الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

هل المَارِيوَانا(الحشيش) سيُحدد الرئيس الأمريكي القادم؟


المـُرَشح للرئاسة في أمريكا يحاول بكل طريقة ووسيلة موجودة أمامه ومتاحة لديه أن يُرضي الناخب الأمريكي، سواء أكان هذا الناخب مواطناً عادياً، أم صاحب شركة أو مصنع له نفوذ وقوة وسلطة ومال، أو رئيس جمعية أهلية ومنظمة غير حكومية معنية بإحدى قضايا الوطن، ولذلك فإن برنامجه الانتخابي يصب في صيد أصوات الناس من خلال وضع سياسات وبرامج تتقاطع مع رغباتهم وأهوائهم واحتياجاتهم، مهما كانت هذه الرغبات، سواء أكانت مُنافية للأخلاق والمُثل العليا، أو تتعارض مع المبادئ والقواعد الرئيسة للدولة.

 

ومن هذا المنطلق فأنا أَزْعم بأن المــُرَشَحين الباقيين والموجودين حالياً في ساحة الانتخابات الرئاسية، وهما المرشح عن الحزب الديمقراطي هيليري كلينتون ودونالد ترامب المرشح عن الحزب الجمهوري سيسعيان في هذه المرحلة الأخيرة من سباق الماراثون الرئاسي إلى إرضاء الناخب الأمريكي والتعرف على أهوائه واحتياجاته واهتماماته، ومن هذه الاهتمامات والأهواء هو السماح له بتعاطي المخَدر الشعبي المعروف بالمارِيوَانا، أو الحشيش، أو الكَانَابيس(Cannabis)، أو غير ذلك من الأسماء الأخرى التي تُطلق عليه، وقد تختلف من ولاية أمريكية إلى أخرى، أو من بلدٍ إلى آخر.

 

وزَعْمي هذا يعتمد على عدة معطيات موثقة، ويستند إلى الكثير من الحقائق الواقعية وآخر الإحصائيات المنشورة في هذا المجال، كما يلي:

أولاً: بناءً على استطلاعات الرأي المنشورة العام الجاري،58% من الشعب الأمريكي يوافق على السماح لاستخدام الحشيش أو الماريوانا، مما يعني أن أي مرشح للرئاسة سيعمل جاهداً على حصد أصوات هذه النسبة المرتفعة نسبياً من الشعب الأمريكي، وسيدَّعي بأنه سيعمل مع السماح لاستخدام الحشيش.

ثانياً: حسب الدراسة التي نشرتها جامعة ميتشيجن في سبتمبر من العام الجاري حول استخدام الحشيش في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أشارت إلى أن نحو 6% من طلبة الجامعات استخدموا الحشيش بشكلٍ يومي في عام 2014، كما أكدت دراسة منشورة في أغسطس من عام 2015 في مجلة "قضايا المخدرات" إلى أن عدد متعاطي أو مستخدمي الحشيش ارتفع من11% عام 1972 إلى 49% اليوم، أي أن أكثر من33 مليون أمريكي يتعاطون هذا المخدر مقارنة بـ 40 مليون من المدخنين. وفي دراسة أخرى منشورة في مجلة اللانست للأمراض النفسية(Lancet Psychiatry) في 25 أغسطس من العام الجاري والتي قامت باستطلاع آراء الناس في الفترة من 2002 إلى 2014،أكدت فيها ارتفاع متعاطي الماريوانا في الولايات المتحدة الأمريكية وازدياده من 10.4% إلى 13.3%. فالدراسات كلها تشير إلى الزيادة المطردة في أعداد المتعاطين لهذا المخدر مع الوقت، وهذا العدد يعتبر عالياً وسيجعل لعاب كل مرشح للرئاسة يسيل لإرضائهم وكسب أصواتهم من خلال دعم أي تشريعٍ أو نظامٍ يهدف إلى السماح بشكلٍ أوسع لاستعمال الحشيش.

ثالثاً: هناك توجه متصاعد لتغيير سياسات أمريكا ودول العالم الأخرى في التعامل مع الحشيش وتصنيفه ضمن قائمة وجدول المواد المحظورة، فقد تحول مع الزمن من سياسة الحظر التام والمنع والتجريم لكل من يزرعه أو يبيعه أو يستخدمه، إلى سياسة السماح لاستخدامه لأغراض طبية، ثم استخدامه لأغراض شخصية للترفيه والترويح عن النفس. وقد بدأ هذا التوجه أولاً في ولاية كاليفورنيا في عام 1996 عندما سمحت بالاستخدامات الطبية، حتى وصل العدد الآن إلى 24 ولاية، وفي نوفمبر من العام الجاري ستَطْرح تسع ولاية استخدام الحشيش للاستفتاء الشعبي. أما ولاية كولورادوا فهي أول ولاية سمحت ببيعه واستخدامه لأغراض وأهداف الترويح عن النفس والتسلية، ثم تلتها ولاية واشنطن، وألاسكا، وأوريجن، والعاصمة واشنطن أو مقاطعة كولومبيا، حتى أن بعض الولايات تُوفر صرافات آلية للحشيش في شوارع مدنها. وعلاوة على هذا فقد أعلنت 15 ولاية بأن استخدام وحيازة الماريوانا لا يُعد الآن جريمة يعاقب عليها القانون.

رابعاً: وفي المقابل هناك لوبي الحشيش أو جماعات الضغط التي تعيش على زراعة الحشيش، وبيعه، وترويجه وتسويقه، وتكسب أرباحاً خيالية من وراء هذا المخدر، فبيع الحشيش بشكلٍ رسمي وعلني في ارتفاع مستمر حيث بلغ قرابة 5.4 بليون دولار عام 2015، وفي ولاية كولورادوا وحدها وحسب صحيفة الواشنطن تايمس في 30سبتمبر من العام الجاري فمن المتوقع أن تكون مبيعات الماريوانا رسمياً منذ يوليو وحتى نوفمبر أكثر من بليون دولار.

خامساً: أما على المستوى الدولي فقد بدأت بعض الدول بإرخاء الحزام عن استخدام الحشيش، فهناك دول سمحت بتعاطيه وبيعه مثل هولندا التي بها مقاهي رسمية للماريوانا، وأوروجواي، وإسبانيا، وهناك دول سمحت بتعاطيه لأسباب طبية مثل أستراليا وجامايكا وكولومبياوبورتوريكو.

 

فهذه الحقائق التي ذكَرتُها تكفي لكي تقنع كل مرشح رئاسي في أمريكا للدفاع عن استخدام الماريوانا على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد اقتنعتْ هيليري كلينتون بالفعل بهذه الوقائع فدَعَتْ الحكومة الفيدرالية في السابع من نوفمبر 2015 في أحد لقاءاتها الجماهيرية إلى رفع القيود، أو تخفيفها عن الحشيش، وإعادة تصنيفه من الجدول الأول الذي يشمل الهيروين إلى الجدول الثاني، كما قالت بأنها تقف مع السماح لاستخدامه لأغراض طبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق