المحاضرة بفتح هذا الفلتر وطرحتُ السؤال الآتي على الجمهور: من منكم يأخذ الفلتر الذي بيدي ويُدخل محتوياته في جسمه؟

 

فَرفضَ الجميع ذلك، ولم يتطوع أحد بالقيام بهذه المهمة، بل وأبدى الجميع امتعاضه واشمئزازه من القيام بهذه العملية المقرفة ورأيتُ هذا الإحساس والشعور واضحاً على تعابير وجوههم، فقلتُ لهم إنَّ ما رفضتم القيام به جميعاً، يقوم به كل مُدخن مع كل سيجارة يشعلها ويدخنها في كل ساعة، فيُدخل كمياتٍ كبيرة من هذه المادة البُنية السوداء القذرة والقاتلة التي تفلت من الفلتر إلى جسمه طواعية، وهو في غاية السرور والسعادة والبهجة!

 

واليوم أقرأُ عن مشهدٍ مماثلٍ في احدى الصحف اليابانية عن أن بعض النشطاء والجمعيات الأهلية في تايلند والذين يقومون بحملاتٍ مستمرة ضد عملية التدخين، قد شرعوا في حملةٍ إبداعية غريبة وغير مسبوقة لإقناع المدخنين للعزوف عن التدخين وتجنب السجائر كلياً. فقد قاموا، بالتعاون مع احدى الجامعات المختصة بجمع عيناتٍ من "الفحم"، أو المادة البُنية السوداء المتجمعة والمتراكمة منذ سنوات في رئات بعض المدخنين، والذي تبرع بها لهذه الجامعة، حيث قامت مختبرات الجامعة بصناعة وإنتاج حِبرٍ أسود اللون من هذه المادة القاتلة، وكتبوا عبارات ضد التدخين من هذا الحبر، ثم وزعوا عينات منه على الجمهور، وأَطْلقوا على هذه العينات السامة أو الحبر الجديد، حِبْر الرئات السوداء(The Black Lungs Ink). 

 

فأضرار التدخين وقتله للبشر قد أجمع عليها المجتمع الطبي، بل وإن شركات التبغ نفسها تعترف بهذه الأضرار الصحية، ولذلك فالأمر يحتاج إلى قرارٍ سياسي حازم يتمثل في "منع استيراد السجائر بكافة أنواعها". 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق