في
كل يوم نسمع ونقرأ عن اسمٍ ومادةٍ جديدة، أو ملوث آخر يضاف إلى قائمة الشرف الخاصة
بالمواد التي من المحتمل أن تسبب السرطان للإنسان، وهذه القائمة اكتظت الآن
بالأسماء، وامتلأت صفحاتها بالمواد الكيميائية والحيوية والفيزيائية التي تهدد
حياة البشر وتعرضهم في فخ الوقوع في هذا المرض العضال، حتى أصبحت أسماء المواد
السليمة خارج دائرة هذه القائمة أقل من أعداد المواد التي أُدمجت في قائمة الشر
ولوحة الفساد الصحي هذه.
فقد
أعلنت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، وهي الذراع العلمي والفني لجميع القضايا
المتعلقة بالسرطان لمنظمة الصحة العالمية، حيث تقوم بين الحين والآخر بإصدار
الفتاوى العلمية حول آخر المستجدات حول مرض السرطان وأحدث المعلومات عن المواد
المسببة للسرطان، أن بعض المواد الغذائية، وبالتحديد اللحوم الحمراء المعالجة
كيميائياً قد تم تصنيفها ضمن المجموعة الأولى من المواد المــُسرطنة(carcinogenic)، أي أنها تسبب السرطان للإنسان، وبالتحديد
سرطان الأمعاء أو القولون المستقيمي، كما وضع الإعلان نفسه اللحوم الحمراء كالبقر
والخراف والأغنام والخنزير ضمن المجموعة الثانية(أ)، أي أنها من المحتمل أن تكون
مسرطنة وتعرض الإنسان لخطر الإصابة بسرطان القولون والبروستات والبنكرياس.
وهذا
الإعلان الجديد الذي نُشر في العدد الصادر في أكتوبر من العام الجاري في مجلة
لانست لعلم الأورام (Lancet Oncology)
هَزَّ المجتمع الدولي برمته وأوقعه في حيرةٍ من أَمره، وبخاصة من جهةِ الذين
يستهلكون يومياً هذه الأنواع المعالجة من اللحوم ولا يستطيعون الاستغناء عنها
كلياً، واللذين يعتمد رزقهم على تصنيعها وإنتاجها وتوزيعها وتسويقها وبيعها من
جهةٍ أخرى.
وبعبارةٍ
بسيطة فإن هذا التصنيف الأخير للحوم الحمراء المعالجة يقول لمليارات الناس في كل
أنحاء العالم اجتنبوا وتوقفوا فوراً عن أكل ما تلذذتم به منذ عقود،كالبيكن(bacon)، والسوسيج(sausage)،
والهام(ham) والهوت دوج(hot dog)، والسالامي(salami)
وغيرها من المأكولات الشهية ذات الشعبية الواسعة، وإلا سيكون مصيركم الوبال
والحسرة والسقوط في المرض الخبيث.
ويُعزى
السبب في هذا التصنيف المخيف إلى أن اللحوم الحمراء تعالج إما للمحافظة عليها
لفترة طويلة من الزمن لمنع نمو البكتيريا، وإما تعالج لتحسين طعمها ونكهتها ولونها
والحفاظ على طراوتها ومظهرها الخارجي، وطرق المعالجة هذه تكون بالتمليح، أو
التدخين، أو التخمير، أو إضافة المواد الحافظة، وتكمن الخطورة في هذه العملية عند
إضافة أملاح "النيترايت"(nitrite)،
أو "النيتريت"( nitrate) كمواد حافظة إلى اللحوم، وهذه المركبات
تتحول في الجسم إلى مركبات "النيتروزو أمين"(
nitrosamine) المصنَّفة كمواد مسرطنة.
وجدير
بالذكر أن قائمة المواد المسرطنة التي تم وضع اللحوم الحمراء المعالجة فيها والتي
تُعد الأشد فتكاً بصحة الإنسان، تشتمل على ملوثات ومواد أخرى كثيرة منها التدخين
بكل أنواعه وأشكاله وصوره، والخمر، وأشعة إكس والأشعة المؤينة الأخرى، وأجهزة
التانينج التي تقوم بتغيير لون الجلد ودباغة الجلد، إضافة إلى الهواء الجوي بشكلٍ
عام والملوثات التي تنبعث من عوادم سيارات الديزل والجازولين.
وختاماً
ربما يثور سؤال عند الناس: ماذا نأكل، وماذا نشرب، وأين نعيش إذا كانت المأكولات
الشهية التي تعودنا على أكلها تُعرضنا للأمراض المستعصية المزمنة، وإذا كان الهواء
الجوي الذي نستنشقه يُفسد علينا صحتنا؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق