السبت، 30 مايو 2015

تهريب الماريجوانا إلى البحرين



خبرٌ من النيابة العامة نقلته الصحافة المحلية في 24 أبريل من العام الجاري تحت عنوان :"إدخال ماريجوانا في أحذية بالمطار"، حيث جاء في الخبر أن النيابة العامة أَمرتْ بحبس 11 متهماً سبعة أيام على ذمة التحقيق، وذلك لتورطهم في قضايا متعلقة بمحاولة إدخال الماريجوانا عن طريق المطار بوضعه في النعال.

وقراءةٌ سريعة للتاريخ والواقع المتعلق بالماريجوانا، أو الحشيش في الولايات المتحدة الأمريكية بصفةٍ خاصة، ودول العالم الأخرى بشكلٍ عام، تُؤكد لي بأنه بعد سنواتٍ قليلة لن يحتاج المـُـفْسدين والمخربين إلى تهريب الماريجوانا إلى البحرين، أو إلى أي دولةٍ أخرى في هذا العالم الفسيح، ولن يحتاج المهربين إلى تعريض حياتهم للخطر، وتيتيم أطفالهم، وترميل نسائهم والسقوط في حبل المشنقة والإعدام، فسيكون هذا المخدر السام متوافراً بشكلٍ علنيٍ ورسميٍ وقانونيٍ في المحلات والمتاجر والمجمعات، بل وسيكون هناك صرافٌ آلي خاص بسحب الماريجوانا في كل شارع، وفي كل حي، وفي كل مجمعٍ تجاري أو سكني.

فهذا التأكيد يعتمد أساساً على ما يحصل في الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لهذا المخدر الخبيث وبالتحديد منذ أكثر من عقدين من الزمن، حيث إن خارطة السماح للمرايجوانا لأغراض مختلفة، سواء أكانت لأغراض طبية واستخدامها للعلاج، أو لأغراض الترويح والتسلية عن النفس، قد تغيرت واختلفت بشكلٍ جذري من عدة نواحي، فقد حدث انقلاب عام في زيادة أعداد الولايات التي تسمح باستخدامه، ووقعت ثورة جماهيرية عارمة اكتسحت عدة ولايات وتمثلت في الارتفاع المطرد والمشهود في أعداد الأمريكيين المتعاطين والمدخنين للمرايجوانا.

أما بالنسبة للولايات، فمنذ أن كسرت ولاية كاليفورنيا ولأول مرة على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية قمة الجليد، وفتحت الباب على مصراعيه بالسماح لاستخدام الماريجوانا الطبية لأغراض علاجية في عام 1996، بدأت الولايات الأخرى بالاقتداء بكاليفورنيا واعتبارها مثالاً عملياً واقعياً يحتذى به.

ونتيجة لهذه الخطوة الجريئة غير المسبوقة التي اتخذتها ولاية كاليفورنيا على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، بلغ عدد الولايات التي سمحت باستخدام الماريجوانا لأغراض طبية 24 ولاية حتى يومنا هذا، وهذا العدد من المتوقع أن يرتفع مع الوقت ويزيد بشكلٍ متسارع، وقد يغطي في تقديري وينتشر إلى كل الولايات الأمريكية أولاً، ثم دول العالم بعد ذلك.

وفي المقابل تشجعتْ بعض الولايات من خطوة كاليفورنيا الناجحة، فدخلت في مجالات وتطبيقات أخرى غير طبية وغير علاجية للماريجوانا، فبدأت ولاية كولورادو عام 2009 بوضع اللبنة الأولى والخطوة الجادة، وأخذت زمام المبادرة، حيث وَفَّرتْ قانونياً الماريجوانا لمواطنيها لأغراض أُطلق عليها "التسلية والترويح عن النفس"، وتبعتها ولايات أخرى وبالتحديد ولاية واشنطن، وألاسكا، وأوريجن، إضافة إلى العاصمة واشنطن، أو مقاطعة كولومبيا.

فمن الواضح أن المزاج العام للأمريكيين يتجه بقوة وبوضوح نحو السماح لاستخدام الماريجوانا، سواء لأغراض طبية أو ترويحية شخصية، فاستطلاع الرأي الذي قام به مركز أبحاث بو(Pew Research Center) مؤخراً أشار إلى أن غالبية الأمريكيين، وبالتحديد 53% منهم يؤيدون استعمال هذا المخدر، وهذا الاستطلاع مؤشر جِديٌ وموثوق يأخذه في الاعتبار صناع القرار في الولايات، سواء رجال القانون والتشريع، أو رجال السياسة، ولذلك إنني أتوقع شخصياً تعميم استعمال هذه الآفة المرضية القاتلة على جميع ولايات أمريكا في المستقبل المنظور، ولكن الأمر الذي يزعجني ويقلقني كثيراً ليس انتشاره في أمريكا ولكن انتقال آلية السماح للماريجوانا لأي استخدام كان إلى دولنا العربية والإسلامية من خلال التجارة الحرة الثنائية بين بعض دولنا والولايات المتحدة الأمريكية، وقيام أمريكا بفرض منتوجاتها علينا، فهل نحن مستعدون لمواجهة هذا الخطر والتهديد على مجتمعاتنا وشعوبنا؟   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق