السبت، 7 يوليو 2012

مرض الليجونير يضرب بريطانيا


تكتظ وسائل الإعلام البريطانية هذه الأيام بخبر إنتشار مرض الليجونير(Legionnaire) في بريطانيا، وبالتحديد في مدينة أدنبره عاصمة اسكتلندا، حيث مرض قرابة 100 شخصٍ، فادخلوا العناية المركزة وغرف الإنعاش لتلقي العلاج السريع قبل فوات الأوان، ولكن اثنين منهما قضيا نحبهما متأثرين بجراح هذا المرض.

فهذا المرض المفاجىء الذي ينزل على الناس بين الحين والآخر، يُعد من أمراض البيئات الداخلية أو البيئات المغلقة بسبب تلوث مصادر المياه بنوعٍ من البكتيريا يعيش وينمو عند وجود مياهٍ راكدة دافئة ولا تتحرك، ولا تتعرض مباشرة لأشعة الشمس، كالمياه التي تتكثف وتتجمع في الأنابيب الخاصة بأجهزة التكييف المركزي، والحمامات، وبرك الجكوزي، وأبراج تبريد المياه. وفي مثل هذه البيئات تتكاثر هذه البكتيريا التي تعرف ببكتيريا اللجينولا، فيتعرض الإنسان لقطرات هذه المياه الملوثة، فتنتقل هذه البكتيريا المعدية والقاتلة عن طريق الاستنشاق إلى الأنف، وتستقر في جسم الإنسان لفترة زمنية تصل إلى زهاء عشرة أيام، وبعدها تنكشف الأعراض التي تهدد حياة الإنسان وتشبه الإصابة بالالتهاب الرئوي الحاد، مثل الصداع، وآلام في العضلات والصدر، وارتفاع درجة حرارة الجسم، والكحة المزمنة، والإسهال، وأخيراً الموت، إذا لم يتلق المريض العلاج المناسب وفي الوقت المناسب.

وجدير بالذكر أن هذا المرض اكتشف حديثاً، وبالتحديد في يوليو عام 1976 في مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا أثناء انعقاد المؤتمر العام لمنظمة الجنود الأمريكيين المتقاعدين في فندق بليفيو ستراتفورد، حيث أصيب ضيوف الفندق بمرضٍ غريبٍ لم يعرفه الأطباء في ذلك الوقت، فأُدخل أكثر من 221 شخصاً إلى غرف الطوارئ لإنقاذهم من هذا المرض المفاجئ والغريب، مات منهم 34. ولم تنكشف أسباب هذه الكارثة الصحية إلا بعد أشهر، عندما حَلَّل أحد الأطباء مياه الفندق ووجد فيها نوعاً جديداً من البكتيريا أُطلق عليه اللجينولا إشارة إلى اسم منظمة المحاربين الأمريكيين القدماء(The American Legion).   

وفي الحقيقة فإن هذا المرض الشائع يُلفت انتباهنا إلى قضيةٍ هامة جداً متعلقة بالبيئات الداخلية، كبيئة المنزل، والمكتب، والفندق، والجامعة، والتي نقضي فيها جُل وقتنا في اليوم والليلة، ويؤكد ضرورة الاهتمام بها من حيث التعرف على كافة مصادر التلوث الموجودة فيها. فقد أكدت الدراسات التي قُمتُ بها شخصياً أنه في بعض الحالات تكون بيئة المنزل أكثر تلوثاً من البيئات الخارجية، فهناك مصادر للتلوث إذا لم يتم التعامل معها وإدارتها بأسلوبٍ بيئي وصحي سليمين فإنها تسبب مشكلة صحية مزمنة للإنسان. فمصادر التلوث في المنزل كثيرة منها الفرن المنزلي، والبخاخات بمختلف أنواعها، والسجاد، والأدوات الكهربائية، وحرق البخور والعود، والدهان، وبعض أدوات البناء والأثاث.

فكل هذه المصادر تُطلق ملوثات إلى بيئة المنزل، ولو كانت بنسبٍ منخفضة وتراكيز بسيطة، إلا أن الإنسان يتعرض لها لساعات طويلة من كل يوم فتؤثر على سلامته الصحية، وقد تؤدي إلى موته كما هو في حالة مرض الليجونير.  

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق