الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

السجن بسبب التلوث الضوضائي



امرأةٌ إسبانية تعيش في مدينة بيجسردا(Puigcerdà)الواقعة شمال شرق إسبانيا، ترفع دعوى قضائية في المحاكم ضد جارتها التي تسكن في الشقة العلوية بسبب التلوث الضوضائي، أو الأصوات المزعجة لها والصادرة عن اللعب على آلة البيانو لعدة ساعات في كل يوم.

هذه الشكوى من الضوضاء العالية والأصوات المرتفعة، والتي يعتبرها الكثير من الناس أمراً بسيطاً وربما تافهاً لا يستحق الاهتمام، قد أثارت شغف ورعاية الصحف الغربية، ولا أقول الصحف الإسبانية لأن الدعوى القضائية قد رفعت في إسبانيا، ولكن الصحف البريطانية على حدٍ سواء.

فهذه المرأة اشتكت من معاناتها النفسية والجسدية التي قاستها أكثر من سبع سنوات بسبب تعرضها للضوضاء بشكلٍ يومي ومستمر، وظهرت هذه المعاناة على صورة أعراضٍ نفسيةٍ وفسيولوجية، منها الأرق وعدم القدرة على النوم، والإصابة بالقلق والتعرض لنوبات الخوف والفزع، والتغيب عن العمل، كما أصابتها ردة فعل شديدة ضد كل الآلات الموسيقية وعلى رأسها البيانو، وطالبت هذه المرأة بسجن جارتها التي أصبحت هي ضحية للأصوات العالية التي تصدر منها.

في الحقيقة فإن هذه الشكوى تمثل قضية كبيرة وواسعة النطاق تعاني منها نفسياً وعضوياً المجتمعات والشعوب عامة التي تتعرض لمصادر الأصوات العالية والتلوث الضوضائي الناجم عن الحركة المرورية، سواء أكانت من السيارات في الطرقات المزدحمة، أو الطائرات في الجو عند إقلاعها وهبوطها.

وتأكيداً لواقعية هذه المعاناة اليومية وانعكاساتها على الصحة العامة، وبالتحديد إصابة الناس بأمراض القلب المزمنة، فإنني أُلفت عنايتكم الكريمة إلى دراستين كبيرتين تم نشرهما في مجلة طبية مرموقة هي المجلة الطبية البريطانية(British Medical Journal) في أكتوبر 2013. أما الدراسة الأولى فقد شملت نحو 3.6 مليون من البريطانيين الساكنين بالقرب من مطار هيثرو، حيث أشارت إلى أن السكن بالقرب من هيثرو يزيد من مخاطر التعرض لأمراض القلب والأوعية القلبية، والدخول للمستشفيات بسبب الإصابة بالذبحة الصدرية بنسبة 10 إلى 20%، إضافة إلى ازدياد مخاطر الموت المبكر.

والدراسة الثانية فقد أُجريت في الطرف الثاني من المحيط، وبالتحديد في الولايات المتحدة الأمريكية، وشملت ستة ملايين أمريكي يعيشون بالقرب من 89 مطاراً، حيث أكدت على وجود علاقة قوية بين السكن بالقرب من المطارات وارتفاع أعداد الداخلين للمستشفيات بسبب أمراض القلب، وبخاصة بالنسبة عن كبار السن.

ولذلك لا بد من الحذر من التعرض للضوضاء بشكل مستدام ولساعات طويلة من النهار والليل، فللضوضاء آثار صحية نفسية وفسيولوجية عميقة، أخطرها التعرض لأمراض القلب والإصابة بالسكتة القلبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق