السبت، 15 أكتوبر 2016

صحيفة الواشنطن بوست تتفق مَعي




نشرتُ مقالاً في أخبار الخليج في 13 أكتوبر تحت عنوان:"قضية محورية في معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية"، وأَقصد بهذه القضية السماح لاستخدام الماريوانا أو الحشيش في الولايات المتحدة الأمريكية، وقيام مرشحي الرئاسة بالحرص على تبني هذه القضية المتزايدة في شعبيتها على مستوى جميع الولايات الأمريكية والعمل على الدفاع عن حرية استخدامها، وفي اليوم نفسه نَشَرتْ صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية مقالاً يتقاطع ويتفق مع ما أكدتُ عليه في مقالي وعنوانه:"دَعْم السماح لاستعمال الماريوانا يَبْلغ مستويات مرتفعة مع انتخابات نوفمبر".

 

فقد أكد مقال الواشنطن بوست على ارتفاع أعداد الأمريكيين الذين يوافقون على السماح لاستخدام الماريوانا على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد جاء هذا التأكيد استناداً على استطلاعٍ للرأي قام به مركز أبحاث بو (Pew Research Center) في نهاية أغسطس من العام الجاري، ونُشر تفاصيله في 12 أكتوبر، حيث أشار الاستطلاع إلى أن 57% من المواطنين الأمريكيين الذين استطلعت آراؤهم وافقوا على السماح باستخدام الماريوانا، وهذه تعتبر أعلى نسبة تُسجلها مراكز الأبحاث والمؤسسات المختصة باستطلاع آراء المواطنين حول القضايا التي تهم الإنسان الأمريكي. كما أفاد الاستطلاع نفسه أن نسبة الأمريكيين الذي عارضوا السماح للماريوانا انخفض إلى أدنى مستوى حيث بلغ 37%.

 

ولو رَجعنا قليلاً إلى الوراء لتَفحص ودراسة التغير في أنماط وتوجهات آراء المواطن الأمريكي حول قضية الماريوانا، لوجدنا أن النمط العام عبر السنوات الماضية يؤكد على ارتفاع مَيْل الأمريكيين نحو السماح لاستخدام الماريوانا، وفي الوقت نفسه انخفاض نسبة المعارضين له. ففي عام 1969 كانت نسبة الموافقين 12% والمعارضين 84%، فارتفعت نسبة الموافقين إلى 30% عام 1980، في حين انخفضت نسبة المعارضين إلى66%، ثم إلى 44% في مارس 2015، واليوم بلغت مستويات متدنية جداً حيث وصلت إلى37%.

 

فحالة استخدام الماريوانا في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي دول العالم جمعاء، والتغير في استعماله مع الزمن لأغراض طبية أو أغراض ترفيهية والترويح عن النفس، يُرجع بذاكرتي إلى الوراء قليلاً حول وضع تدخين السجائر في الولايات المتحدة الأمريكية وفي دول العالم الأخرى منذ ولادته في الأسواق العالمية، والتغيرات التي طرأت على آراء الناس وتوجهاتهم وسلوكياتهم مع التدخين، وردة فعل شركات التبغ العملاقة متعددة الجنسيات وتَكَيفَهم مع هذه التغييرات، وإبداع منتجات شيطانية جديدة ترفع من أرباحهم وتعزز من إيراداتهم.

 

فهذا المدْ الجارف المتمثل في الازدياد المطرد في أعداد مستخدمي الماريوانا على مستوى ولايات أمريكا وعلى مستوى دول العالم الأخرى، جعلت لعاب شركات التبغ والسجائر الكبرى يسيل نحو الاستثمار في هذا المنتج الجديد القادم لا محالة، وقد أكدت صحيفة أمريكا اليوم(USA TODAY) الواسعة الانتشار على هذا التوجه القادم لشركات التبغ في المقال المنشور في 11 أبريل 2016 تحت عنوان: "هل شركات التبغ العملاقة ستصبح شركات الماريجوانا العملاقة؟".

 

وفي الواقع فإن شركات التبغ العملاقة مؤهلة للقيام بذلك، فلديها كافة الموارد للإنتاج والتسويق على المستوى الدولي، من مصانع متطورة، وآليات حديثة، وأدوات إعلامية ودعائية ضخمة ومتطورة، وخبرات عالية وطويلة في فنون التسويق، إضافة إلى النفوذ السياسي والمالي المتمثل في لوبي التبغ، أو جماعات الضغط في واشنطن، فشركات التبغ كالحيوان المفترس الذي يراقب فريسته عن بعد، ثم يقترب منها شيئاً فشيئاً وينتظر بفارغ الصبر حتى يحين الوقت المناسب وتأتي الفرصة السانحة فينقض على فريسته.


 


ولذلك لا تستغربوا في السنوات القليلة القادمة إذا قامت شركات التبغ بتسويق منتجٍ جديد بشكلٍ رسمي وعلني تحت مسمى بريء هو "سجائر الماريوانا"، ولا تستغربوا إذا نشر بعض العلماء المرتزقة أبحاثاً ودراسات تشير إلى فوائد هذا النوع من السجائر، وتدَّعي بأن أضراره أقل من سجائر التبغ التقليدية المعروفة.


 


وعلينا في البحرين الاستعداد لهذه التطورات الجديدة في عالم استخدام الماريوانا والحشيش، والعمل مع دول مجلس التعاون والدول العربية والإسلامية على قطع دابر هذه الحية القاتلة، والوقوف صفاً واحداً أمام أية تحركات دولية مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية لفك الحزام عن الماريوانا، أو تخفيف القيود الحالية المربوطة حوله.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق