الاثنين، 20 يونيو 2016

الغش والتحايل من ثقافة الشركات الكبرى


قبل أشهر كانت أضواء فضيحة الغش والتحايل مُسلطة ومُركزة دولياً على شركة فولكس واجن الألمانية لصناعة السيارات، والتي كانت وباعترافها تُقدم أرقاماً خاطئة ومضللة عمداً للحكومات والشركات والمنظمات الدولية حول نسبة الانبعاثات والملوثات التي تنطلق من سياراتها التي تعمل بوقود الديزل، وذلك من أجل إقناع الناس وترغيبهم إلى شراء سيارات الفولكس واجن الصديقة للبيئة، والتي لا تلوث الهواء الجوي ولا تضر بصحة الإنسان.

 

وما أن خَفَّتْ هذه الأضواء الإعلامية وتضاءلت قليلاً عن هذه الفضيحة الكبرى، وإذا بِنا نقف أمام فضيحة جديدة، ولكن هذه المرة ليست في الغرب وإنما في دول المشرق، وفي أحد أكبر الشركات اليابانية المصنعة للسيارات، وبالتحديد شركة ميتسوبشي للسيارات.

 

ففي العشرين من أبريل من العام الجاري اعترفت هذه الشركة العملاقة على لسان رئيسها التنفيذي بأنها تَعَمَّدتْ التلاعب في الاختبار والفحص الخاص بترشيد وفاعلية استهلاك الوقود في أربعة أنواعٍ من السيارات الصغيرة التي ينتجونها، وبلغ عددها أكثر من 625 ألف، حيث قامت بالمبالغة الشديدة والتضليل في حجم الوقود الذي تستهلكه هذه السيارات منذ عام 2013، واضطرت الشركة بعد انكشاف سِرها وهي ذليلة وصاغرة أمام الملأ قائلة: "قُمنا بإجراء فحوصات مضللة لتعطي نتائج إيجابية وجيدة تختلف عن الاستهلاك الحقيقي والواقعي للوقود في السيارة، واستخدمنا طرق لا تتوافق مع القوانين....وبالتالي نحن نُعبر عن أسفنا العميق".  

 

والغريب أن هذه الشركة لم تتعلم من تجاربها السابقة وخبراتها الماضية، فهي تُلدغ الآن للمرة الثانية من الجُحر نفسه، حيث إنها في مطلع عام 2000 تم فضحها في كارثة أخلاقية أخرى وقعت فيها، عندما اعترفتْ بأنها ولأكثر من عقدين من الزمن كانت تخفي عمداً العيوب والأخطاء الكبيرة الموجودة في السيارات التي تصنعها وتبيعها على الناس، مما أدى إلى اعتقال الرئيس التنفيذي، وكادت الشركة أن تتهاوى وتسقط كلياً.

 

فهل هذه الفضائح الأخلاقية والبيئية التي ترتكبها الشركات الكبرى في حق الإنسانية هي حوادث فردية تقع بين الحين والآخر، أما أن الغش والتضليل وتبني سياسة "الغاية تبرر الوسيلة" تُعتبر في صُلب ثقافة الشركات العملاقة ومتجذرة في أعماق مؤسساتها وممارسات مديريها التنفيذيين؟

 

التاريخ، والحوادث الكثيرة المتكررة التي عاصرتها شخصياً، تؤكد لي بأن الشركات الكبرى لا ترقُبُ في أحدٍ إلاً ولا ذمة، فهي تقوم على الربح السريع وجني المال الوفير على حساب المبادئ والقيم والأخلاقيات الإنسانية، فاحذروا دائماً من ادعاءاتها، وتَبَيَّنُوا بأنفسكم من مصداقيتها.

  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق