الخميس، 25 أكتوبر 2018

سؤال إلى وزارتي الصحة والتجارة


سؤال أطرحه على وزارتي الصحة والتجارة والوزارات الأخرى المعنية، ويتلخص هذا السؤال في أنني لو أحضرتُ عينة من منتجٍ جديد من إحدى الدول الصناعية الكبرى، وعرضتُ هذا المنتج على المعنيين في هذه الوزارات للحصول على الترخيص اللازم لاستيراده إلى البحرين، وهذا المنتج مكتوب عليه بالخط العريض الواضح والفصيح الذي لا لبس فيه بأنه يضر بصحة الفرد والصحة العامة ويؤثر على هذا الجيل من البشر والأجيال اللاحقة مثل عبارة: " هذا المنتج يسبب لك الأمراض مثل مرض السرطان"، أو أن "هذا المنتج يؤدي بك إلى الموت المبكر"، فماذا سيكون رد الوزارات المعنية؟ وهل سيسمحون لي بإدخال هذا المنتج إلى البلاد؟

لا شك بأن مثل هذا الطلب سيكون مستغرباً جداً بل ومُستنكراً ومُداناً، لأنني أُقدم لهم وبكل صراحة وعلانية مُنتجاً مضراً للصحة على المستوى الفردي والجماعي وعلى مستوى هذا الجيل والأجيال اللاحقة،فهو يسبب السرطان ويؤذي الصحة العامة للمجتمع برمته، كما إنني متأكد بأن الجواب والرد من المعنيين سيكون حتماً بالرفض القاطع والمباشر والفوري دون أي تردد، وربما سيُلقون علي اللوم والعتاب الشديدين في جرأتي المفرطة في التقدم باستيراد وبصورة علنية لهذا المنتج القاتل للمواطنين، بل وسيشكك البعض في وطنيتي وحبي لبلادي وشعبه المعطاء.

وفي الوقت نفسه أود أن أُلفت انتباه هؤلاء المعنيين في الوزارات باستيراد المنتجات الجديدة والسماح لها بالدخول إلى البلاد، أنني رأيتُ مُنتجاً يباع في كل حيٍ من أحياء البحرين وفي كل "داعوس" من "دواعيس" البلاد، ومكتوب عليه ما يلي حسب البلد المصنع له مؤكداً بأن هذا المنتج "قاتل للأجيال البشرية".

"دخان التبغ يؤذي الجنين وقد يؤدي لنقص الوزن عند الولادة أو الولادة المبكرة".
"التدخين يسبب الوفاة المبكرة".
"التدخين يحرق أعضاء الجسد بأكثر من 25 مرضاً بما في ذلك السرطان والأمراض القلبية".

وعلاوة على هذه "التأكيدات" وليس "التحذيرات" من استخدام هذا المنتج وهو السجائر، فإن كبريات شركات السجائر الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وهي بالتحديد ألتريا ورينالد ولوريلارد وفيليب موريس قامت هي بيديها في ديسمبر 2017 ولمدة سنة واحدة بتمويل ودَعمِ نشر إعلانات في وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة تقول:"التدخين يقتل نحو 1200 أمريكي كل يوم، وفي كل سنة أعداد الأمريكيين الذين يموتون بسبب التدخين أعلى بكثير من الذين يموتون بسبب الجرائم، والايدز، والانتحار، والمخدرات، وحوادث السيارات، وشرب الخمر معاً"، كما يُضيف الإعلان قائلاً: “شركات السجائر صمَّمت عمداً سجائر تحتوي على نسب كافية من النيكوتين لتؤدي إلى الإدمان مع الوقت".

كذلك فإن هذا المنتج يُعد أكبر قاتلٍ للبشر حسب الإجماع الدولي الرسمي ممثلاً في منظمات الأمم المتحدة الرسمية ذات العلاقة مثل منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى المجتمع العلمي الطبي غير الرسمي.

وكل هذا يعني أن هذا المنتج، أو السجائر حسب المنظمات الصحية الدولية، وحسب دراسات العلماء، وباعتراف مصنعي السجائر أنفسهم يسبب الأمراض الفتاكة والمزمنة بالبشر، ويؤدي بهم إلى الموت المبكر، ويقضي على أجيال كاملة من الأطفال والشباب.

فهذا المنتج منذ ولادته مرَّ بعدة محطات محورية رئيسة تُعد بصمة عار في تاريخه الأسود، ففي عام 1988 أعلنت الجهة الحكومية المعنية بحماية الصحة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية على لسان الناطق الرسمي ويُطلق عليه بالجراح العام(surgeon general) بأن التبغ والتدخين يسببان الإدمان، وفي عام 1964 أعلن الجراح العام بأن التدخين يسبب السرطان، ومنذ عام 1966 حتى يومنا هذا توضع تحذيرات صحية على علب السجائر والتبغ بأن التدخين ضار ومسبب للسرطان، وفي عام 1998 رَفعتْ46 ولاية أمريكية معاً قضية مشهورة وتاريخية ضد شركات السجائر والتبغ والتي اعترفت فيها شركات الموت الجماعي هذه وبعد محاكمة ماراثونية طويلة بأنها أَنتجتْ طوال السنوات الماضية منتجاً يهلك الشعوب ويحولها إلى شعوب مدمنة على التبغ.

والآن وبعد كل هذه البراهين والإثباتات التي لا خلاف عليها ولا شبهة فيها، أُريد أن أسمع جواباً مقنعاً ووجيهاً من أية جهة معنية ومسؤولة عن استيراد المنتجات والسماح لها بالدخول في البلاد، وتقديم المبررات الدامغة والشافية للشعب البحريني التي على أساسها سمحت لهذه الآفة السامة التي تجري في شراييننا والمدمرة لصحة الشباب والشيوخ معاً من الدخول إلى البحرين؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق