الاثنين، 16 نوفمبر 2015

البُعد البيئي لرفع الدعم عن اللحوم


لستُ هنا بصدد الحديث عن قضية "دعم اللحوم" بشكلٍ عام، ولا أريد أن أَدخل في الجدل القائم حالياً في البلد حول هذه القضية المتداخلة والمعقدة، ولكنني شخصياً لا أرى من المصلحة العامة على المدى القريب وفي هذه المرحلة الحرجة من رفع الدعم عن المواطن بسبب الظروف المحلية والإقليمية الأمنية الملتهبة التي نعيشها، فلا نريد أن نزيد من وقود اشتعالها بإحياء قضيةٍ أخرى تزيد من احتقان المواطن وتُعمق من معاناته اليومية.

 

ولذلك أُريد اليوم أن أُلقي الضوء على المردودات البيئية التي تنجم عن العُزوف عن استهلاك اللحم، أو في الأقل خفض استهلاكه نتيجة لارتفاع سعره.

 

فعلماء البيئة، والتغير المناخي بشكلٍ خاص ينصحون الناس ويوجهونهم إلى التقليل من استهلاك اللحوم الحمراء، وبشكلٍ خاص لحم البقر، وذلك من أجل حماية كوكبنا من الإصابة بالسخونة وارتفاع درجة حرارته والحد من تفاقم مشكلة التغير المناخي، فكلما قَلل الإنسان من أكل اللحوم زاد من اسهامه ودوره على المستوى الفردي في منع أو التخفيف من حدة تداعيات ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض.

 

ويُعزى السبب في هذه العلاقة المتينة والقوية بين أكل اللحوم ودرجة حرارة الأرض في الإحصاءات التي نشرتها مؤخراً منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة، والتي أكدت على أن قطاع إنتاج وتنمية المواشي يُسهم بنسبة 18% من الانبعاثات الكلية للملوثات التي تؤدي إلى تلوث الهواء الجوي ورفع درجة حرارة الأرض، أو ما يُطلق عليه الآن غازات الدفيئة وغازات الاحتباس الحراري، وبنسبةٍ تصل إلى 35% من غاز الميثان، أحد المتَهمين الرئيسين عن التغير المناخي، أي ربما أعلى من القطاعات التنموية الأخرى كقطاع المواصلات والصناعة.

 

فالأبقار والمواشي بعد الأكل وبعد عملية تخمر الغذاء وهضمه في الجهاز الهضمي تَتَجَشأ أيضاً كما يَتَجَشْأ (يِتْجدِّه) الإنسان، فيتولد عنها غاز الميثان الذي يعتبر من أشد الغازات والملوثات وطأةً وتأثيراً على الكرة الأرضية من حيث وقوع ظاهرة التغير المناخي وسخونة الأرض، فهذا الغاز له قدرة 23 مرة أعلى من الغازات الأخرى المسئولة عن رفع درجة حرارة الأرض، وبالتحديد ثاني أكسيد الكربون.

 

وانطلاقاً من هذه الحقيقة، فعملية رفع الدعم عن اللحم ليس شراً كلها.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق