الاثنين، 15 يناير 2018

ضفدعة غبية قد ذهبت ضحية


عندما كُنَّا صغاراً في المرحلة الابتدائية، حفظنا أنشودة طريفة ذات مَغازٍ ودلائل وفوائد جمة مازلت أتذكرها وأستفيد منها وأطبقها في حياتي اليومية العملية، فهي حتى اليوم محفورة في مخيلتي ومنقوشة في صدري، وهذه الأنشودة التي أتذكر الآن القليل منها هي:


ضفدعةٌ غبية  قد ذَهبتْ ضحية


فريسة لجهلها نعم وسوء عَقلها


 


فهذه الضفدعة الغبية الجاهلة قامت بأعمال أكبر من حجمها وقدراتها وإمكاناتها المحدودة والبسيطة دون علم، أو سلطان، أو تخطيط دقيق وموزون فدمرت نفسها ومن حولها ولم تحقق أي من أهدافها.


 


وقصة الضفدعة هذه تتكرر الآن في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتحديد مع امرأة تسكن في مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو.


 


فقد حاولت امرأة قتل حشرة معروفة ومزعجة تعض الإنسان فتمتص دمه كـ "الفامبير" بهدوءٍ شديد دون علمه أو حتى الإحساس بوجودها إلا بعد فترة قصيرة من الزمن عندما يشعر بالحكة والاحمرار الشديد في الجلد، وهي بقة السرير. فقامت هذه المرأة المرْعوبة والتي لا حيلة لديها في التخلص من هذه الحشرة والقضاء عليها برش الكحول على هذه الحشرة، والكحول مادة سائلة عضوية قابلة للاشتعال، فبدلاً من أن تقتل الحشرة وتتخلص من معاناتها منها، قضت على نفسها وأُسرتها وبيتها، فاشتعل الكحول وأوقد النار في العمارة كلها، وانتقلت ألسنة اللهب من غرفةٍ إلى أخرى. وكانت النتيجة النهائية لهذا التصرف الجاهل والساذج هي دخول ثلاثة أفراد إلى قسم الطوارئ في المستشفى وهم يعانون من مشكلات في التنفس لاستنشاقهم الدخان، إضافة إلى حرق العديد من الشقق المجاورة وإجلاء الناس من بيوتهم.


 


ووفقاً للجمعية الوطنية لإدارة الآفات فقد أكدت تقاريرها استفحال وانتشار بقة السرير في بيوت أمريكا، وارتفاع شكاوى الناس من هذه الحشرة الصغيرة المخيفة، ووقوفهم مكتوفي الأيدي عاجزين عن التحكم فيها والقضاء عليها، حتى بلغ بعضهم مرحلة اليأس والقُنوط، مما اضطر هذه المرأة وغيرها في حالات كثيرة مشابهة من استخدام أية وسيلة تقع بين أيديهم، واللجوء إلى أي علاج مهما كان للتخلص منها. فقد أكدت الدراسات الآن أن هذه الحشرة أصبحت الآن لها القدرة الذاتية على مقاومة المبيدات والسموم الموجودة في هذه المبيدات، بحيث إن كل أنواع المبيدات المستخدمة الآن لا تؤثر عليها كلياً، مما يؤدي إلى تكاثرها سريعاً بين الناس في منازلهم، وبخاصة في السرير والمفارش والكراسي القطنية.فعلى سبيل المثال هناك دراسة نُشرت في العاشر من أبريل 2017 في مجلة "اقتصاديات علم الحشرات" وقامت بتعريض مجموعة من بقة السرير لمبيدات حشرية معروفة لمدة أسبوع واحد، وجاءت نتائج الدراسة مؤكدة بأن بقة السرير تقاوم نوعين من أنواع المبيدات الحشرية الشائعة المستخدمة في هذه الحالات، وأفادت عن قدرتها على التغلب على هذه السموم ومقاومة تأثيراتها القاتلة.

 

فهذه الظاهرة التي نشهدها اليوم والمتعلقة بانتشار الحشرات في منازلنا وضعف حيلتنا في التخلص منها وعدم قدرتنا في التحكم فيها، تُلقي الضوء على عدة قضايا هامة نحتاج إلى مواجهتها ومعالجتها حتى لا نصبح كالضفدعة التي قتلت نفسها بسبب جهلها.

 

فالحشرات بشكلٍ عام تُعد جزءاً من السلسلة الغذائية في حياتنا، وعاملاً مهماً ضمن النظام البيئي العام، ومعظم الحشرات يعيش بيننا وبين ظهرانينا ومهما فعلنا فلن نتمكن من التخلص منها كلياً والقضاء عليها جذرياً، فوجودها بقدرٍ واتزان مطلوب وضروري لاستدامة حياتنا على وجه الأرض فرب العالمين لم يخلق أي كائنٍ عبثاً دون أن يكون له وظيفة أو دور أو إسهام بشكلٍ مباشر أو غير مباشر في حياتنا، ولكن المعادلة الصعبة التي يجب تحقيقها هي كيفية الحد من تكاثرها في منازلنا ومكاتبنا وأماكن معيشتنا حتى لا تسبب لنا الضيق والقلق والاشمئزاز، والأمراض في بعض الحالات.

 

فلذلك حتى لا نكون كالضفدعة الغبية، فنعالج المشكلة بمشكلةٍ أخرى أكبر وأخطر، أو أن نحل مشكلة فنخلق في الوقت نفسه لأنفسنا طامة كبرى، علينا أن نتبع الخطوات التالية في مجال التعامل مع الحشرات المنزلية بشكلٍ خاص:

أولاً: النظافة العامة المستمرة لكل مرافق المنزل، وبخاصة المطبخ وغرفة الطعام من أجل إزالة فضلات الأكل مباشرة وبشكلٍ فوري.

ثانياً: تهوية وتنظيف المفارش وغيرها من الأثاث بشكل دوري وتعريضها لأشعة الشمس كتعقيم طبيعي يقضي على الحشرات.

ثالثاً: الاستخدام الرشيد لمبيدات الحشرات، وعند الضرورة فقط، وإبعاد الأطفال عند رشها في المنزل.

رابعاً: لا تنسى بعد رجوعك من السفر أن تنظف حقائبك وملابسك وأحذيتك وتتأكد من خلوها من الحشرات، فقد أكدت الدراسات أن بعض الحشرات مثل بقة السرير تنتقل معك أثناء سفرك.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق