الأحد، 10 أبريل 2016

حادثتان لمصر للطيران، فما الفرق بينهما؟


فجأةً أَوقفتْ وسائل الإعلام المرئية بثها اليومي المعتاد يوم الثلاثاء 29 مارس، وتحولت إلى البث المباشر الفوري، ونقلت خبراً عاجلاً لا يحتمل التأخير أو التأجيل، ووجهت كل عدساتها ومراسليها نحو هذا الحَدثْ الجلل، وفي الوقت نفسه تغيرت بوصلة وسائل التواصل الاجتماعي لنقل تفاصيل هذا الخبر لحظة بلحظة، ودقيقة بدقيقة لاطلاع المتابعين على مجريات وآخر تطورات الحادثة. وفي اليوم التالي كل صحف العالم بدون استثناء نشرت الخبر وبدقائقه المملة، وبعضها أعطى الأولوية للنشر والاهتمام لهذا الخبر، وجعله على صدر صفحاتها الأولى.

 

وهذا الحدَثْ كان اختطاف طائرة مصر للطيران من نوع أير باس 320 عندما كانت في رحلة داخلية من الإسكندرية إلى القاهرة، فتم تغيير مسارها وتوجيهها إلى مطار قبرص.

 

ويأتي هذا الاهتمام الدولي بأخبار اختطاف الطائرات بشكلٍ عام لتعرض حياة المئات من البشر للخطر، والتهديد بالموت الجماعي، إضافة إلى العنف والإثارة التي تصاحب مثل هذه العمليات، فتصبح كالأفلام السينمائية البوليسية التي يتابعها الجمهور بكل شغف واهتمام لحظة بلحظة حتى يصل إلى نهاية القصة، فإما نهاية سعيدة ومفرحة، وإما نهاية مأساوية وحزينة.

 

وفي المقابل إنني على يقين بأنكم لم تسمعوا، أو تقرؤوا عن طائرةٍ ثانية لمصر للطيران أيضاً، وتعرضت للخطر الشديد واحتمال وقوع كارثة بشرية مروعة، كاد أن يموت فيها كل الركاب الذين كانوا على متنها وعددهم ثمانين راكباً، وكانت هذه الحادثة، ومن قبيل الصدفة، في شهر مارس، وبالتحديد في 13 مارس!

 

فهذه الطائرة الثانية كانت قادمة من القاهرة وإلى طريقها إلى لندن، وقبيل الهبوط في مطار هيثرو واجهت الطائرة ما يُهدد سلامتها وأمن كل من عليها من المسافرين، حيث اصطدمت بسربٍ جماعي من الطيور التي كانت تحلق أمام مسيرة الطائرة، ولكن نتيجة للُطف الله رب العالمين بهؤلاء الركاب، هبطت مصر للطيران بأمن وسلام في المطار.

 

وبعد هبوطها شاهدتُ صوراً نشرتها القلة القليلة من وسائل الإعلام الغربية، ولم تنشرها، حسب علمي، أية صحيفة عربية، أو تنقلها أية محطة تلفزيونية أو إذاعية، أو حتى وسائل التواصل الجماعي، فقد رأيتُ دمار الجزء الأمامي للطائرة، أو ما يُطلق عليه بمقدمة وأنف الطائرة، حيث إنها تهشمت كلياً، وظهر عليها آثار دماء الطيور التي لَقَتْ نحبها وكادت أن تودي بحياة المئات من البشر في ثانية واحدة فقط.

 

فهذه الكارثة التي كادت أن تَقَعْ، تُنبهنا إلى قضيةٍ هامة جداً تُعاني منها جميع مطارات العالم، وهي قضية متشعبة ومتعددة الجوانب والأبعاد، فهي من جانب تعد قضية أمنية متعلقة بسلامة حركة الطيران وأمن الإنسان، وفي المقابل فإن هذه القضية لها علاقة مباشرة بالحياة الفطرية وحمايتها والحفاظ عليها، وبخاصة الطيور المحلية والمهاجرة.

 

فالمدخل الذي نحتاج لتبنية وتنفيذه لحماية الإنسان وحركة الطيران دون التفريط في حماية الطيور، يتمثل في الوصول إلى التوازن الدقيق والتوفيق بين الاثنين، بحيث تكون الأولوية لأمن وسلامة الطيران والإنسان.

 

وقد واجهتُ هذه المعضلة الشائكة عندما بدأتُ بتطوير محمية دوحة عراد البحرية بالقرب من مطار البحرين وقُمنا بتنمية وزراعة أشجار القرم في منطقة المَدْ والجَزْر الساحلية، والتي تكون عادة منطقة جذب واستقرار وتكاثر للطيور المائية المستوطنة والمهاجرة،فكانت المشكلة تكمن في حماية غابات أشجار القرم في المحمية وفي مساحات محددة بحيث إنها في الوقت نفسه لا تؤدي إلى حركةٍ كثيفة وكبيرة للطيور في منطقة المطار فتؤثر على سلامة وأمن حركة الطيران، وبالتالي قُمنا بالتوفيق بين حماية الإنسان وحماية الحياة الفطرية في آنٍ واحد.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق