السبت، 14 نوفمبر 2015

البحرين ضمن أعلى الدول العربية في مرض السكري


جميع الإحصاءات التي نَشَرتها المنظمات الإقليمية والدولية كمنظمة الصحة العالمية أو الاتحاد العالمي للسكري خلال العقد الماضي تؤكد أن الدول العربية بشكلٍ عام ودول الخليج بشكلٍ خاص، ومن بينها البحرين تُعد من أعلى الدول بالنسبة للإصابة بمرض السكري وانتشاره بين السكان، فمازلنا حتى يومنا هذا نتصدر وبِكُل فخرٍ واعتزاز قائمة البلدان الأكثر إصابة بمرض السكري بين دول العالم قاطبة!

 

ولا أريد هنا أن أَلج في دَهاليز مرض السكري من حيث الأنواع والأسباب التقليدية المعروفة لدى الجميع والتي تؤدي إلى الإصابة بالسكري سواء أكانت البدانة والسمنة المفرطة، أو قلة ممارسة الرياضة والأعمال والأنشطة الجسدية والعضلية، أو الضغوط النفسية والقلق الذي قد يتعرض له الإنسان أثناء حياته، وإنما أُريد في هذا المقال أن أرُكز على عاملٍ جديد يجهله الكثير من الناس، ومصدرٍ حديث يغفل عنه الأطباء والمختصون بتشخيصِ وعلاج هذا الوباء العام الذي تفشى في مجتمعاتنا الخليجية.

 

هذا العامل الجديد هو تلوث البيئة ومكوناتها الحية وغير الحية بآلاف الملوثات الكيميائية التي دخلت وتغلغلت في كل شبرٍ من عناصر بيئتنا، سواء أكانت الهواء الجوي، أو المسطحات المائية والأنهار الجوفية، أو التربة، والمظاهر التي تنجم عن هذا التلوث ووجود الملوثات والتي نراها أمامنا واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ولا تخفى على أي إنسان، مثل الضباب الضوئي الكيميائي القاتل الذي يُغير لون الهواء الجوي الجميل إلى اللون البني الأصفر، أو المد الأخضر والأحمر الذي يُعكر صفاء ونقاوة لون البحار والبحيرات، أو ارتفاع درجة حرارة الأرض والتغير المناخي والاحتباس الحراري. 

 

فكل هذه الملوثات التي ضربت أطنابها عميقة في بيئتنا، والمظاهر الخطرة والمرئية التي تنكشف بسبب وجودها، تؤثر بشكلٍ مباشر أو غير مباشر علينا وتُهدد أمننا الصحي، وتصيبنا بالأمراض المستعصية المزمنة كأمراض الجهاز التنفسي، والقلب، والسرطان، ومرض السكري ليس ببعيدٍ منها.

 

فعلى سبيل المثال لا الحصر، ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة كوكبنا والتي تنكشف بسبب ارتفاع تركيز بعض الملوثات في الهواء الجوي، مثل ثاني أكسيد الكربون، وغاز الميثان، وأكاسيد النيتروجين الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري في السيارات، والطائرات، ومحطات توليد الكهرباء، والمصانع، تؤدي إلى ازدياد احتمال الإصابة بمرض السكري.

 

وقد أكدت الدراسات أن هناك علاقة قوية بين السكري، وبالتحديد السكري من النوع الثاني والتغير المناخي، فقد نَشر الاتحاد الدولي للسكري تقريراً يُعد هو الأول من نوعه في يونيو 2012 تحت عنوان: "السكري والتغير المناخي"، حيث قام فريق من الخبراء المختصين في العلوم الصحية والبيئية بتحليلِ الأبحاث والدراسات المتعلقة بهذه القضية وأشاروا إلى أن التغير المناخي يؤدي إلى ارتفاع احتمال التعرض لمرض السكري.

 

وعزا هؤلاء العلماء السبب في وجود العلاقة بين التغير المناخي والسكري إلى أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يزيد من فقدان الجسم للماء فيؤدي إلى تفاقم الحالة الصحية للإنسان، وبخاصة المصابون بمرض السكري وانتكاس حالتهم المرضية.

 

ومن جانبٍ آخر أكدت الدراسات أن هناك علاقةً قوية بين التعرض لفترة طويلة للملوثات وارتفاع احتمال الإصابة بالسكري. فهناك دراسة نُشرت في مجلة شؤون صحة البيئة الأمريكية في يناير 2014، وتبين أن التلوث، وبالتحديد الدخان أو الجسيمات الدقيقة يصيب الإنسان بحالةٍ تُعرف بمقاومة الإنسلين(Insulin resistance)، وهي فشل خلايا الجسم في التجاوب مع وظيفة هرمون الإنسلين، فالجسم يُنتج الإنسلين ولكن بعض الخلايا لوجود خللٍ في أحد أجزائه ومكوناته يقَاوم الإنسلين ويمنع القيام بوظيفته الطبيعية، وهي تنظيم نقل الجلوكوز من مجري الدم إلى داخل الخلايا لتزويدها بالطاقة اللازمة للإنسان، وتَكُون النتيجة هي ارتفاع الجلوكوز في الدم، مما يسبب مشكلات صحية متعددة، منها مرض السكري من النوع الثاني.

 

ودراسة ثانية نشرت في يوليو 2013 في مجلة شؤون صحة البيئة تحت عنوان:" مخاطر الإصابة بالسكري عند التعرض المستمر للجسيمات الدقيقة في مدينة أونتاريو الكندية"، وأُجريت على نحو نصف مليون إنسان، حيث أكدت أن التعرض لسنواتٍ طويلة للجسيمات الدقيقة يزيد من الوقوع في حالة مقاومة الإنسلين، وبالتالي الإصابة بالسكري. كذلك نُشرت دراسة في يوليو 2013 في المجلة نفسها تحت عنوان: "تقييم العلاقة بين الملوثات العضوية الثابتة والمستقرة ومرض السكري"، حيث قامت بتقييم وتحليل الدراسات الوبائية السابقة المتعلقة بالموضوع، وعددها 72، وتَبَين أن هناك علاقة بين بعض الملوثات العضوية الثابتة التي تحتوي على عنصر الكلور والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

 

والخلاصة أن هناك عاملاً جديداً دخل الآن مع العوامل التقليدية الأخرى التي تُعرضنا للوقوع في فخ مرض السكري وهو التلوث، وسيكون مع الوقت هو العامل الرئيس للإصابة للسكري، فاجتنبوه وابتعدوا عنه، وحاربوه أينما وُجد.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق