الأحد، 21 يناير 2018

ممارسة الرياضة في الشوارع، ما لها وما عليها


إذا راجعت أحد الأطباء وأنت تعاني من مرض السكري أو البدانة أو حتى عندما تكون في صحةٍ جيدة بشكلٍ عام، فإن الطبيب ينصحك فوراً إلى ممارسة رياضة المشي أو الجري أو ركوب الدراجة أو الاشتراك في أحد الأندية الرياضية كوسيلة للعلاج من هذين المرضين وأمراضٍ أخرى كثيرة والحفاظ على صحتك واستدامة عافيتك، فقد أثبت العلم الآن أن ممارسة الرياضة بشكلٍ عام تحسن وتطور من أداء الرئتين والقلب وأعضاء الجسم الأخرى، فهي الدواء الفاعل للعلاج، وهي الوسيلة المثلى للوقاية من الأمراض والأسقام والعلل، وهي الوصفة المجانية التي لا توجد لها أعراض جانبية.

 

ولكن السؤال المحير والمعقد الذي يطرح نفسه منذ عقود من الزمن ويحاول العلماء والباحثون الإجابة عنه هو هل نمارس الرياضة في الشوارع وفي البيئات الخارجية بشكلٍ عام، وبخاصة أن تلوث الهواء الضار بصحة الإنسان والمهلك لأعضاء الجسم في ازدياد مطرد، والمصادر التي تنبعث منها السموم لا تعد ولا تحصى وامتدت أياديها إلى كل بقعةٍ من بيئتنا؟

 

وهل الفوائد الصحية التي يجنيها الإنسان ويكتسبها من الرياضة في الخارج تفوق الأضرار والانعكاسات الصحية الناجمة عن استنشاق ملوثات الهواء الجوي السامة والمسرطنة، وبالتحديد تداعياتها السلبية على أداء ووظيفة الجهاز التنفسي والقلب؟

 

في الحقيقة فإن هذه المعادلة صعبة ومعقدة جداً، والإجابة عنها لن تكون سهلة وبسيطة، والباحثون منذ زمن ينشرون أبحاثهم لتقديم الإجابة الشافية والكافية لهذه المعادلة المتشابكة. وآخر بحثٍ ميداني حول هذا الشأن، ولن يكون حتماً البحث الأخير هو الدراسة المقارنة المنشورة في الخامس من ديسمبر من العام المنصرم في المجلة الطبية المرموقة "اللانست" حول أداء الجهاز التنفسي وأوعية القلب عند الممارسين لرياضة المشي في الشوارع والمناطق الملوثة مقارنة بهم أنفسهم عندما يمشون في الحدائق والبيئات منخفضة التلوث.

 

وسأقوم هنا في هذه العجالة تلخيص النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، إضافة إلى الدراسات المنشورة سابقاً حول هذه القضية، كما يلي:

أولاً: درجة الفوائد الصحية التي تنعكس على الإنسان عند ممارسة التمارين الرياضية بشكلٍ عام في البيئات الخارجية تعتمد على عدة عوامل منها نسبة الملوثات في تلك البيئة، وعُمر هذا الإنسان، ووضعه الصحي.

ثانياً: الإنسان الذي يعاني من أمراضٍ في القلب أو الجهاز التنفسي، من الأجدى والأكثر فائدة من الناحية الصحية أن يمارس الرياضة في بيئاتٍ غير ملوثة، كالحدائق البعيدة عن الشوارع المكتظة بالسيارات ومصادر التلوث عامة، أو الأندية الرياضية المغلقة.

 

أما أنا شخصياً فأدعوكم إلى ممارسة الرياضة ولو لدقائق معدودة يومياً في أي مكانٍ كنتم في الداخل أو الخارج، فالرياضة بالنسبة لي من المَهْد إلى اللحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق