السبت، 14 ديسمبر 2013

ملكة بريطانيا تفتتح..


قبل أيام قامتْ ملكة بريطانيا بافتتاح عمارة مكونة من 14 طابقاً في مدينة مانشستر الواقعة شمال إنجلترا، واسم هذه العمارة هو ون أنجل سكوير(One Angel Square)، وبلغت كُلفة بنائها زهاء مائتي مليون دولار.

 

ولكن ما مِيزة وسِر هذه العمارة لكي تُحمَّل ملكة بريطانيا نفسها عناء السفر، ومشقة الطريق لتقوم بافتتاحها رسمياً ومع تغطيةٍ إعلامية واسعة على مستوى بريطانيا برمتها، وحضورٍ جماهيريٍ شعبيٍ غفير؟

 

فالسبب في هذا الاهتمام الرسمي بهذا المبنى بالتحديد من بين عشرات الآلاف من المباني المنتشرة في كافة أرجاء بريطانيا هو فوزه بلقب ”أفضل عمارة بيئية في العالم“، ولذلك فإن هذا التكريم والاعتراف الدولي، وهذا التشريف العالمي لهذه العمارة البيئية والمستدامة هو الذي استحق رعاية الملكة إليزابيث وحضورها شخصياً لتدشين حفل الافتتاح.

 

فقد نالت هذه العمارة على أعلى درجة من بين قرابة مليون عمارة على المستوى الدولي عند تقييمها بيئياً وهي نسبة95.32%، وذلك باستخدام أداة وطريقة معترفة دولياً ومخصصة لتقييم العمارات من ناحية استدامتها، وحمايتها للبيئة، وحفاظها على الموارد والثروات البيئية الطبيعية من الناحيتين الكمية والنوعية، وهذه الأداة يُطلق عليها بطريقة التقييم البيئي لمؤسسة أبحاث المباني(Building Research Establishment Environmental Assessment Method).

 

وعادةً ما تستخدم عدة مصطلحات حديثة لوصف هذا النوع من البناء والعمارة، منها المباني الصديقة للبيئة، أو المباني المستدامة، أو المباني البيئية، وجميعها يصب في توافر مجموعة من العناصر والمقومات في مثل هذه المباني أو طريقة التصميم والبناء.

 

فالعنصر الأول هو الثروة المائية، وكيفية المحافظة عليها وترشيد استهلاكها أثناء مرحلة التصميم والبناء، ثم مرحلة التشغيل، وما هي مصادر المياه المستعملة في المبني، وما هي طرق تدويرها وإعادة استعمالها وتقنين استخدامها من قبل الساكنين في المبني، وما هي الأجهزة والمعدات والأدوات التي وُضِعت في المبنى لترشيد استهلاك هذه الثروة الحيوية.

 

والعنصر الثاني الذي يدخل في عملية التقييم البيئي للمبنى هو الطاقة، من حيث توليد ومصدر الطاقة، وهل هي مصادر نظيفة ومتجددة لا تنبعث عنها ملوثات، أم إنها مصادر تقليدية تعتمد على الوقود الأحفوري الناضب وغير المتجدد والملوث للهواء والماء والتربة. كذلك ما هي الوسائل والأجهزة والمعدات ومواد البناء المستعملة التي تهدف إلى خفض استهلاك الطاقة وترشيد استخدامها من قبل الساكنين في المبنى. أما العنصر الثالث فهو المواد المستعملة في عملية الإنشاء والبناء، وهل هي مواد تم تدويرها أم مواد تم استخراجها من باطن الأرض، ثم العنصر الرابع هو كيفية إدارة المخلفات الناجمة عن تشغيل المبنى، سواء أكانت مخلفات غازية أم صلبة أم سائلة، وهل يتم تدويرها وإعادة استعمالها، أم أنها تُصرف وتنتقل مباشرة إلى مواقع الدفن ومحطات معالجة مياه المجاري.

 

والعنصر الأخير فهو نوعية البيئة الداخلية التي يعيش فيها سكان العمارة ومدى شعورهم بالراحة والسعادة، من حيث درجة الإضاءة الطبيعية أو الصناعية، ونسبة الرطوبة، ودرجة الحرارة، وتركيز الملوثات في المكاتب والشقق وغيرهما.

 

فهذه العمارة البريطانية غطت بامتياز كل هذه العناصر بكفاءةٍ عالية، فمصدر الطاقة متجدد وهو الوقود العضوي أو الديزل الحيوي،ويأتي من المواد العضوية التي تزرعها الشركة صاحبة العمارة، إضافة إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء، كما أن واجهتها مزدوجة من أجل العزل الحراري وترشيد استهلاك الطاقة، والمخلفات السائلة تقوم بإعادة استعمالها وتدويرها، إضافة إلى جمع مياه الأمطار واستخدامها في مرافق العمارة مرة ثانية.

 

وإنني أتمنى أن تقوم الجهات المعنية في البحرين بعملية إعطاء الرخص للبناء أن تأخذ في الاعتبار الجانب البيئي فتضع بعض الاشتراطات التي تخدم حماية البيئة وصيانة مواردها من ماءٍ وطاقة عند الحصول على رخص البناء، حتى تكون عمارتنا في البحرين صديقة للبيئة ومستدامة.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق