الأربعاء، 20 مارس 2013

يدفعون صحتهم ثمناً للنمو الاقتصادي


منذ أكثر من ثلاثة عقود والصين تخطو خطوات متسارعة وكبيرة لتحقيق النمو الاقتصادي الذي بلغ في بعض الأوقات قرابة 11% دون الالتفات إلى الوراء قليلاً لتقييم تداعيات هذا النمو المتعجل والوقوف برهة لمعرفة السلبيات والايجابيات وتصحيح المسار التنموي نحو الأفضل.

ولكن الحوادث البيئية المميتة التي وقعت في السنوات القليلة الماضية، والتي وصلت ذروتها أيام الأعياد السنوية للصين في شهري يناير وفبراير من العام الجاري، حَركتْ الشعب الصيني بقوة، فانتفض بشدة من أجل حماية صحته وبيئته والدفاع عن حرماتها التي انتهكت سنواتٍ طويلة وهو واقف يتفرج عليها، وفي الكثير من الحالات تحولت هذه التحركات إلى مظاهرات عنيفة، التَحَم فيها الشعب ضد المسؤولين الحكوميين وشرطة الشغب فوقعت الضحايا البشرية من الطرفين، بل وإن الشعب نفسه وقف سداً منيعاً أمام إنشاء مشاريع تنموية جديدة تضر بصحتهم وسلامتهم وتهدد حياة مكونات البيئة.

وعندها اضطرت الحكومة الصينية المركزية إلى إبطاء عجلة النمو لمراجعة حساباتها التنموية، وتعديل خط سير النمو الاقتصادي، وطمأنة الشعب إلى أن مسار النمو الاقتصادي في السنوات القادمة لن يكون على حساب صحة الإنسان وسلامة بيئته من أنهارٍ وبحارٍ وهواءٍ لا يستغني عنها الإنسان لاستدامة حياته.  

وقد انعكس هذا التوجه على سياسات الحكومة الصينية عندما تعهدت في اجتماعها الأخير الذي عقد في مارس من العام الجاري على تنفيذ استراتيجيات جديدة وخطط عملية تهدف إلى تحسين صحة البيئة الفاسدة وتطوير نوعية حياة الفرد، حيث أكد رئيس الوزراء في الكلمة الافتتاحية للقاء السنوي للكونجرس الشعبي القومي على أن النمو الاقتصادي لن يكن على حساب كل شيء وبأية تكلفة كانت، وسيكون التركيز على التنمية الاجتماعية، كما وصف النمو في السنوات السابقة بأنه كان غير متوازنٍ وغير مستدام، وعلاوة على ذلك كله فقد دعا رئيس الوزراء الصيني أمام نواب الشعب عدة مرات إلى تغيير نمط ونموذج النمو الذي اتبعوه لعقود من الزمن من أجل خفض المخلفات وحماية صحة الشعب وبيئته.

ولكن ما لا افهمه هو لماذا قامت الصين والكثير من دول العالم النامي إلى تبني هذا النمط المتطرف غير المستدام للتنمية، وهي قد رأتْ أمام عينيها تجربة الدول الصناعية الفاشلة في النمو والتي أدت إلى وقوع الكوارث والضحايا؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق