الاثنين، 18 أبريل 2016

بكتيريا تأكل البلاستيك


تبدأ مشكلة المنتجات البلاستيكية التي لا يستغني أي إنسان عن استخدامها بشكلٍ يومي في كل أنحاء العالم بعد الانتهاء من استعمالها وذهاب عمرها الافتراضي وانتقالها إلى سلات المهملات وحاويات المخلفات الصلبة أو مع مياه المجاري.

 

فهذه المنتجات والمواد البلاستيكية التي لا تتحلل في البيئة، تتحول بعد سنوات إلى مخلفات دائمة خالدة في عناصر بيئتنا، فبعضها نجده يطير في الهواء فيتعلق في أغصان الأشجار ويزين أوراقها كالأكياس البلاستيكية الرقيقة، وبعضها يطفو فوق سطح بحارنا ويسرح ويمرح مع تيارات المياه والرياح فينتقل من منطقة إلى أخرى ويعبر الحدود الجغرافية الإقليمية بين الدول دون تأشيرة دخول أو مستندات السفر، فيُكوِّنُ مع الوقت، كما هو الحال الآن في المحيط الهادئ، مساحة ضخمة من المخلفات البلاستيكية بمختلف الأحجام والأشكال والأنواع والتي تَدُور في حلقةٍ مغلقة، ودائرة واسعة كبيرة لا فِرار منها، وكأنها أصبحت اليوم في سجنٍ عظيمٍ لا يمكنها الهروب منه، أو الخروج من محبسه. 

 

ومع مرور الزمن وتأثر هذه المخلفات الطافية فوق سطح البحار والمحيطات بالظروف المناخية من الحرارة المرتفعة وأشعة الشمس الضاربة، إضافة إلى التيارات البحرية القوية والهائجة، فإن البعض منها يتكسر ويتفتت إلى قطعٍ أصغر فأصغر، حتى يتحول إلى جسيماتٍ وكراتٍ بلاستيكية متناهية في الصغر، فإما أن يترسب في أعماق البحار ويتراكم في التربة فتلتهمها الكائنات البحرية القاعية، وإما أن تأكلها مباشرة الطيور المائية أو الأسماك والسلاحف البحرية فيؤدي إلى تسممها وموتها مع الوقت. وفي المقابل فإن دخول هذه المخلفات البلاستيكية المجهرية الدقيقة في بطن الأسماك والكائنات البحرية الأخرى التي يستهلكها الإنسان، تؤدي إلى تراكمها في أجسامنا دون أن نعلم بوجودها، فتعرضنا للأمراض المزمنة المستعصية على العلاج والشفاء.

 

ولذلك تحولت المخلفات البلاستيكية غير القابلة للتحلل الطبيعي إلى قضيةٍ كبرى تؤرق بال العلماء والباحثين ورجال الصناعة والسياسة، وتحفزهم على وجود مخرجٍ سريعٍ ومستدام لهذه المشكلة الدولية التي عَمَّتْ الكرة الأرضية برمتها، من مشرقها إلى مغربها.

   

فقد استطاع العلماء في اليابان اكتشاف صنفٍ من البكتيريا(Ideonella sakaiensis) تأكل وتتغذى على أحد أنواع المخلفات البلاستيكية الذي يدخل في صناعة الملايين من المواد الاستهلاكية اليومية، وهو "بولي إيثيلين تراثاليت"( Polyethylene terephthalate)، أي أن هذه البكتيريا تقوم بتحليل هذه المخلفات البلاستيكية إلى مواد لا تضر بالبيئة أو بالإنسان، وبالتالي تحمي عناصر بيئتنا من شرور وأضرار تراكم هذا النوع من المخلفات البلاستيكية في بيئتنا وفي أجسامنا، وقد نُشر هذا الاكتشاف العلمي الفريد من نوعه في مجلة "العِلم" المرموقة في العدد الصادر في 11 مارس من العام الجاري.

 

ونحن الآن ننتظر اكتشافات جديدة لأنواع أخرى من البكتيريا تعيش على الأصناف المتبقية من المخلفات البلاستيكية التي ملأت البر والبحر والجو. 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق