الخميس، 21 أبريل 2016

15 مليون زائر بحلول 2018، فماذا أَعْددنا لهم؟



استغرق مني وقتاً طويلاً وأنا أُفكر في التصريحات التي خرجت على لسان المسؤولين على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقد في 19 من الشهر الجاري والخاص بإطلاق وزارة الصناعة والتجارة بالتعاون مع مجلس التنمية الاقتصادي للهوية السياحية الجديدة لمملكة البحرين، وبالتحديد التصريح المتعلق بزيادة أعداد زوار المملكة من 11 مليون زائر لتصل إلى 15 مليون بحلول عام 2018.

فهذا العدد المهول من الزوار القادمين والمقيميين بالنسبة لمساحة جزيرة البحرين الصغيرة والضيقة التي لا تتجاوز 595 كيلومتراً مربعاً، وفعلياً كل الحركة والنشاط يكون في نصف هذه المساحة المتاحة، فكيف سيتحرك هذا العدد الهائل من البشر في هذه المساحة البسيطة؟

وكيف ستكون الحركة المرورية مستقبلاً لهذه الأعداد الضخمة من البشر ولسياراتهم في شوارع البحرين الضيقة مساحة وعدداً، والتي تعاني حالياً من أزمة مرورية خانقة وشديدة، تحولت إلى مشكلة اقتصادية، واجتماعية، وبيئية، وصحية؟

ومن جانبٍ آخر من أين سنوفر المياه للشرب والاستحمام وغيرهما من الاستخدامات اليومية لهذا المد البشري الذي من المتوقع أن يزور البحرين، إضافة إلى كيفية مد هذا التيار العَرَمْرم من الزوار للطاقة الكهربائية، وخاصة أننا نعاني الآن من الكلفة العالية لتحلية المياه وإنتاج الكهرباء، ونواجه صعوبات في توفير المياه والكهرباء للسكان الحاليين في جزيرتنا؟

كذلك كيف سنعالج وندير الأحجام الهائلة والكبيرة من القمامة والمخلفات الصلبة ومياه المجاري التي ستنجم من الـ15 مليون إنسان الذين سيزورون جزيرتنا المحدودة، وخاصة أننا نقاسي اليوم من عدم قدرة محطة معالجة مياه المجاري ومدفن القمامة المنزلية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من السكان الذين يعيشون حالياً معنا؟

وعلاوة على ذلك كله، هل فكرنا كيف وأين سيقضى هؤلاء الزوار أوقاتهم أثناء وجودهم في هذه الجزيرة الصغيرة المحدودة المعالم والمرافق السياحية الترفيهية؟ وخاصة أن جميع التصريحات التي جاءت من المسؤولين ركزت فقط على إنشاء الفنادق، وكأن هذا كل ما يحتاج إليه الزائر ويجعله يشد الرحال إلى البحرين!

ولذلك لكي ننجح في أهدافنا التي ترمي إلى زيادة المد السياحي، وننجع في استدامة جذب السياح إلى البحرين، فإن علينا أن نجعل الخدمات الضرورية التي يحتاج إليها كل زائر تواكب وتصاحب هذه العدد المتوقع من الزوار، وأن يكون إنشاء المرافق الخدمية يمشي جنباً إلى جنب مع زيادة أعداد الزوار. وفي هذا الصدد لا بد أولاً ومن الآن من تخصيص الموارد المالية اللازمة لتغطية كلفة إنشاء البنية التحتية الإضافية لاستيعاب الـ15 مليون القادمين مستقبلاً، وتتمثل في الأعمال الإنشائية والخدمية التالية:
·      إنشاء محطات جديدة وتوسعة المحطات الحالية الخاصة بمعالجة مياه المجاري.
·      إنشاء مصانع لتدوير المخلفات المنزلية، وتوسعة قدرة المدفن الحالي لاستقبال أحجام أكبر من المخلفات.
·      بناء طرق جديدة وتوسعة الطرق الموجودة حالياً.
·      إنشاء محطات جديدة وحديثة لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه.
·      إنشاء متنزهات ومرافق ترفيهية عائلية خدمة للزوار القادمين.
·      إنشاء مرافق صحية تستوعب المد السياحي القادم.

وخلاصة القول فإننا يجب أن نكون واقعيين في خططنا وتوقعاتنا المستقبلية، ونُدرك جيداً قُدرة وإمكانيات جزيرتنا الصغيرة من حيث المساحة وشُح الموارد والثروات الطبيعية، ونعمل على تحقيق التوازن الدقيق بين الطاقة الاستيعابية لجزيرتنا ومواردها المحدودة وأعداد الزوار الذين نخطط لقدومهم إلينا، حتى تتحول برامجنا التنموية إلى نعمة وسعادة للجميع وليس نقمة وندامة وشقاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق