الاثنين، 17 ديسمبر 2018

هل سيكون مصير الإستراتيجية الوطنية للمياه كمصير إستراتيجية البيئة؟


هل تعلمون بأن هناك وثيقة حكومية رسمية معتمدة من مجلس الوزراء منذ أكثر من 13 عاماً وعنوانها "الإستراتيجية الوطنية للبيئة"؟

 

وهل تعلمون بأن هذه الإستراتيجية وافق عليها مجلس الوزراء، وفْقَ قراره رقم(1902-02) الصادر في الجلسة رقم (1902) المنعقدة في الثامن من أكتوبر 2006؟

 

وهل سمعتم أو قرأتم بأن هذه الإستراتيجية الوطنية للبيئة قد تم إعدادها بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وساهمتُ شخصياً في الإشراف عليها وإعدادها مع فريقٍ مرموق متعدد التخصصات والخبرات من علماء البحرين، ومكون من 64 عضواً يمثلون كافة الوزارات والهيئات الحكومية والجامعات والقطاع الخاص؟

 

وهل تعلمون بأن هناك تسعة فرق عمل منبثقة من فريق العمل الرئيس، قد تم تشكيلها لوضع الإستراتيجية الوطنية العامة والشاملة وتغطي كافة المجالات والقطاعات، ومنها فريق متخصص في "المياه"، حيث أوردت الإستراتيجية أهم القضايا الرئيسة المتعلقة بإدارة الثروة المائية، والرؤية الإستراتيجية المستقبلية في إدارتها والتعامل معها على المدى القريب والبعيد.

 

والآن وبعد مضي 13 عاماً على الموافقة على الإستراتيجية ونشرها رسمياً،ما الذي أحيا ذاكرتها في نفسي بعد مرور أكثر من عقدٍ من الزمان؟

 

لقد تذكرتُ الإستراتيجية الوطنية للبيئة عندما أعلنتْ الصحف المحلية خبراً في 26 نوفمبر بأن مجلس الموارد المائية وافق على مشروع "الإستراتيجية الوطنية للمياه لمملكة البحرين  2030"، والذي كما جاء فيها، تهدف إلى رسم السياسات والاستراتيجيات المائية العامة التي تسعى إلى حماية وتنمية الموارد المائية بما يكفل حسن استغلال المياه لمختلف الأغراض، كما ورد فيها بأن رسالة هذه الإستراتيجية تكمن أساساً في ضمان الإدارة الفاعلة لقطاع المياه لدعم التنمية المستدامة، كذلك تتمثل رؤيتها في أن يكون لمملكة البحرين بحلول عام 2030 نظام إدارة مائي فاعل وآمن ويصب في تحقيق أهداف الرؤية الاقتصادية للبلاد.

 

فاليوم أخوف ما أخافه هو أن تَلْقى "الإستراتيجية الوطنية للمياه لمملكة البحرين 2030" مصير الإستراتيجية الوطنية للبيئة، فإستراتيجية البيئة قد غابت فعلياً عن الأنظار منذ أن وُلدت، ودخلت في غياهب الأدراج المظلمة دون أن ترى النور طويلاً، وذلك بالرغم من متابعاتي الشخصية الحثيثة والملحة للوزارات لكي تقوم كل وزارة أو هيئة حكومية بدورها في تنفيذ الجانب والجزء الذي يقع ضمن اختصاصها ومسؤولياتها المباشرة، وخاصة أن ممثلي كافة الوزارات ساهموا بجدية وإخلاص وقضوا الأيام الطويلة في وضع هذه الإستراتيجية ومناقشة كل بندٍ من بنودها وبما لا يتعارض مع اختصاصات وزاراتهم.

 

فهذا الجهد المشكور والكبير الذي بذله القائمون على إستراتيجية المياه الوطنية لا أريد أن يضيع ويُهدر، ولا أريد من هذه الإستراتيجية الحيوية الهامة التي تعالج قضية المياه التي لا حياة بدونها وخُلقنا من صلبها أن تذهب مع الريح هباءً منثورا، فلا بد من المسئولين عنها أن يضعوا مع هذه الإستراتيجية "مُلحقاً" يضمن فيه تنفيذ كل كلمة منها، ولا بد من تحديد الآليات والوسائل التي تؤكد رؤيتها للنور وعلى أرض الواقع، ولا بد أخيراً من وضع آلية للمراقبة الميدانية ومعاقبة ومحاسبة أية جهة حكومية لا تقوم بدورها المنوط بها في التطبيق الفعلي.

 

 

إن الاستراتيجيات عادة عندما توضع يكون الهدف منها تقديم رؤية مستقبلية واضحة المعالم بحيث إنها تكون عملية وواقعية قابلة للتنفيذ لقضية محددة، أو مشكلة عامة تعاني منها الدولة وتسعى إلى علاجها وإيجاد الحلول المستدامة لها، فتكون هذه الإستراتيجية بمثابة خارطة الطريق التي تسير على هَدْيها الدولة في السنوات القادمة، أو أية جهة تنفيذية معنية بالقضية، دون أن تنحرف عن المسار، أو تضل الطريق بحيث تقوم كل جهة معنية بدورها في تنفيذ هذه الإستراتيجية حسب اختصاصها ومسؤولياتها. فالمشكلة والمعضلة الأساسية والتحدي الكبير لا يكون في تقديري في مرحلة وضع الإستراتيجية، وإنما تكمن في شِق "التنفيذ" وتفعيل كل بندٍ صغيرٍ كان أم كبير من هذه الإستراتيجية، فعادة بعد أن تنتهي الجهة المعنية بالإعداد والتوثيق لهذه الإستراتيجية، لا يسأل أحد عن التنفيذ، ولا توجد جهة حكومية مركزية مختصة بمراقبة ومتابعة تنفيذ وتطبيق التشريعات والقوانين والاستراتيجيات الموضوعة من قبل الدولة، فمرحلة التنفيذ مُهْملة عندنا، ويتم عادة تجاهلها ونسيانها.

 

فلا فائدة من الاستراتيجيات إذا لم يتم تنفيذها، ولا جدوى من إنفاق الجهد والوقت والمال لإعدادها إذا لم نكن جادين وحريصين على تطبيقها وتفعيلها منذ البداية، ولذلك أتمنى من حكومتنا تكليف جهة محددة للرجوع إلى الوراء قليلاً إلى جميع الاستراتيجيات التي وضعتها الحكومة، ثم تحديثها وتطبيقها وبما يتناسب مع آخر المستجدات على المستويين القومي والدولي.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق