السبت، 22 أكتوبر 2016

قرار مجلس الوزراء حول الخطة الوطنية للصحة


أقر مجلس الوزراء في الاجتماع الذي عقد في 17 أكتوبر من العام الجاري الخطة الوطنية للصحة للفترة (2016-2025)، ومن المفيد جداً من أجل وضوح الرؤية أن تكون للوزارات خطط متكاملة وشاملة تسير على هديها، فتُنير لها الطريق، وتمشي على الدرْب بخطى واثقة وسليمة، فتنْصُب جهود كافة العاملين بشكلٍ جماعي على تنفيذه والعمل به.

 

وهذه الخطة في الأساس منبثقة عن الوثائق التي تنشرها وزارة الصحة وتعد امتداداً لها، مثل الكتاب المنشور عام 2012 تحت عنوان: "أجندة مملكة البحرين الصحية: إستراتيجية تحسين الصحة للفترة من 2011 إلى 2014"، ثم إستراتيجية تحسين الصحة للفترة من 2015 إلى 2018.

 

وأتمنى بعد إطلاعي على هذه الوثائق أن يكون هناك تركيز خاص على أسباب وقوع الأمراض في مملكة البحرين، وأن تعطي هذه الخطط اهتماماً بارزاً لمصادر الأمراض الرئيسة التي نعاني منها في البحرين، ثم تَنْصب الخطط والبرامج على وضع الإجراءات العملية والخطوات التنفيذية للوقاية منها وحماية أنفسنا من شر الوقوع في شباكها.

 

ومن المصادر الرئيسة غير التقليدية للأمراض في كل دول العالم بدون استثناء، والتي أَجمعتْ عليها الدراسات العلمية الطبية وأعتمدتها منظمات الأمم المتحدة المعنية بالصحة العامة، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، هي التلوث بأنواعه الثلاثة وهي تلوث الهواء والماء والتربة، سواء أكان تلوثاً كيماوياً، أو حيوياً، أو طبيعياً. فقد أكدت الأبحاث الآن أن الملوثات اخترقت بعمق كل بيئتنا، بل وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من كل مكونات البيئة وعناصرها الحية وغير الحية، فلم يبق على ظهر الأرض بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا ودخله التلوث، حتى أن هذا التلوث دخل في منازلنا وفي عقر دارنا، فهو موجود بين أيدينا، ومن أمامنا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ولا نتمكن من الهروب من أضراره وتداعياته المهلكة حتى ولو كُنا في بروجٍ مشيدة في أعالي السماء، أو تحت البحر وفي أعماقه السحيقة المظلمة.

 

فالطامة الكبرى أن هذا التلوث لم يضرب عناصر البيئة فحسب ويفسد صحتها وهويتها، وإنما أنزل هذا الوباء العصري الأمراض المزمنة على ملايين البشر، فكل الأمراض السارية غير المعدية التي تصيبنا كأمراض القلب، والسرطان، والسكري، والجهاز التنفسي، يُسهم التلوث بشكلٍ مباشر في وقوعها علينا. وعلاوة على ذلك فإن التلوث يسهم في الإصابة بالأمراض المعدية، إذا لم نهتم وندير القضايا اليومية بأسلوبٍ بيئي وصحي سليمين، مثل معالجة مياه المجاري، ومياه المسالخ، والتخلص السليم من القمامة المنزلية.

 

ودعوني أُلخص لكم الإحصاءات الموثقة التي تمخضت عن الدراسات والأبحاث الطبية، إضافة إلى التقارير الدورية التي تصدرها منظمة الصحة العالمية بشكلٍ مستمر حول أضرار تلوث الهواء بالتحديد، فقد أكدت هذه الوثائق أن نحو ستة ملايين إنسان يَلْقون حتفهم سنوياً وهم في ريعان شبابهم، فيُنقلون إلى مثواهم الأخير بسبب تلوث الهواء، وعدد هؤلاء الضحايا سيتضاعف بحلول عام 2050 إذا لم تتحرك دول العالم لمواجهة التلوث وكبح جماحه، وفي المملكة المتحدة فقط بلغ عدد الذين يسقطون صرعى نتيجة للتعرض لتلوث الهواء قرابة 40 ألف سنوياً، منهم 9500 الذين يعيشون في العاصمة لندن. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تُقدر ضحايا تلوث الهواء بنحو 55 ألف أمريكي، وفي ألمانيا زهاء 35 ألف، وفي اليابان قرابة 25 ألف.

 

ولذلك من الجلي الذي لا غبار عليه أن التلوث، وبخاصة تلوث الهواء يعتبر على المستوى الدولي مادة قاتلة للبشر، ويعد من أهم أسباب الموت المبكر للإنسان في كل دول العالم، مما يضطرنا إلى التركيز على الوقاية منه وحماية صحتنا من أضراره المزمنة في أية إستراتيجية أو خطة صحية نضعها في البحرين.

 

ومن أهم مصادر تلوث الهواء التي يجد أن نعطيها رعاية خاصة في خططنا الصحية، ونركز جهودنا على مواجهتها هي السيارات، أو المصانع المتحركة والتي هي في زيادة طفرية مطردة لن تتحمل بيئتنا تداعياتها في المستقبل المنظور، ثم تأتي بعض المصانع في المرتبة الثانية من حيث انعكاساتها على أمننا الصحي، إضافة إلى مصادر أخرى محدودة ويمكن السيطرة عليها.

 

والآن هل سأجد موقعاً متقدماً للتلوث في استراتيجيات وخطط وزارة الصحة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق