الأحد، 22 يوليو 2012

هل سيتأثر أداء الرياضيين بتلوث لندن؟


الضباب الضوئي الكيميائي الذي تحدثت عنه كثيراً في مقالات عدة، يزور الدول الأوروبية صيفاً، أي في الأشهر التي ترتفع فيها درجة الحرارة وتزيد فيها الفترة الزمنية التي تطلع فيها الشمس مقارنة بأشهر الشتاء والخريف حيث تغيب الشمس عن الأنظار في معظم الأوقات من اليوم.

ولظهور أشعة الشمس علاقة مباشرة بنوعية وكمية الملوثات، فأشعة الشمس فوق البنفسجية تعمل كعامل مساعد في التفاعلات الكيميائية الضوئية التي تحدث بين الملوثات في الهواء الجوي، ومن أهم الملوثات هي أكاسيد النيتروجين والمركبات الهيدروكربونية، أو ما يُطلق عليه بالمركبات العضوية المتطايرة، حيث إن هذه الملوثات تتحد مع بعض وتتفاعل وبوجود حرارة وأشعة الشمس تتحول إلى مجموعة خطرة من الملوثات وعلى رأسها غاز الأوزون السام، والتي تكون سُحباً صفراء بنية اللون لا تخفى على أحد، وتهدد في مجموعها حياة الإنسان بالأمراض المزمنة والحادة.

فظاهرة تلوث الهواء تعاني منها لندن منذ مطلع القرن التاسع عشر حيث الثورة الصناعية الأولى وولوج بريطانيا في عهد صناعة وتشغيل الآليات والمحركات التي تعمل بالخشب والفحم، ثم مشتقات النفط من ديزل وكاروسين وجازولين، فمنذ ذلك الوقت والهواء الجوي الذي يتعرض له المواطن يتغير حاله من سيءٍ إلى أسوأ، حتى وقعت الطاقة الكبرى والكارثة العظمى في عام 1952 عندما سقط أكثر من 4000 لندني صرعى خلال أسبوع واحد فقط. وبالرغم من الإجراءات التي اُتخذت لمنع وقوع كارثة مماثلة إلا أن التحديات زادت ومصادر تلوث الهواء كثرت، وبخاصة من الأعداد المتعاظمة من السيارات التي تنبعث عنها آلاف الملوثات المسرطنة والمدمرة لصحة الإنسان.  

والتقارير الرسمية الصادرة عن الحكومة البريطانية تؤكد الوضع المأساوي والخطير للهواء، حيث إن آخر تقريرٍ نشر يفيد بموت أكثر من 4000 لندني سنوياً لأسباب مرتبطة بتدهور نوعية الهواء، وبخاصة من ناحية الدخان أو الجسيمات الدقيقة الصغيرة الحجم والتي عادةً ما تحتوي في بطنها على ملوثات سامة وخطرة، إضافة إلى ارتفاع تركيز أكاسيد النيتروجين والتي تعتبر الأعلى مقارنة بالمدن الأوروبية الأخرى.


فهذا التدهور في نوعية الهواء لا شك بأن له تداعيات صحية خطيرة، وسيؤثر بشكلٍ مباشر على أداء وقدرة الرياضيين أثناء المنافسات الشديدة والقوية التي تدور بينهم في الألعاب الأولمبية، وبخاصة أنواع الرياضات التي تستغرق زمناً طويلاً للقيام بها، وتحتاج إلى مسافات طويلة خارج الملعب الأولمبي الرئيس، مما يتطلب من الرياضيين قدرة عالية وتحمل كبير، فيبذل فيها هؤلاء اللاعبون قصارى جهدهم وكل ما أتوا من قوة وصبر، مثل سباق الدرجات للمسافات الطويلة، وسباق المسافات المتوسطة والطويلة، وبخاصة الماراثون، إضافة إلى سباق الشوارع والسباقات الأخرى التي تنظم في المواقع الخارجية.

وهذا التخوف من إضعاف قدرة اللاعبين وتأثرهم من ارتفاع تركيز الملوثات في الهواء الجوي، أمر واقعي ومشهود، فقد وقعت حوادث كثيرة في الألعاب الأولمبية السابقة، مثل الألعاب الأولمبية الصيفية في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية عام 1984، عندما سقط العداء البريطاني ستيف أوفت(Steve Ovett) في السباق النهائي لمسافة 800 متر وهو يعاني من مشكلات في التنفس بسبب تلوث الهواء في مدينة لوس أنجلوس، والتي تشتهر منذ الأربعينيات من القرن المنصرم بتدهور هوائها وانكشاف ظاهرة السحب البنية الصفراء اللون في سمائها بين الحين والآخر ولساعات طويلة من اليوم أثناء أشهر الصيف.

فهذه القضية جد خطيرة، فهي تهدد حياة الناس في لندن، وحياة الرياضيين الذين جاؤا من كل حدبٍ وصوب للمشاركة في المنافسات ورفع اسمهم واسم دولهم عالياً، كما إن هذه القضية ستشوه سمعة بريطانيا ولندن خاصة، إذا لم تحقق هذه الدورة الأولمبية نجاحاً باهراً وملموساً من خلال تحطيم الرياضيين للأرقام القياسية الأولمبية والدولية السابقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق