الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

قميص مُشع منذ 70 عاماً


منذ 70 عاماً وهذا القميص الذي لبسته بنت يابانية في يومٍ من الأيام العصيبة مازال مشعاً وقاتلاً وتنبعث منه الملوثات المشعة المهددة لحياة الإنسان والتي تسبب الأمراض المزمنة لكل من يتعرض لها.

 

فما قصة هذا القميص المشع؟ ولماذا بقي مشعاً طوال هذه السنوات، وسيظل مشعاً لسنواتٍ طويلة قادمة؟

 

كان هذا القميص لبنتٍ عمرها 16 عاماً، وكانت ترتديه في المدرسة أثناء الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد في اليوم المشئوم على الشعب الياباني والعالم أجمع في السادس من أغسطس عام 1945 عندما ألقت الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة وقد تكون آخر مرة في تاريخ البشرية قنبلة الدمار الشامل الذرية النووية المدمرة للحرث والنسل والمهلكة للبشر والحجر، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، حيث مات فوراً أكثر من 80 ألف من سكان مدينة هيروشيما وتعرض عشرات الآلاف للإشعاعات القاتلة وأصيبوا بأمراضٍ مزمنة مستعصية على العلاج.

 

وكانت هذه البنت فور وقوع القنبلة الآثمة في المدرسة على بعد نحو 1.3 كيلومتر من مركز القنبلة، وبالتحديد في الطابق الثاني عندما سقط جدار مبنى المدرسة، وبدأ المبنى كله يتهاوى من شدة وقع هذه القنبلة، وقد حفظ الله روح هذه البنت التي تبلغ الآن من العمر عتياً حيث دق عمرها ساعة الـ 89 لتكون شاهدة حية على ذلك اليوم العظيم، فتحكي قصتها بنفسها، وتروي بلسانها الناطق الفظائع المؤلمة التي شاهدتها أمام عينيها، فتخلد ذكرى سقوط هذه القنبلة وتبين للبشرية جمعاء درجة تدميرها للإنسانية ومكتسباته التنموية.

 

وبعد نجاتها من هذه الكارثة العقيمة وعلاجها من الأضرار الصحية التي لحقت بها، احتفظت بهذا القميص وغسلته مرات عديدة لإزالة البقع السوداء التي لطخت القميص نتيجة للمطر الأسود الذي نزل مباشرة بعد إلقاء القنبلة، وبالرغم من ذلك فقد بقت آثار الجريمة البشعة تذكر الإنسان بذلك اليوم، ومازالت آثارها باقية، فقد تم مؤخراً وضع هذا القميص في متحف هيروشيما للسلام، حيث قام أحد العلماء في السادس من أغسطس 2018 في الذكرى السبعين لهذه الطامة الكبرى بإجراء تحليل على هذا القميص وتأكد بالتجربة العلمية أن هذا القميص مازال مشعاً وتنطلق منه منذ ذلك الوقت الملوثات المشعة، ولا يعلم إلا الله إلى متى سيظل هذه القميص مشعاً.

 

فهذه الكارثة الكبرى تثبت لنا مخاطر التعامل مع المواد المشعة بشكلٍ عام، سواء أكانت لأغراض سلمية في مجال الطب وتوليد الكهرباء، أو في المجالات العسكرية، ففي جميع الحالات يجب أخذ الحذر الشديد والإجراءات الصارمة جداً في التعامل معها ومع مخلفاتها، فإذا خرج هذه الغول الإشعاعي من محبسه فسيظل طليقاً مهلكاً أبد الدهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق